مشاورات مستمرة ومفاوضات ماراثونية ولقاءات مكثفة بين رؤساء أركان جيوش الدول العربية، سعيًا للوصول إلى صيغة نهائية يتم على أساسها تشكيل قوة عربية مشتركة يكون بإمكانها التدخل السريع لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أيا من الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية. شهد مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة خلال اليومين الماضيين مشاورات عدة بحضور رؤساء أركان جيوش الدول العربية، لاستكمال مناقشة الإجراءات التنفيذية بشأن إنشاء القوة العربية المشتركة، وهي الإجراءات التي جرت مناقشتها خلال الاجتماع الأول نهاية الأسبوع الماضي، والتي من المقرر عرضها على "مجلس الدفاع العربي المشترك". يسابق رؤساء أركان جيوش الدول العربية الزمن لتشكيل هذه القوة التي تم الاتفاق عليها في قمة شرم الشيخ، حيث يواصلون اجتماعاتهم الماراثونية بعد أن تم تحديد مهلة أربعة أشهر لانجاز هذه المهمة. شارك رؤساء أركان ومسئولون عسكريون من 21 دولة عربية، عدا الجزائر التي مثلها في الاجتماع مندوبها الدائم بالجامعة العربية "نذير العرباوي"، وظل مقعد سوريا شاغرًا نظرًا لتجميد عضويتها في الجامعة العربية. ترأس الاجتماع رئيس الأركان "محمود حجازي"، الذي قال إن القمة العربية الأخيرة وضعت جدولاً محدداً لإنشاء هذه القوة ينتهي في 29 من يوليو المقبل، وتمنح هذه المهلة رئاسة القمة والقادة العرب فترة شهر للتشاور قبل اعتماد القوة التي تشارك فيها الدول اختياريًا. اتفق رؤساء الأركان على رفع "بروتوكول" تشكيل القوة العربية المشتركة إلى "ترويكا رئاسة القمة العربية"، وعرضه لاحقًا على مجلس الدفاع العربي المشترك، وتضم هذه الترويكا كلا من الكويت "الرئيس السابق للقمة العربية"، ومصر "الرئيس الحالي"، والمغرب "المقرر أن تستضيف الدورة المقبلة من القمة العربية في مارس 2016″. ينص البروتوكول على عقد اجتماع سنوي في شهر نوفمبر مع تعيين قائد عام للقوة لمدة عامين وآخر ميداني لكل مهمة، ويحدد البروتوكول المقترح مهمات القوة العسكرية المشتركة، ومنها التدخل السريع لمواجهة التحديات والتهديدات بالإضافة إلى المشاركة في عمليات حفظ السلام وتأمين عمليات الإغاثة وتأمين خطوط المواصلات البحرية، ويترك ما تم التوافق بشأنه الباب مفتوحًا أمام كل دولة عضو في الجامعة العربية للمشاركة في القوة المشتركة، إضافة إلى تحديد نسبة المساهمة المالية لكل دولة وفق ما يحدده المجلس الأعلى للدفاع. وفي ختام الاجتماع الثاني لرؤساء الأركان، قال الأمين العام للجامعة "نبيل العربي"، إن "رؤساء الأركان أكدوا خلال مداولاتهم أهمية وضرورة تشكيل القوة العربية المشتركة، نظراً للأبعاد الإستراتيجية المتعلقة بها لحاضر ومستقبل المنطقة العربية، ومواجهة التحديات التي تواجهها في صيانة الأمن القومي العربي، والحفاظ على سيادة الدول واستقلالها وسلامة ترابها الوطني ووحدة أراضيها"، ومضى "العربي" قائلا، إنه "تم الاتفاق على تشكيل القوة العربية المشتركة، تمهيداً لإقرار البروتوكول الخاص بهذا الشأن، وذلك توطئةً لرفعه لترويكا رئاسة القمة العربية، وعرضه لاحقاً لمجلس الدفاع العربي المشترك". تشكيل القوة المشتركة ليس بالأمر السهل، حيث يرى بعض المراقبين أن هذه القوة سوف تواجه العديد من التحديات الكبيرة، أولها رفضها من قبل الدول الغربية وخاصة التحالف الأمريكي الصهيوني الذي سيحاول حتمًا تفتيت هذه القوة مثلما يحاول تفتيت الدول العربية وزرع الضغائن بينها لإضعافها، فهذه القوة التي من المفترض أن تتجمع فيها كل الدول العربية قد تشكل تهديدا واضحا ومباشرا لأي دوله غربية تحاول المس بحقوق إحدى أعضائها كما أنها قد تقلب ميزان القوى الاستراتيجية في المنطقة وهو ما سوف تعمل أمريكا وحلفائها على منعه. من ناحية أخرى، تواجة القوة العربية المشتركة تحديات داخلية، حيث توجد خلافات سياسية بين أعضائها، أقربها الخلاف بين القيادة السورية والدول الخليجية وعلى رأسها السعودية، أو الخلاف بين قطر ومصر، وغيرها من الخلافات الصامته بين العديد من الدول الأعضاء في هذه القوة، كما يوجد اختلاف في وجهات النظر بين رؤساء أركان الجيوش العربية وهي التي كانت سببًا في عدم الإعلان عن أي خطوات تجاه تشكيل القوة العربية المشتركة، حيث طلب عدد من القادة مراجعة رؤسائهم في عدة أمور مرتبطة بالقوة، من بينها الموافقة على مقر القيادة ليكون القاهرة، وهو المطلب الذي وجد تأييداً سعودياً ومعارضة قطرية جزائرية وتحفظًا عراقيًا، وهو ما يشكل تحديا جديدا ويعكس انعدام في الثقة بين تلك البلدان.