شهدت السعودية اليوم تغييرات بارزة في تقاسم المناصب بين أبناء العائلة الحاكمة، وصفها البعض بأنها استمرار للانقلاب الناعم الذي يقوده الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز على نظام الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وتمثل ذلك في قيام العاهل السعودي بإعفاء أخيه ولي العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز من منصبه، وتعيين الأمير محمد بن نايف بدلاً منه، فيما تم تعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد مع احتفاظه بمنصب وزير الدفاع، كما شمل التعديل السعودي، إعفاء أقدم وزير للخارجية في العالم، سعود الفيصل من منصبه، وتعيين عادل الجبير سفير المملكة بواشنطن كأول وزير للخارجية من خارج الأسرة المالكة. 1- ما هي أبرز التعديلات الوزارية؟ بجانب التغييرات السابقة التي شملت الأسرة الحاكمة، هناك تعديلات وزارية جرت أيضا تضمنت تعيين منصور بن مقرن، نجل ولي العهد السابق (المعفى من منصبه) مستشاراً للعاهل السعودي بمرتبة وزير، وتضمنت أيضاً، تعيين خالد بن عبد العزيز الفالح، وزيراً للصحة، خلفاً للوزير أحمد بن عقيل الخطيب (الذي أُعفي من منصبه في 10 أبريل، وذلك بعد 10 أسابيع من تعيينه في المنصب)، وتعيين مفرج الحقباني وزيراً للعمل خلفاً لعادل فقيه الذي عينه وزيراً للاقتصاد والتخطيط بدلاً من محمد الجاسر الذي أصبح مستشاراً بالديوان الملكي بمرتبة وزير، كما تم تعيين حمد بن عبد العزيز السويلم رئيساً للديوان الملكي بمرتبة وزير ( خلفاً لمحمد بن سلمان الذي كان يشغل هذا المنصب(. 2- كيف يبدو هرم السلطة الآن؟ محمد بن نايف(ولي العهد السعودي) ولي العهد السعودي الجديد هو محمد بن نايف بن عبد العزيزالذي ولد في (30 أغسطس 1959م) بجدة، أحد أبناء الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الذي توفي عام 2012م. والدته الأميرة الجوهرة بنت عبد العزيز بن مساعد آل سعود، وتزوج من الأميرة ريما بنت سلطان بن عبد العزيز آل سعود، ولديه من الأبناء: الأميرة سارة والأميرة لولوة، عين وزيراً للداخلية، كما عينه الملك سلمان بن عبد العزيز ولياً لولي العهد ليصبح اليوم بأوامر ملكية مفاجئة صدرت صباح الأربعاء وليا للعهد. درس مراحل التعليم الابتدائية والمتوسطة والثانوية بمعهد العاصمة في الرياض، درس المرحلة الجامعية بالولاياتالمتحدةالأمريكية وحصل على بكالوريوس في العلوم السياسية عام 1981م، حصل على عدة دورات عسكرية داخل وخارج المملكة تتعلق بالشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب، في 13 مايو 1999م صدر أمر ملكي بتعيينه مساعداً لوزير الداخلية للشؤون الأمنية بالمرتبة الممتازة، في 16 أكتوبر 1999م صدرت الموافقة من الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب ورئيس الحرس الوطني آنذاك بضمه إلى عضوية المجلس الأعلى للإعلام. في 5 نوفمبر 2012 عينه الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وزيرا للداخلية، ليخلف الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود في المنصب، في 23 يناير 2015 عين وليا لولي العهد (مقرن بن عبدالعزيز آنذاك). محمد بن سلمان بن عبد العزيز (ولي ولي العهد) ولد محمد بن سلمان بن عبد العزيز في (31 أغسطس 1985) بالرياض، تلقى تعليمه العام في مدارس الرياض، بعدها حصل على درجة البكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود، ومتزوج وله الأمير سلمان والأميرة فهدة، عمل كمستشار متفرغ بهيئة الخبراء بمجلس الوزراء وذلك بتاريخ 10 أبريل 2007، انتقل بعدها من هيئة الخبراء بالمرتبة الحادية عشرة ليكون مستشاراً خاصاً لأمير منطقة الرياض في 16 ديسمبر 2009م، في 3 مارس 2013م، عين بأمر ملكي رئيساً لديوان ولي العهد ومستشاراً خاصاً له بمرتبة وزير، في 23 يناير 2015م، صدر أمر ملكي بتعيينه وزيراً للدفاع كما صدر أمر ملكي بتعيينه رئيساً للديوان الملكي. عادل بن أحمد الجبير (وزير الخارجية السعودية) ولد في الأول من فبراير في مدينة المجمعة عام 1962م، حصل على درجة البكالوريوس من جامعة شمال تكساس في الاقتصاد والعلوم السياسية ودرجة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة جورجتاون في العاصمة الأمريكية. في عام 1986م، وظفه السفير السابق للسعودية في أمريكا الأمير بندر بن سلطان كمتعاقد محلي في السفارة بسبب إجادته للغة الإنجليزية، في 21 من ديسمبر من عام 2006م ذكرت جريدة الواشنطن بوست الأمريكية أن السعودية أبلغت وزارة الخارجية الأمريكية بنيتها تعيين عادل الجبير كسفير جديد للسعودية في الولاياتالمتحدةالأمريكية بدلاً عن الأمير تركي بن فيصل آل سعود الذي قدم استقالته بعد 15 شهراً من تعيينه. 3- كم تغيير حدث في السعودية بعد رحيل "عبد الله"؟ تعد هذه التغييرات هي الثالثة منذ تولي الملك سالمان للحكم والتي اعتبرها مراقبون بمثابة انقلاب قصر ناعم للإطاحة برجال الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، وقال خبراء في الشأن السعودي إن الخطوة الجديدة هي استكمال لانقلاب القصر الناعم الذي بدأ قبل مبايعة الملك سلمان. التغيير الأول في 23 يناير الماضي وقبل أن تمر ساعات على وفاة الملك الراحل لم ينتظر العاهل السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز، دفن سلفه «عبد الله بن عبد العزيز»، وسارع، حتى قبل أن تبدأ «البيعة الرسمية» التي تعقد عشية دفن الملك الراحل، إلي إصدار 6 مراسيم ملكية مكنت الجناح «السديري» بالأسرة الملكية من إحكام قبضته على السلطة، وحسم معركة الصراع على السلطة لصالحه مرة أخرى. وقضت المراسيم بتعيين الأمير محمد بن نايف وليا ل«ولي العهد» ووزيرا للداخلية، وتعييّن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وزيرا للدفاع، ورئيسا للديوان الملكي، قبل أن يتم تصعيدهما في التغيير الجديد صباح اليوم إلى منصبي ولي العهد وولي ولي العهد، ووقتها تم إعفاء الرجل القوي خالد التويجري من مهامه، كما قضت بتعيين اللواء حمد العهولى رئيسا للحرس الملكى الخاص. اعتبر المحللون مراسيم سلمان الستة، انقلابا ناعما داخل الأسرة الملكية، لإعادة ترتيب البيت الملكي، وتقوية «السديريين السبعة» وهم الإخوة الأكثر نفوذًا من أبناء الملك المؤسس «عبد العزيز آل سعود»، وهم أبناؤه من زوجته «حصة بنت أحمد السديري»، الذين ضعف نفوذهم بشكل غير مسبوق في عهد الملك الراحل. التغيير الثاني بعد أقل من أسبوع من التغيير الأول وتنصيب الملك وبالتحديد في 29 يناير الماضي أصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز، ثلاثين أمرا ملكيا، كأكبر تعديل وزاري تشهده السعودية، وذلك بالتزامن مع أوامر بصرف راتبين لكل موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين، وأيضاً مكافئة شهرين لجميع طلاب وطالبات التعليم الحكومي داخل وخارج المملكة، وإعانة شهرين للمعاقين، وصرف راتب شهرين للمتقاعدين، وصرف مكافئة شهرين لمستفيدي الضمان الاجتماعي. وتضمنت الأوامر دمج وزارتي التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي في وزارة واحدة بإسم وزارة التعليم وتعيين عزام الدخيل وزيراً لها، كما نصت المراسيم على تعيين الأمير منصور بن متعب وزيرا للدولة ومستشارا للعاهل الجديد، والشيخ صالح آل الشيخ وزيرا للشؤون الإسلامية، والدكتور وليد الصمعري وزيرا للعدل، وإبراهيم السويل وزيراً للاتصالات، والدكتور ماجد القصبي وزيراً للشؤون الاجتماعية، والمهندس عبد اللطيف آل الشيخ وزيراً للشؤون البلدية والقروية، والدكتور عادل بن زيد الطريفي وزيراً للثقافة والإعلام. ونصت المراسيم أيضا على إلغاء لجنة سياسة التعليم ومجلس الخدمة المدنية، وتشكيل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية، وتعيين أحمد الخطيب وزيراً للصحة، وعبدالرحمن الفضلي وزيراً للزراعة، وفيما أبقى مرسوم التعديل الوزاري على الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وزيراً للحرس الوطني، نص مرسوم آخر على تشكيل مجلس للشؤون السياسية والأمنية برئاسة ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف والذي تم تصعيده في التغيير الجديد وليا للعهد، وعضوية متعب، وإلغاء مجلس الأمن الوطني الذي يتولى أمانته العامة الأمير بندر بن سلطان الذي تم إعفاؤه كذلك من منصبه كمبعوث خاص للملك. 4- أسباب التغير الأخير؟ يرى المحللون أن هذا التغير لتمكين الجناح «السديري» بالأسرة الملكية من إحكام قبضته على السلطة أكثر من أي وقت بعدما تم تهميشه وضعفه نسبيًا في العهد السابق، وهناك من يذهب إلى تحليل آخر بأن التغيرات في مراكز السلطةبالمملكة جاءت عقب خلافات حول مسار الحرب على اليمن، بالاضافة للتوتر الأمني الذي تمخض عنه الإعلان عن اعتقال مجموعة إرهابية بتهمة الانتماء إلى تنظيم "داعش"، حيث أعلنت السعودية في خضم التطورات الأمنية التي تشهدها إلقاء القبض على خلية إرهابية تنتمي إلى جماعة "داعش" الإرهابية، مكونة من 93 شخصا كانت تخطط لتوجيه ضربات وهجمات داخل البلاد، بما فيها مراكز حساسة وسفارات أجنبية.