أثارت تصريحات الدكتور إسماعيل طه، محافظ دمياط، بتحويل الأطباء المتغيبين عن العمل للنيابة العامة، أزمة بين النقابة والمحافظة، حيث رفض جموع الأطباء هذه التصريحات، مؤكدين أنه ليس من حق المحافظ أن تصدر عنه هذه التصريحات؛ لأن الطبيب موظف وتحكمه لوائح الوظيفة. وأبدت النقابة الفرعية للأطباء بدمياط رفضها القاطع للتصريحات، حيث تقدم اثنان من أعضاء النقابة باستقالتهما من عضويتها؛ اعتراضًا على التصريحات. فيما تزايدت تداعيات الأزمة بتهديد الأطباء بالإضراب عن العمل؛ لشعورهم بالإهانة من التصريح بتحويلهم دون سواهم في المنظومة الصحية للنيابة العامة وتحميلهم أخطاء المنظومة بالكامل، وأصدرت النقابة العامة للأطباء بيانًا رفضت فيه تصريحات محافظ دمياط شكلًا وموضوعًا وأكدت في بيانها أن قانونيتها تدرس الرد القانوني المناسب على هذه التصريحات. وكان محافظ دمياط صرح في إحدى زياراته لإحدى الوحدات الصحية بعد أن اكتشف غياب كل الأطباء، بمن فيهم رئيس الوحدة، أنه سيحول الطبيب النوباتجي للنيابة العامة في حال غيابه عن العمل، وفيما لاقت تصريحات المحافظ استحسانًا عامة المواطنين؛ لما يعانيه الكثير منهم في الوحدات الصحية؛ بسبب تأخر الأطباء في الحضور أو انصرافهم مبكرًا أو الغياب من الأساس وعدم التواجد. وصادفت التصريحات تأييدًا كبيرًا على صفحات التواصل الاجتماعي، وصب الكثير من المواطنين جام غضبهم على الأطباء؛ لاعتراضهم على العقاب، وعلى الجانب الآخر أبدى الأطباء استياءهم الشديد من قرار المحافظ بتحويل الأطباء إلى النيابة العامة. وقال محمود عرفات، طبيب نائب بأحد المستشفيات: "لماذا يحملنا المحافظ أخطاء منظومة بأكملها؟ نحن نعمل وفق جهاز إداري وهناك عقاب ومحاسبة إدارية وجزاءات توقع على المخالفين أو المقصرين داخل الجهاز الإداري، وطبقًا لطبيعة عملنا فلو فرضنا أنني مقيد بموعد حضور وانصراف، فهل يعنى ذلك ان أترك المريض أو الحالة التي في يدي وأنا أجري عملية جراحية؛ لأن موعد انصرافي حان، أو أرفض النزول في منتصف الليل لأتابع إحدى الحالات؟ الإجابة لا طبعا، وهذا لا يحسب في دفتر ولا يثبت، فلماذا إذًا أحاسب فقط على التأخر في الحضور أو الغياب ولم يذكر مكافأتي على ما أقوم به خارج أوقات الدوام؟ والأهم في ذلك أن تصريحات المحافظ تدخّل في غير اختصاصه، لذا نرفضها شكلاً وموضوعًا". على صعيد آخر طالبت رحمة المحلاوي، طبيبة، بأن يتم الاهتمام بالطبيب والعمل على حمايته من الاعتداءات التي يتعرض لها من المواطنين في المستشفيات، كما ينادون بمحاسبة الطبيب، على الرغم من أنه يحاسب. وعلى جانب المواطنين والذين يعانون الأمرَّين من إهمال الأطباء، قال أمين بغدادي، موظف، "أنا لما أروح المستشفى الساعة 12 صباحًا بابني تعبان جدًّا وبيتألم، ولا أجد في الاستقبال سوى ممرض أو ممرضة، ولا يوجد طبيب نوباتجي، ألا يجب أن يحاسب؟ ألا يتقاضى أجرًا على عمله هذا؟ وهو مسئول عن إسعاف الحالات الطارئة في هذه الأوقات الحرجة؟". وأضاف "حصل بالفعل الكلام هذا، ذهبت للاستقبال ليلاً بابني، ولم أجد سوى الممرضين الذين أعطوا الولد مسكّنًا بدون أى كشف". توجهنا إلى الدكتور إسماعيل طه، محافظ دمياط، والذي قال في تصريحات خاصة ل "لبديل" ردًّا على ثورة الأطباء "فقط قصدت من كلامي تطبيق القانون على المقصر في عمله، سواء بتحويله للنيابة الإدارية أو النيابة العامة، بحسب جهات التحقيق، ولم أقصد توجيه أي إهانات للأطباء، لكني أتيت من أجل المواطن البسيط الذي من حقه أن يذهب للمستشفى في أي وقت، فيجد طبيبًا يستقبله، ويقدم له المتاح من الخدمات الطبية"، وأضاف المحافظ "أقسمت اليمين من أجل المواطن البسيط أولاً، ولن أفرط في حقوقه التي أنا معني بها أولاً، ويجب ألَّا يفهم الأطباء تصريحاتي بمنطق الخطأ، فإن مبدأ المحاسبة يجب ألا يغضب أحدًا، وعلى الجميع القيام بواجباتهم تجاه المواطن". جدير بالذكر أن مجلس نقابة الأطباء بدمياط أعلن اعتراضه على تصريحات المحافظ، وأعلن اثنان منهم، هما الدكتور محسن الصعب، أمين صندوق النقابة، والدكتور عماد شلبي، أمين مساعد صندوق النقابة، استقالتهما من المجلس.