فى وقت ليس ببعيد، وتحديدًا عقب ثورة يناير، طالبت القوى الثورية بإلغاء جهاز أمن الدولة والانتهاء من قانون الطوارئ؛ لما تذوقوه من قهر؛ بسبب عدد من الإجراءات التى كانت تحدث فى المواطنين عمومًا والنشطاء خصوصًا،من اختفاء قسرى، واعتقال عشوائى من قوات الأمن التى تلاحقهم بالشوارع، أو من زوارالفجر الذين اعتادوا انتهاك حرمات البيوت فى أي وقت بسبب قانوني أو بدون. وعلى الرغم من إلغاء جهاز أمن الدولة وإنشاء الأمن الوطنى بدلاً منه، والمنوط به نفس دور أمن الدولة، ومع انحصار الحركة الثورية بالشارع عقب 30 يونيو، بدأت أخبار زوار الفجر والاختفاء القسرى يتم تداولها بصفة يومية، حيث أصبحت معتادة مع معرفة أخبار كل يوم. الأممالمتحدة: 600 مصرى تعرضوا للاختفاء القسرى عرف النشطاء والسياسيون زائر الفجر من قديم الأزل، ومع اندلاع الثورة بدأ زوار الفجر التقليل من زيارتهم لمن عليهم الطلب من النشطاء، حتى اختفوا لفترة من الزمن لم تطل كثيرًا، وبدأت من جديد مع حكم محمد مرسى، حينما تم إلقاء القبض على أكثر من 20 شابًّا فى وقت الفجر، فى القضية التى عرفت بال"بلاك بلوك"، ثم تم إخلاء سبيلهم. وبدأ مؤشر زوار الفجر فى التصاعد مرة أخرى عقب 30 يونيو، ومع بداية خروج عدد من المعارضين الرافضين لحالة الحصار السياسى، والتى ازدادت مع إقرار قانون التظاهر، فعاد زوار الفجر من جديد؛ ليمارسوا مهاراتهم فى اقتحام البيوت. كانت آخر تلك الزيارات لمنزل الشيخ أنس السلطان أحد تلامذة الشيخ عماد عفت، شهيد مجلس الوزراء، حيث اقتحمت قوات الأمن منزله فجر الثلاثاء الماضي، وتم اقتياده مع أشقائه إلى جهة غير معلومة حتى الآن، دون إبداء أي أسباب. من جانبها، أصدرت اللجنة المعنية بحالات الإخفاء القسري بالأممالمتحدة نداء عاجلاً، طالبت فيه السلطات المصرية بالكشف عن مصير مئات من حالات الاختفاء القسري في البلاد، والتى قدرت بما يقرب من 600 مواطن، كما طالبت رابطة الاختطاف والاختفاء القسري الدولية الحكومة المصرية بالتوقيع على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، التي تجرم هذه الممارسة في الدول الأعضاء بالأممالمتحدة. ومع نهاية عام 2014، وثقت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تعرض 129 شخصا للاختفاء القسري منذ أكثر من عام، مع رفض السلطات المصرية توضيح مصيرهم حتى الآن، إضافة إلى عشرات حالات الاختفاء التى تعرض لها طلاب وطالبات قبل بدء العام الدراسي الحالي. وشددت المنظمة أن اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والمعتمدة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 47/133 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1992 على أنه "يعتبر كل أعمال الاختفاء القسري جريمة ضد الكرامة الإنسانية ويدان بوصفه إنكارا لمقاصد ميثاق الأممالمتحدة وانتهاكا خطيرا وصارخا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية". وفي إحصاء لمركز ويكى ثورة، قال إن إجمالى المحتجزين بمصر منذ عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو 2013 حتى 15 مايو 2014، بلغ "41163″ مقبوضًا عليه أو متهمًا في واقعة أو قضية في جميع محافظات الجمهورية. فيما نشرت صفحة "الحرية للجدعان" أن قوات الأمن ألقت القبض على السيد محفوظ خليل وابنيه "نور الدين، وإسلام"، وذلك في الساعه الثانية والنصف فجر يوم الأحد الموافق 24 مايو 2015 بدون إذن من النيابة، ولم يستدل على مكانهم حتى الآن. وفى منتصف شهر أبريل الماضى، قامت قوات الأمن باختطاف أستاذ طب الأسنان محمد الخضرى بمدينة بورسعيد، والذى يعمل أيضًا رئيسًا للجمعية المصرية لطب الأسنان، من الشارع بمدينة بورسعيد، واقتادته إلى مكان مجهول. كما أعلنت أسرة الطالب منصور أشرف عن اختطافه يوم 25 مايو الجارى، بعد انتهائه من أداء امتحانه في جامعة عين شمس، حيث كان يتحدث مع أحد أصدقائه في الهاتف، وفجأة قال له "أنا باتخطف"، وتم إغلاق هاتفه بعد ذلك، ولا يعلم أحد حتى الآن مكانه، وقامت والدته بإرسال تليغراف للنائب العام، يذكر أن منصور طالب بالفرقة الأولى بكلية الزراعة بجامعة عين شمس، ويعمل كمراسل لشبكة "يقين" الإخبارية. وكانت آخر حوادث الاختطاف، ما تعرضت له أسرة بأكملها فى الحى العاشر بمدينة نصر شرقى القاهرة؛ حيث تلقى النائب العام، الثلاثاء 5 مايو، بلاغًا يفيد باختطاف المدرس بالأزهر أحمد محمد الصغير وزوجته المدرسة بالأزهر أيضًا هالة محمود صالح وابنتيهما جودى (2.5 سنة) وجنى (3 شهور) من داخل شقة سكنية يستأجرونها بالحى العاشر بمدينة نصر بشرق القاهرة، واقتيادهم إلى مكان مجهول. وبعد 48 من الاختفاء القسرى، أكدت مصادر مقربة من أسرة المدرس المختطف، أن قوات الشرطة كشفت، يوم الأحد 10 مايو 2015، عن مكان احتجاز الأسرة داخل قسم شرطة أول مدينة نصر، وقاموا بتسليم الطفلة الرضيعة لأحد أقارب الأسرة، فيما أصرت الأجهزة الأمنية على احتجاز "المواطن أحمد الصغير وزوجته وابنته، التى لم تتجاوز العامين والنصف داخل قسم الشرطة". «صحفى.. طالب» الجميع أمام الاعتقال فى الفترة الأخيرة، تزايدت حالات القبض على الطلاب والصحفيين، وكانت أبرز قضايا الطلاب ما حدث مع إسلام عطيتيو الذى تم اختطافه من داخل لجنة الامتحانات من قبل قوات الأمن ثم قتله وإلقائه بالصحراء. وأكدت الشبكة العربية فى تقرير لها أن عدد الصحفيين المحبوسين وصل إلي 62 منهم 54 محبوسين احتياطياً، و8 محكوم عليهم، فيما كانت أبرز قضايا الصحفيين الذين تم القاء القبض عليهم مؤخراً أحمد جمال زيادة، الذى قضت المحكمة ببراءته مؤخراً بعد حبسه أكثر من عام احتياطياً. "النقابة كانت تنتظر مني أن أموت أو أسقط قتيلاً، حتى تتبنى قضيتي، رغم أنني أشك في ذلك أيضًا، ربما هناك حسابات أخرى لديها".. كلمات قالها الصحفى محمود شوكان، الذى اعتقل منذ فض اعتصامى رابعة والنهضة، وعلى الرغم من الإفراج عن خمسائة ممن اعتقلوا معه على خلفية نفس الأحداث، إلا أن "شوكان" مازال حبيس الجدران داخل زنزانته. كما تم القبض على المراسل الصحفي حمد على حسن من منزله هو وزوجته فجر يوم الخميس 11 ديسمبر 2014، بمنطقة أرض اللواء ببولاق الدكرور بالجيزة، وتم إطلاق سراح زوجته، بينما تم احتجازه للمثول للتحقيق، ولم يتم الإفراج عنه حتى الآن. من جانبه، أكد المحامى محمد حافظ، أن النيابة أحالت قضية المصور الصحفى بموقع كرموز بالإسكندرية عبد الرحمن عبد السلام لمحكمة استئناف الإسكندرية؛ تمهيدًا لتحديد جلسة له بمحكمة الجنايات؛ وذلك على خلفية القبض عليه فى شهر مارس الماضى أثناء تغطيته لحرق نقطة شرطة بالإسكندرية. أصدرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير مؤخرا التقرير السنوي الثاني، راصدة 201 واقعة انتهاك ضد طلاب الجامعات المصرية، شملت اعتداءات قوات الشرطة على الحرم الجامعي، وبلغت 88 حالة اقتحام من قِبَل قوات الشرطة للجامعات المصرية الحكومية وجامعة الأزهر، أسفرت عن مقتل 12 طالبًا داخل الجامعة أو في محيطها، والقبض على 760 طالبًا داخل الجامعة أو من منازلهم، وحتى الآن لم يطلق سراح سوى 99 فقط، بالإضافة لاعتداء أفراد الأمن الإداري ومجهولين بزي مدني على مظاهرات وفعاليات طلابية. الاختفاء القسرى تضاعف بعد 30 يونيو.. وأهالى المختطفين قنبلة موقوتة يقول مهاب سعيد، الحقوقي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، إن النظام الحالى استخدم الحلول الأمنية لمواجهة الحراك الطلابي في الجامعات خلال العام الدراسي السابق، بهدف السيطرة على الجامعات التي واجهت حالة من عدم الاستقرار ومعدلات متزايدة وغير مسبوقة للعنف، وشهدت الجامعة أسوأ عام دراسي على الإطلاق منذ سبعة عقود على الأقل، مضيفاً أن النظام بعد 30 يونيو اتجه لتأميم المجال العام الذي نجحت ثورة يناير في تحرير مساحات كبيرة منه. من جانبه، أوضح عبد الرحمن جاد، الباحث الحقوقي والمختص بملف الاختفاء القسرى والتعذيب بالمفوضية المصرية، أن الأهالى يئنون وجعا وغضبا بسبب إختفاء ذويهم، مؤكدا أن حالات الاختفاء القسرى تتم عبر طريقتين، الأولى بالقبض الشخص أثناء التظاهرات وفض الاعتصامات مثلما حدث وقت فض اعتصامى رابعة والنهضة وأحدث المنصة، والطريقة الثانية والأكثر منهجية عن طريق زوار الفجر والاختطاف من المنزل، ويظهر بعد عدة أيام أو بعد أشهر قليلة. وأكد "جاد" أن الاختفاء القسرى ظهر عقب الثورة مع عهد المجلس العسكرى السابق، لكنه تزايد بعد 30 يونيو ليصل إلى أعداد مهولة لم يتم رصدها بدرجة دقيقة حتى الآن، لافتا إلى حالة من العزوف الإعلامي تجاه القضية وخصوصا من المؤسسات الصحفية المنحازة للسلطة والتى تعد الأكثر تواجدا على الساحة الصحفية والإعلامية، مختتما: "هناك حالة من الغضب تنتاب أهالى المختطفين، ويعتبر قنبلة موقوتة من المحتمل أن تنفجر فى أى وقت".