ذاع صيت المستشار محمد ناجى شحاتة بين الأوساط السياسية بعد عدد من القضايا ترأس منصة الحكم فيها، وانتهت جميعها لطريقين مأساويين: إما الإعدام أو المؤبد. كان هذا بعد تصدره لعدد من القضايا، رغم موقفه الشخصى المعادي لثورة يناير، والذى أفصح عنه بوضوح عبر صفحته على الفيس بوك. وعقب صدور عدد ضخم من أحكام الإعدام فى الفترة الأخيرة، بدأت الحملات تنطلق عبر صفحات التواصل الاجتماعي؛ لتؤكد رفضها لأحكام الإعدام فى جو سياسي مشحون، على حسب تعبيرهم. حكم المستشار محمد ناجى شحاتة فى 5 قضايا، هي: "غرفة عمليات رابعة، خلية الماريوت (قناة الجزيرة)، أحداث مجلس الوزراء، مذبحة الكرداسة، وأحداث مسجد الاستقامة". وكان عدد المتهمين فى هذه القضايا 536 متهمًا، حكم على 203 منهم بالإعدام، كان أبرزهم محمد بيع – صلاح سلطان – حسام أبو بكر – مصطفى الغنيمى. كما حكم على 305 بالمؤبد، وأبرزهم محمد سلطان وأحد دومة. غرفة عمليات رابعة: 51 إعدام و37 مؤبد أخيرًا أسدل الستار على قضية غرفة عمليات رابعة، والمتهم فيها أقدم مضرب عن الطعام داخل السجون المصرية "محمد سلطان"، فقد صدر الحكم النهائي في القضية صباح يوم السبت 11 إبريل 2015 بإعدام عدد من قيادات وأعضاء الإخوان المسلمين، بعد أخذ رأي مفتي الجمهورية؛ لتأكيد الحكم السابق في حق محمد بديع وحسام أبو بكر ومصطفى الغنيمي وسعد الحسيني ووليد شلبي وصلاح سلطان ومحمد المحمدي السروجي وفتحي شهاب الدين وصلاح نعمان مبارك ومحمود البربري وعبد الرحيم محمد والشاب عمر مالك نجل القيادي حسن مالك، وسيكون الحكم نافذًا عليهم خلال ستين يومًا إذا لم يتقدم محاموهم بطعن أمام محكمة النقض. وفى نفس القضية قضت المحكمة برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة بالسجن المؤبد على 37 آخرين، بينهم محمد صلاح سلطان نجل القيادي صلاح سلطان المحكوم عليه بالإعدام. الجدير بالذكر أن محمد سلطان هو أشهر مضرب عن الطعام بالسجون المصرية الذي تخطى عامه الأول في الإضراب، ورغم حمله الجنسية الأمريكية، إلا أنه رفض التخلي عن الجنسية المصرية في مقابل الإفراج عنه. قضية مجلس الوزراء: 230 مؤبد بعد محاكمة دامت لأكثر من ثلاث سنوات، قررت المحكمة برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة معاقبة عدد من النشطاء بالسجن ما بين عشر سنوات ومؤبد، فقد تم توجيه الاتهام للناشط السياسي أحمد دومة و268 آخرين في قضية أحداث مجلس الوزراء بارتكاب جرائم التجمهر. وفي آخر جلساتها في فبراير 2015 عاقبت المحكمة أحمد دومة و229 آخرين بالسجن المؤبد والغرامة 17 مليون جنيه، بالإضافة الى الحكم على باقي المتهمين بالسجن 10 سنوات. أحداث مسجد الاستقامة: 14 إعدام للمرة الثانية، وكأن الأولى غير كافية، أحال المستشار محمد ناجي شحاتة عددًا من قيادات الإخوان للرأى الشرعي في إعدامهم. وفي 30 أغسطس قضت المحكمة بالسجن المؤبد لمحمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان ومحمد البلتاجي وصفوت حجازي، بالإضافة إلى 5 قياديين آخرين بالجماعة، ومعاقبة 6 متهمين هاربين غيابيًّا بالإعدام شنقًا، على خلفية أحداث مسجد الاستقامة والاشتباكات التى دارت بين أنصار الجماعة وقوات الأمن، وراح ضحيتها عددًا من المواطنين. القضية الوحيدة التى خلت من الإعدام والمؤبد قضية خلية الماريوت (صحفيو الجزيرة) والتي سقط فيها الحكم عن الصحفي محمد فهمي، بتنازله عن جنسيته المصرية والاحتفاظ بالكندية، فيما واجه 17 صحفيًّا حكمًا بالسجن لمدد من 7 إلى 10 سنوات؛ بتهمة بث أخبار كاذبة، والانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون، وإمدادها بمعونات مادية ومعنوية، وحيازة أجهزة بث وتصوير دون تصريح من الجهات المختصة. أحداث كرداسة: إعدام 183 بعد مقتل مأمور القسم قضت محكمة الجنايات بالجيزة برئاسة المستشار محمد ناجى شحاتة فى أغسطس الماضي بإعدام 183 شخصًا، من بينهم الحكم غيابيًّا على 34 متهمًا هاربًا، وحضوريًّا للباقين، بتهم اقتحام قسم كرداسة وقتل ضباط شرطة. وقضت على قاصر دون الثامنة عشرة، وهو أحد المتهمين في القضية، بالسجن عشر سنوات. كما حكمت بانقضاء الدعوى الجنائية ضد متهمين لوفاتهما، وبرأت متهمين آخرين أحدهما حضوريًّا والآخر غيابيًّا. "ضد الإعدام": الأحكام متأثرة بالصراعات السياسية ومع تزايد أحكام الإعدام والمؤبد التى ترددت بكثرة على آذان المهتمين والمتابعين للأحكام القضائية من النشطاء السياسيين، بدأ عدد من النشطاء في إطلاق حملة "ضد الإعدام" التى رفضت أحكام الإعدام التى بدأت تتزايد فى الفترة الأخيرة. وطالبت الحملة مؤخراً بتعليق عقوبة الإعدام فى الوقت الحالي إلى أن تكون هناك منظومة عدالة مستقرة ودقيقة، لا تصدر أحكامًا متأثرة بالصراعات السياسية الحالية، على حد تصريحاتها عقب الاجتماع الذى جمع بينهم وبين رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان محمد فايق. وتعليقاً على ذلك يقول الحقوقي كريم عبد الراضي "أنا من حيث المبدأ رافض لعقوبة الإعدام، لأنها عقوبة انتقامية، والخطأ فيها لا يمكن تداركه فى وقتها، بالإضافة إلى أنها استخدمت كثيراً على مر التاريخ لتصفية معارضين سياسيين". وتابع عبد الراضي "أما فيما يتعلق بأحكام الإعدام التي تصدر بالجملة ضد مجموعة كبيرة من المتهمين في محاكمات ينقصها الكثير من شروط وضوابط المحاكمة العادلة والمنصفة، فهي في نظري أحكام مسيسة بدرجة كبيرة في مواجهة جماعة الإخوان. أعتقد ان أغلبها لن ينفذ، وسيستخدم للضغط على الجماعة لتقديم تنازلات سياسية. نعم قيادات الجماعة تورطوا في جرائم عديدة بالفعل، ولكن هذا لا يمنع حقهم في محاكمة عادلة ومنصفة، وحقهم في الدفاع عن أنفسهم. وهذا للأسف لم يحدث في أغلب المحاكمات التى يمثلون أمامها في الوقت الحالي، وهذا ينطبق على المعارضين السياسيين في مصر ككل، والذين يصدر في حقهم أحكام قاسية تصل للمؤبد، في حالة شديدة من الخلط بين من يحاكمون على آرائهم ومن يحاكمون لارتكاب أعمال عنف وإرهاب". ومن جانبه قال الحقوقي مهاب سعيد إنه فى ظل حالة الارتباك السياسي والصراعات التى يعيشها المجتمع، أصبح من الصعب إدانة الأشخاص فى ظل عدم وجود محاكمات عادلة بالفعل. وعلى سبيل المثال رأينا ما حدث فى الفترة الأخيرة فى محاكمات مبارك ورجاله". لافتًا إلى أن أهم نتيجة للعقوبات هى الردع، ولكن الإعدام لن يحقق ذلك؛ لما له من آثار سلبية على المجتمع.