بعد مماطلة الولاياتالمتحدةالأمريكية في تسليح الجيش العراقي، والإخلال بالوعود والاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، بدأت الحكومة العراقية تتجه نحو روسيا لطلب تسليح القوات العراقية في حربها ضد "داعش"، بدلا من الاعتماد على وعود أمريكية كاذبة. أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي" أن الأخير سيزور العاصمة الروسية موسكو قريبًا بناء على دعوة رسمية وجهت له من قبل الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، لبحث العلاقات الثنائية ودعم روسيا للعراق بمجال التسليح والمعلومات الاستخباراتية وتعزيز قدرات المؤسسة الأمنية والعسكرية في العراق، وقال المتحدث باسم المكتب، إن "هناك ثلاث ملفات رئيسة سيتم بحثها خلال الزيارة أهمها تطوير العلاقات الثنائية"، وقالت مصادر حكومية إن "العبادي" سيبحث تفعيل الاتفاقات السابقة في المجال العسكري، التي توقفت خلال السنوات الأخيرة"، مشيرة إلى أن "وزراء الداخلية والدفاع والنفط والخارجية سيرافقون العبادي إلى موسكو". زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى موسكو هدفها الأول هو طلب العون الروسي عسكريًا عبر تزويد الجيش بالسلاح، بعد فقدان الأمل بالحصول على الدعم الأمريكي، حيث قرر الكونجرس مؤخراً وضع شروط على بغداد مقابل التسليح، أبرزها "إنهاء دعم الحكومة العراقية للحشد الشعبي الذي يقاتل بجانب القوات الحكومية هناك"، وهو ما جعل العراق لا يستطيع الانتظار أكثر تحت رحمة التسليح الأمريكي. في المقابل تتميز العلاقات العراقية الروسية بالتعاون الثنائي الوثيق في عدة مجالات خاصة المجال العسكري، حيث توجد بين العراقوروسيا صفقة تسليح عقدت قبل سنوات، شابتها ملفات فساد، أقيل على إثرها المتحدث باسم الحكومة العراقية السابقة "علي الدباغ". تدرك أمريكا جيدًا أن العراق الآن بحاجة إلى تسليح قوي للقضاء على تنظيم "داعش" هناك، خاصة بعد أحداث الموصل التي فقد فيها الجيش العراقي أسلحة كثيرة في محافظتي صلاح الدين والموصل، بعد أن سيطر تنظيم "داعش" على مخازن أسلحة تُجهز فِرقاً عسكرية بشكل كامل، فاستمرار الحرب على تنظيم داعش وتأخر الجانب الأمريكي في تسليح القوات العراقية دفع الحكومة للبحث عن مصادر تسليح سريعة ومنها الجانب الروسي. زيارة "العبادي" لروسيا سبقها إلحاح قوي من قبل القيادة العراقية على واشنطن لتسليم الأسلحة اللازمة للحرب على "داعش"، حيث توجه "العبادي" إلى واشنطن شهر أبريل الماضي، وطلب من الإدارة الأمريكية زيادة دعم العراق عسكريًا لتحرير ما تبقى من أراض تحت سيطرة تنظيم "داعش"، وتزويده بطائرات دون طيار وطائرات هليكوبتر هجومية من طراز "أباتشي"، وأسلحة أمريكية وذخائر، لكن الطلب العراقي لاقى سلبية وعدم اهتمام من الجانب الأمريكي. يرى مراقبين أن أجواء زيارة "العبادي" لروسيا تمتلئ بالتفاؤل بأن تبيع روسيا السلاح للعراق، فبالرغم من عدم توفر الإمكانات المادية حاليًا، لكن روسيا أصبحت تدرك جيدًا أهمية الحرب العراقية والسورية على تنظيم "داعش" الذي بات يهدد الأمن القومي الروسي، كما أن موسكو حليف قوي لسوريا وإيران والعراق ضد المحور الأمريكي الصهيوني. الأجواء التفاؤلية لم تأت من فراغ، بل تنبع من تصريحات المسئولين الروس عن الحرب العراقية ضد "داعش"، حيث قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي، "ميخائيل بوغدانوف" خلال زيارته لبغداد مؤخرا، إن "روسيا تدعم العراق في الحرب التي يخوضها ضد الجماعات الإرهابية، وهي شريك أساسي فيها، خاصة أن الحرب التي يخوضها العراق الآن بالنيابة عن العالم وليس عن أرضه فقط"، وأشاد بجهود الحكومة العراقية في مكافحة الإرهاب، التي أبعدت الخطر عن دول العالم بالضربات الموجهة للتنظيمات الإرهابية. شجع نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب "اسكندر وتوت"، على "إيجاد منفذ آخر غير الأمريكي لتسليح القوات العراقية منه، وعدم الاعتماد عليها"، حيث أكد أن "الولاياتالمتحدة يبدو أنها غير جادة في الإسراع بتسليح القوات العراقية التي دفعت مبالغ التسليح منذ وقت سابق"، ويضيف أن "العراق يبحث عن السلاح من أي مكان، لأن الحرب التي يخوضها لا تحتمل التأجيل والانتظار غير المبررين من الولاياتالمتحدةالأمريكية". تقاعس أمريكا عن تزويد الجيش العراقي بالأسلحة لمحاربة "داعش" ليس مستغربا، حيث تسعى واشنطن من خلال التحالف الذي تقوده إلى التظاهر بمواجهة هذا التنظيم المتطرف، لكنها لا تهدف إلى تدميره أو القضاء عليه، فبات من الواضح والمؤكد أن "داعش" هي صناعة أمريكية، تسعى من خلالها إلى لعب دور معين في الشرق الأوسط ومن ثم القضاء عليها بعد انتهاء مهمتها، مثلما حدث من قبل بداية من إنشاء طالبان والقاعدة في أفغانستان لمحاربة روسيا.
