على الرغم من أن البحيرة من أكثر محافظات مصر من حيث انتشار الأمراض المزمنة، وعلى رأسها الفشل الكلوى والفشل الكبدى، إلا أنها تعانى من تدهور شديد فى الخدمة الصحية في كافة مدنها وقراها. والبحيرة التى تمتلك 440 وحدة صحية بينها 320 وحدة معتمدة، إضافة إلى 16مستشفى عامًّا وواحدة تتبع للمعاهد التعليمية و16مستشفى لخدمة الأسرة، إلا أنه بين ذلك العدد يبقى 60% خارج الخدمة، حيث تفقد الوحدات الصحية بالقرى أبسط الإمكانيات التى تسمح بتقديم الإسعافات الأولية لأبناء المحافظة. ورغم تعيين الدكتور محمد سلطان محافظًا للبحيرة منذ أشهر قليلة، وهو طبيب تولى مهام عديدة بوزارة الصحة من بينها رئاسته لمرفق إسعاف مصر، إلا أن رؤية المحافظ لعلاج مشكلات قطاع الصحة لم تظهر إلى الأفق حتى الآن. ويعد مركز كفر الدوار، وهو أحد أكبر مراكز البحيرة من حيث عدد السكان، أكثر ما يعانى من تردى الخدمات الطبية، فالوحدات الصحية المنتشرة فى قرى المركز صارت مهجورة، وتمثل وحدة قرية "سيدى غازى" حالة صارخة لذلك، حسبما أكد علاء مصباح أحد أبناء القرية، والذى أضاف أن الوحدة تغلق أبوابها فى الثانية ظهرًا من كل يوم، وحتى فى ساعات الصباح المحدودة لا تمتلك الوحدة أى مقومات لاستقبال أى مريض، ولا تتوفر بها أى إمكانيات للإسعافات الأولية. وفى مدينة كفر الدوار تحول مستشفى كفر الدوار العام إلى مكان مهجور، بعد بدء العمل فى المستشفى الجديد. ورغم قرار محمد نعمة الله وكيل وزارة الصحة الأسبق بتحويل المبنى القديم إلى عيادات خارجية، إلا أن أطباء المستشفى حولوا المبنى إلى ساحة للحيوانات الضالة، بعد هجره تمامًا لصالح عياداتهم الخاصة. ولكن الكارثة هي ما أكده "ناصر ع." من أبناء كفر الدوار أنه عندما ذهب بابنه لأحد أطباء الأنف والأذن لإجراء جراحة استئصال اللوزتين، فوجئ بالطبيب يطلب منه الذهاب إلى مستشفى كفر الدوار لإجراء العملية رغم خلوها من أى أجهزة وعدم جواز إجراء أى جراحة بها. وعندما سأل والد الطفل عن السبب، رد عليه الطبيب "هو أنت مش عارف إن العمليات ممنوعة فى العيادات؟"، وتم استدعاء طبيب تخدير حصل على 1000جنيه مقابل العملية التى تمت داخل المستشفى. وفى مدينة المحمودية جار الإهمال على كل محتويات مستشفى "أحمد وهبان العام"، وغاب الأطباء تمامًا عن المستشفى، رغم وجود دخل سنوى مخصص؛ لتوفير المستلزمات والأدوات الطبية، من خلال ريع تركه أحمد وهبان لصالح مرضى المستشفى العام، إلا أن قيادات المستشفى قاموا بتحويل الريع كله إلى مكافآت وحوافز فقط. ويشير خميس البنا إلى أن الإهمال بلغ فى مستشفى المحمودية درجة لا مثيل لها، فلا تجد طبيبًا واحدًا فى الاستقبال والطوارئ، ويُكتفَى بالممرضات لاستقبال المرضى إلا فى الحالات الخطرة، فيتم استدعاء الأطباء من استراحاتهم أو عياداتهم. وفى قرية "فيشا" بمركز المحمودية يقول عبد الغنى لبدة (موظف بالمعاش): "إن أهالى القرية لا يعرفون شيئًا عن الوحدة الصحية إلا فى أيام تطعيم الأطفال فقط، وما عدا ذلك فلا يوجد بالوحدة أطباء أو مستلزمات. فكيف يذهب المواطن لوحدة صحية ليس بها حتى الشاش والقطن؟"، مضيفًا أن القريه ينتشر بها مرض الفشل الكبدى وفيروس سى؛ مما يجعل المرضى فى خطر دائم، ويدفعهم إلى اللجوء للمستفشيات خارج القرية. ولا يبدو الأمر فى مركز أبو المطامير أفضل حالاً، فقد تعالت صرخات أهالى المركز؛ بسبب عدم وجود وحدة عناية مركزة بالمستشفى العام، والذى تولى مقاول إنشاءه من جديد منذ 5 سنوات، ولم ينتهِ حتى الآن لأسباب غير معلومة. ويقول أحمد الدياش إن شقيقه الأكبر أصيب بغيبوبة كبد، وحمله إلى المستشفى الذى رفض استقباله؛ لعدم وجود وحدة عناية مركزة، مضيفًا "وقمنا بحمله إلى مستشفى حوش عيسى، فلم نجد به مكانًا، ولم يكن أمامنا سوى التوجه إلى مستشفى خاص تكلفة اليوم الواحد فيه 100جنيه، إضافة إلى مصروفات الأدوية". وطالب الدياش بمحاسبة المسئولين عن التأخر فى الانتهاء من وحدة العناية المركزة بالمستشفى. ومن جانبه صرح الدكتور محمد سلطان ل "البديل" أن مستوى الخدمة الصحية فى محافظة البحيرة يصل إلى 70% فى تقديره، مضيفًا أن هناك 30 % من الوحدات الصحية تعانى من مشكلات مزمنة، منها نقص الأطباء، ومن المقرر أن يصل 700 طبيب جديد إلى البحيرة خلال شهر إبريل المقبل، واعترف بوجود نقص ملحوظ فى أسرَّة العناية المركزة؛ لذلك تقرر إنشاء وحدة عناية مركزة بها 16 سريرًا فى مستشفى الصدر بدمنهور. وأضاف أنه تم الاتفاق على إنشاء مستشفى عسكري ب "إقلاقة" بدمنهور وتخصص 18ألف متر له. ومن المتوقع الانتهاء منه خلال عام من الآن، وأنه تم الاتفاق على إنشاء وحدة لعمليات القلب بمستشفى كفر الدوار.