«غياب الخطة الاستراتيجية للدولة، واتباع سياسة المسكنات، وانعدام الشفافية».. أبرز ما علق به الخبراء الاقتصاديين على أداء حكومة المهندس إبراهيم محلب خلال عام مالي كامل. وكان آخر كوارث الحكومة، إعلان افتتاح ألف مصنع، فوجئت بعدها الرئاسة عند حصرهم أنه لا يتجاوزوا 50 مصنعًا فقط، بخلاف رفع الدعم عن الطاقة، وارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 6 ملايين شاب، وانخفاض حجم الصادرات محققًا 24.8% من المستهدف، وارتفاع معدلات التضخم إلى 13.5% خلال مايو الماضى، عما كانت عليه خلال نفس الشهر من العام الماضي بواقع 10.8%. قال الدكتور سرحان سليمان، المحلل والخبير الاقتصادى، إن الحكم على أداء الاقتصاد المصرى من خلال مؤشرات التقييم، يكمن فى تراجع الدخل القومى المرتبط بالسياحة، والاستثمارات الأجنبية، وعائد قناة السويس، والإيرادات الضريبية، وعزوف البنوك عن منح قروض للمستثمرين، وتراجع نمو الصادرات، خاصة الزراعة عصب الاقتصاد، بالإضافة إلى الفجوة بين حجم الإنتاج المحلى بنحو 3% ومعدل نمو السكان المرتفع باستمرار بنسبة 2.5% سنويًا، ما يتطلب زيادة الإنتاج المحلي لما يفوق ال7.5%، الأمر الذى فشلت في تحقيقه الحكومة حتى الآن، مما عرض المواطن البسيط للجوع والفقر بعدما توحشت الأسعار، وعجزت قواه الشرائية عن تلبية احتياجاته، ليترتب على ذلك ارتفاع معدلات البطالة فتفردت مصر باحتوائها على 6 ملايين عاطل. وأضاف "سليمان" أن الحكومة لاتزال تعتمد على سياسة المسكنات، ولا تملك أية حلول جذرية للمشكلات المستعصية، وسط غياب تام لخطة الدولة الاستراتيجية فى معالجة ملفات "الفقر والتعليم والصحة"، مطالباً بوجود مؤشرات أداء لتقيم ومحاسبة القائمين على تلك الملفات، موضحًا أن ماليزيا والبرازيل تمكنتا من تحقيق طفرة اقتصادية خلال 8 أعوام، وسط ظروف أصعب من ما شهدته مصر. وعرض "سليمان" بعض الإحصاءات لأداء الاقتصاد المصري، مؤكدا أن حجم الصادرات لم يتعد 24,83% حتى أبريل 2015، وبلغت قيمة الصادرات غير البترولية نحو 1,498 مليار دولار بما يعادل 11,29 مليار جنيه، وهو الانخفاض المتتالى للشهر الرابع، بحسب الأرقام الرسمية وفقا لتقرير الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات؛ بسبب عجز الحكومة عن تحقيق إنتاج سريع يدر ربحا مستقرا. وقدم الخبير الاقتصادى بعض الحلول لتجاوز الأزمة الراهنة، منها العمل على تنفيذ مشروعات حيوية تسد فجوة الطلب بالسوق المصري من خلال توفير منتج محلي بجودة عالية؛ ما من شأنه زيادة الناتج القومي، وتراجع المؤشر العام لأسعار المستهلكين "معدل التضخم"، لترتفع القيمة الحقيقية للنقود، ومعها القدرة على شراء سلع وخدمات أكبر، واتساع فرص تحسين المعيشة، ويتبع ذلك ارتفاع في جميع المؤشرات الخاصة بالمستهلك، حتى المتعلقة بخدمات الصحة والتعليم والسياحة وجميع قطاعات النشاط الاقتصادي، بالإضافة إلى أن معدل النمو في مصر حبيس الوضع السياسي وتحقيق المعدلات المرتبطة بوجود مناخ سياسي وأمني مستقر. وطالب "سرحان" بضرورة تعامل الحكومة بحسم مع الضرائب المستحقة على رجال الأعمال وتحصيلها فى أسرع وقت، ليشعر المواطن البسيط بأن الحكومة تحفظ له حقوقه، ولا تبتزه لصالح كبار رجال الأعمال. وفي سياق متصل، قال الدكتور صلاح جودة، مدير مركز الدراسات الاقتصادية، ساخرا إن ما تم إنجازه فى الملف الاقتصادى خلال سنة من حكم الرئيس، رفع الدعم عن الطاقة "الكهرباء، والبترول، والبوتاجاز، والمياه، والغاز" ولم يعترض الشعب، بالإضافة إلى الحد "الأدنى للأجور" رغم صدور قانون بذلك لم يتم تطبيقه على جميع العاملين فى أجهزة الدولة، فضلا عن أن صندوق "تحيا مصر" لم يتم تمويله كما كان مطلوبا من الرئيس، وكان يأمل فى جلب حوالى "100 مليار جنيه" وما تم جمعه لا يتجاوز "3 مليارات جنيه"، و55% من قيمته لأفراد القوات المسلحة. وتابع مدير مركز الدراسات الاقتصادية: "نتج عن رفع الدعم كليًا، زيادة أسعار الخضروات والفاكهة وجميع السلع الغذائية بنسب لا تقل عن 100% فى بعض السلع و150% فى سلع أخرى، مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة لتبلغ 13% بعد أن كانت حوالى 12.5%، وانقطاع الكهرباء فى معظم الأحيان لفترات طويلة، خاصة فى الريف والصعيد، وآخرها انقطاع الكهرباء عن مبنى ماسبيرو، أحد ركائز الأمن القومى المصرى، بالإضافة إلى حوادث الطرق التى زادت لدرجة أن عدد القتلى والمصابين سنوياً يتجاوز 25 ألف شخص، بجانب إغفال صدور القوانين والتشريعات الاقتصادية حتى الآن. وأوضح "جودة" أن المؤتمر الاقتصادى جاء انعقاده بفائدة كبيرة على مصر، لكنه نجح على المستوى السياسى، وفشل على المستوى الاقتصادى، ولم يتم تفعيل قرارات المؤتمر الاقتصادى، وتحويل "خطابات النوايا" و"مذكرات التفاهم" إلى واقع ملموس بسبب "نقص الخبرة الوزارية" والأداء المتواضع لبعض المسئولين، وانخفاض الصادرات بنسبة 20% عما كان عليه فى العام الماضى، ولم ترد كما وعد الرئيس، فضلا عن زيادة الواردات إلى 72 مليار دولار، بجانب صدور القوانين العشوائية والاضطرار إلى الرجوع عنها كما حدث فى ضريبة الأرباح على البورصة. وانتقد مدير مركز الدراسات الاقتصادية، السياسة النقدية الخاطئة التى عملت على زيادة أسعار الدولار فى السوق الموازية لما يقارب 8 جنيهات، وبذلك نجد أن الملف الاقتصادى لم يأخذ حقه كملف السياسة الخارجية، بالإضافة إلى خفض الضريبة على الشرائح الكبرى لتصل إلى 22.5% بعد أن كانت 30%، ما يصب فى صالح الطبقة العليا فقط، مضيفا: "انحدار الاقتصاد المصرى يرجع إلى أداء الحكومة المتخبط والعشوائى"، مقيما أداء الرئيس السيسى بعد عام من الحكم بنسبة نجاح 46%.