«إنسان حر»: مصطلح «تهديد الأمن القومى» لغلق الجمعيات «مطاط» «المصرية لحقوق الإنسان»: ضرورة فتح حوار مجتمعي حول مشروع القانون «المصرى لحقوق الإنسان»: المقترح ترجمة للدستور.. ويعرقل الأجندات الخارجية أوصى تقرير المراجعة الدورية للمجلس القومى لحقوق الإنسان عن مصر بضمان حرية تكوين الجمعيات الأهلية والتوقف عن التضييق فى عملها، بعدما لمس المجلس تشويها وملاحقات أمنية للعمل الأهلى فى مصر. من جانبها، طالبت المنظمات والجمعيات الأهلية المصرية بضرورة تعديل قانون الجمعيات الأهلية رقم 84 لسنة 2008، الأمر الذى تبعه حراكا في تقديم المقترحات سواء من قبل المنظمات أو وزارة التضامن الاجتماعى، وكان آخرها نص المادة 19 المقترح من غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، إلى رئاسة الوزراء، الذى يشدد الرقابة على التمويل وخضوع المؤسسات الأهلية للقضاء فى حال النزاعات. قال محمد يوسف، مدير منظمة إنسان حر للحقوق والحريات، إن المادة كان يجب طرحها للحوار المجتمعى قبل عرضها على رئاسة الوزراء، وتبادل الآراء حولها للخروج بصيغة يتفق عليها الجميع، متابعا: «لكن من حق الدولة مراقبة مصادر التمويل التى تتلقاه منظمات المجتمع المدنى، خاصة بعد ظهور منظمات مشبوهة خلال الفترة الماضية، لم يتم معرفة مصادر تمويلها ولا طبيعة أنشطتها». وأضاف "يوسف" أن الرقابة مهمة على مصادر التمويل، لكن عن طريق الإجراءات القضائية في مراحلها المختلفة، لافتا إلى أن مدة 30 يوما المتاحة للاعتراض والفصل في النزاع غير كافية بين المنظمات والوزارة، ومعربا عن تخوفه من استغلال المصطلحات المطاطة في تقييد حرية منظمات المجتمع المدنى والتضييق على علمها. وتابع: «كان ينبغى على وزيرة التضامن أن تضع ضوابط محددة فيما يتعلق بغلق بعض المنظمات بدلا عن "تهديد الأمن القومى"؛ لأنه مفهوم واسع ومطاط، مضيفا أن هناك بعض الأنشطة التى تجريها المنظمات أو الجمعيات كمكافحة الفساد الذى يندرج تحته مثلا مطالب بإعادة هيكلة وزارة الداخلية أو وقف التعذيب داخل الأقسام والسجون، أو مراجعة والاطلاع على ميزانيات المؤسسة العسكرية في المشروعات الاقتصادية، وطرق إنفاق الأموال، يمكن اعتبارها تهديد للأمن القومى، وتكون ذريعة لغلق المؤسسة أو المنظمة من قبل القضاء الذى يستند إلى تحريات الأجهزة الأمنية في الأوراق التى يحكم من خلالها على القضية». ولفت مدير منظمة إنسان حر للحقوق والحريات إلى استمرار الدولة في التضييق على عمل منظمات المجتمع المدنى حتى بعد صدور القانون الجديد وتعديل قانون 84 لسنة 2008، والدليل على ذلك القبض على أحمد سميح، مدير مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومهاجمة "راديو حريتنا" والكيل باتهامات غير مفهومة وتحمل المصطلحات الفضفاضة المطاطة. وفى الوقت الذى تدرس الدولة ممثلة في وزارة التضامن الاجتماعى تعديل قانون الجمعيات الأهلية بما يضمن رقابة القضاء في النزاع على عمل المنظمات حول مصادر التمويل، يتم اتخاذ إجراءات غير مفهومة كلها تربص وعدائية وتلفيق قضايا للأفراد العاملين بمنظمات المجتمع المدنى. من جانبه، أعرب محمود البدوى، المحامى ورئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، عن عدم اعتراضه على مضمون المادة 19 والمتعلقة بتلقى التمويلات بمقترح قانون الجمعيات الأهلية الجديد، الذى قدمته الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى؛ للعرض على مجلس الوزراء من أجل مراجعته تمهيداً لإصداره، مضيفا أن المادة الخاصة بالتمويل فى المقترح تحمل ضمانة مهمة للجمعيات حال تلقيها تمويلات من جهات داخلية أو خارجية كحق للجمعيات فى ممارسة عملها وأنشطتها المكملة لجهود الدولة فى العديد من المجالات وبخاصة التنموية والاجتماعية. وأوضح أن مقترح المادة أكد أن القضاء سيصبح مرجعية للفصل بين الجمعيات وبين جهة الإدارة فى حالة نشوب أى خلاف حول التمويل الذى تتلقاه الجمعية، ومن ثم يحق للطرفين اللجوء للقضاء من أجل الفصل فى النزاع خلال مدة محددة وغير مفتوحة تم تحديدها ب15 يوما، متابعا: «لو اعترضت الوزارة على التمويل بعد دخول الأموال لحساب الجمعية، فيحق للوزارة اللجوء للقضاء خلال 15 يوما على أن يفصل القضاء فى الأمر خلال 15 يوما أخرى بحد أقصى». واستطرد: «وضوح الإطار الزمنى للاعتراض على التمويل من قبل الوزارة أو اعتراض الجمعية على رفض جهة الإدارة، ضمانة أخرى لعدم تغول جهة الإدارة على الجمعيات، ومن جهة ثانية تضمن للجمعية حقها فى اللجوء إلى القضاء للحصول على التمويل طالما أنه لا يهدد أمن الدولة ومتوافق مع أنشطة وأهداف الجمعية»، مقترحا فتح الدولة حوارا مجتمعيا مع الكيانات الأهلية والاستماع إلى رؤاها حول مشروع القانون؛ لكى يصدر بشكل توافقى لجميع الأطراف الفاعلة فى منظومة العمل الأهلى. وفى نفس السياق، يقول نجيب جبرائيل، رئيس المركز المصرى لحقوق الإنسان، إن المقترح جيد، خاصة أنه يحمى منظمات المجتمع المدنى من رقابة وقيد الأجهزة الإدارية سواء في وزارة التضامن الاجتماعى أو الجهات الأمنية، مؤكدا أن الرقابة القضائية خير ضمان لحرية العمل الأهلى في مصر، وفى نفس الوقت حماية للدولة من أى منظمات تتلقى تمويلات مشبوهة تستهدف تخريب البلاد أو تهدد الأمن القومى. وأكد "جبرائيل" أن مقترح وزيرة التضامن الاجتماعى، ترجمة للدستور الذى نص على حرية تكوين الجمعيات الأهلية واستقلاليتها، مطالبا بضرورة وجود ضمانات قضائية، ويجب أن تكون هناك ضوابط تحدد طبيعة الاتهامات بناء على حجم التمويل الذى تتلاقاه المنظمات وكيفية إنفاقه، ومصدره، وهل التمويل يتم إنفاقه لصالح خدمة أجندة تمثل تهديدا على الأمن أو استقرار البلاد، مثل التى تكتب تقارير أمنية مسمومة أو تتعامل مع منظمة عميلة مثل "هيومان رايتس وواتش" صاحبة الأجندة الأمريكية في خراب المنطقة العربية. وأدان رئيس المركز المصرى لحقوق الإنسان عملية القبض على أحمد سميح، مدير مركز الأندلس للتسامح ونبذ العنف، مؤكدا أن الممارسات الأمنية لايمكن أن تستقيم مع دولة في مرحلة تحول ديمقراطى وتستهدف الاستثمار وإعطاء ضمانات لرجال الأعمال بأن البلد تنعم بحريات، وهناك حرية لعمل المجتمع المدنى.