شهدت هيئة سوق المال أو البورصة المصرية خلال الفترة الماضية، خسائر عدة علي خلفية الانفلات الأمني والسياسي للدولة المصرية عقب اندلاع ثورة 25 يناير، تخللتها فترات استقرار شبه نسبية، ليأتي قرار فرض ضريبة علي الأرباح الرأسمالية، ضربة أخري في طريق الخسائر بعد تلويح وزارة المالية بالقرار وإخراج قانون خاص بذلك علي الرغم من عدم تفعيله أو صدور لائحته تنفيذية للتطبيق، ليصرخ المتعاملون في السوق جراء الخسائر التي لحقت بهم بخلاف هروب "المحظوظين" من الأجانب لأسواق أكثر أمنا واستقرار عن النموذج المصري. وعلي الرغم من محاولات الحكومة المستميتة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قررت رئاسة الوزراء إرجاء تطبيق القانون لمدة عامين، ليصعد مؤشر البورصة علي خلفية القرار إلي أعلي مستوياته، لدرجة أن إدارة البورصة علقت التداول لمدة نصف ساعة بعد تجاوز الحد الأقصي للتداول، وتختتم علمياتها علي أرباح قدرت ب8 مليارات جنيه، ثم يتقلص ذلك الربح ل1.2 مليار جنيه في اليوم التالي، لتنقلب الأرباح رأسا علي عقب في اليوم الثاني للقرار، وتتحول لخسارة ب2.4 مليار جنيه. كل ذلك يعكس تحول السوق لنوع من المقامرة والتلاعب من جانب البعض لغياب الرقابة، في ظل عدم وضوح قانون الاستثمار أو خروج تشريع هيئة سوق المال للنور حتي الآن، ليصبح العوامل المحفزة لاكتتاب صغار المستثمرين غير متوافرة لزيادة العمليات، ومن ثم ينعكس علي الإيرادات التي يحققها ذلك السوق. يقول الدكتور مصطفي النشرتي، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة مصر الدولية، إن قرارات الحكومة تعتبر أهم الأسباب في التلاعب بالبورصة، خصوصا أن وزارة المالية تسببت في خسارة البورصة وخروج مليارات الجنيهات منها، معتبرا أن قانون الأرباح الرأسمالية المؤجل لمدة عامين بموجب قرار رئاسة مجلس الوزراء، كان غير مفهوم. وأضاف "النشرتى" أن القانون المذكور يسمح بفرض الضريبة علي العمليات التي تتم عبر البورصة لأكثر من 10 مرات، بجانب أن أكثر من 60% من المستثمرين بالبورصة، أجانب غير مقيمين بمصر، وبالتالي يصعب حصر تلك الضريبة وتحديدها. وأوضح "النشرتي" أن نسبة التلاعب في البورصة وانحرفاتها لا تتجاوز 5%، في ظل وجود رقابة من جانب هيئة سوق المال، مطالبا بإيقاف أية مرحلة تداول إذا ثبت وجود شبهة بها، خاصة بعد قضية التلاعب في البورصة علي يد جمال وعلاء مبارك نجلي رئيس الجمهورية الأسبق. من جانبه، قالت الدكتورة هدى المنشاوى، مدير إدارة البحوث والتحليل الفني للمجموعة المصرية للأوراق المالية والخبيرة المصرفية، إن هناك مقولة معروفة في البورصة المصرية وهي "الشراء علي الشائعة والبيع علي الخبر"، بمعني أنها تتأثر بالأخبار والتصريحات التي يطلقها الوزراء، خصوصا بعد إعلان تأجيل الضريبة علي الأرباح الرأسمالية وتعاملات البورصة، الأمر الذى ساعد في تحقيق أرباح كبيرة، إلا أنها انخفضت في الأيام التالية للقرار. وأشارت "المنشاوي" إلي أن السيولة الموجودة في البورصة لم تكن مخصصة للاستثمار، إذ تعتبر "أموالا ساخنة"، لافتة إلي أن أية عملية تلاعب في البورصة تكون بسبب عدم وجود رقابة. وأكدت "المنشاوي" أن أي تغيير بحاجة لتعديل قانون هيئة سوق المال وإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الموحد المعتمد قبل انعقاد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، ولم يتم تفعيله أو العمل به حتي الآن، نظرا لعدم خروج لائحته التنفيذية، مما يعني أننا مازلنا نعمل دون قانون الاستثمار.