إصلاح الاقتصاد المصرى وتوجيهه للفقراء، خطوة مازال الشعب المصرى ينتظرها، مع النهوض بالصحة والتعليم، ووضع حد أدنى للأجور يليق بحالة التضخم التى تسيطر على المشهد الاقتصادى، وإعادة النظر فى اختلال العلاقة بين المتغيرات الاقتصادية، التى يعود بعضها إلى عوامل داخلية، مثل عجز الموازنة وارتفاع معدلات البطالة خاصة بين الشباب، والتضخم وتطبيق العدالة الاجتماعية وإزالة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع. يعود الاقتصاد الإنتاجى من زراعة وصناعة على الشعب المصرى وفقرائه بالخير، عن طريق بناء مصانع لتشغيل عدد كبير من البطالة التى أصبحت ظاهرة واضحة فى المجتمع المصرى، أما الاقتصاد الريعى فهو اقتصاد خدمات يعتمد على الموارد الطبيعية، من الممكن أن يحدث نموًّا لكنه لا يحدث تنمية. فإصلاح الاقتصادى المصرى لابد أن يعتمد على الأغنياء ورجال الأعمال ولا يعتمد على الفقراء، من خلال الضرائب التصاعدية، بالإضافة إلى الاهتمام بالمشروعات التنموية وإعادة فتح المصانع التى تمت خصخصتها لزيادة فرص العمل، وإلغاء دعم الطاقة الموجهة للصناعات كثيفة الطاقة، والاهتمام بالصناعات الثقيلة والتحويلية، وربط الأجور بالأسعار لتحقيق العدالة الاجتماعية. الجمل: انتشال 50% من الفقر المدقع ينهض بالصحة والتعليم قال الدكتور حمدى الجمل، الخبير الاقتصادى ورئيس قسم الاقتصاد بالأهرام العربى: العدالة الاقتصادية تحقق الاستقرار وتنهض بالاقتصاد، مشيرًا إلى أن تجربة مبارك منذ 2005 إلى 2011، واتباع ظاهرة الخصخصة أدت اندلاع الغضب الشعبى. وتابع الجمل: لابد من عدة أدوات اقتصادية لتحقيق العدالة الاجتماعية وانتشال 50% من الفقر المدقع، بإصلاح منظومة التعليم بتوفيره مجانيًّا بنسبة 100%، بالإضافة إلى إصلاح منظومة الصحة، ليحظى المواطن برعاية صحية جيدة، وأن يكون الحد الأدنى للأجور 2500 جنيه، لتضاءل الجنيه المصرى أمام الدولار، على أن تكون العلاوة التى يحصل عليها العامل بحجم قيمة التضخم التى تحدث بالبلاد. وأكد ضرورة الانتقال إلى الاقتصاد الإنتاجى بعودة مصر مرة أخرى إلى الزراعة كما كانت، من خلال توسيع الزراعات وإقامة مشاريع صناعية، مثل التوسع فى زراعة المحاصيل الزيتية، وإنشاء معاصر لها، مضيفًا أنه لابد من الاهتمام بالصناعات التحويلية كثيفة العمالة والاعتماد على اقتصاد المعرفة واستغلال ميزة أن 60% من عدد سكان مصر أقل من سن 40 عامًا، وبالتالى استغلال هذه الطاقة الشابة فى التكنولوجيا وتوزيعها على البرمجيات، فمن يمتلك المعرفة يمتلك المستقبل والاقتصاد. سلامة: فصل الاقتصاد عن السياسة والمجتمع أساس البلاء أوضح الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادى وعضو مجلس أمناء التيار الشعبى، أنه على الدولة النظر للاقتصاد نظرة متكاملة، كعلم مع علوم السياسة والاجتماع، كمجموعة متضافرة من العلوم، لكل منها قواعدها الخاصة، لكنها تتداخل جميعها لخدمة الإنسان، وحينها ستتحدد لدى أى حكومة انحيازاتها الاجتماعية بكل وضوح، مشيرًا إلى أن فصل الاقتصاد عن السياسة عن المجتمع أساس البلاء، لأنه ينحى جانبًا الانحيازات الاجتماعية ويتعامل مع الاقتصاد كأنه رياضى أو حسابى فقط. وأضاف سلامة أنه عندما تنظر أى قوة سياسية أو حزبية هذه النظرة للاقتصاد ستحدد على الفور انحيازاتها الاجتماعية سواء للفقراء أو للأغنياء، وسيكون اختيار الناخب لممثليه فى مجلس النواب من تلك القوة السياسية بناءً على انحيازاتها، وبالتالى فإن أغلبية مجلس النواب هى التى ستأتى بالحكومة، وستكون حينها حكومة منحازة، ولا يمكنك وصف أى حكومة بأنها محايدة أو غير منحازة. وأشار إلى أنه على الأحزاب والقوى السياسية وضع برامجها وتحديد انحيازاتها الاجتماعية، فالحكومة الحالية كمثال تنحاز لصالح رجال الأعمال من خلال التسهيلات والحوافز الضريبية، التى تمنحها لهم إلى حد يصل إلى منح الأراضى بدون مقابل، كما ورد بقانون الاستثمار، وتنحاز فى نفس الوقت ضد الفقراء حيث تفرض عليهم ضرائب باهظة وترفع عنهم الدعم. وأكد أن حكومتنا لابد أن تنحاز لصالح الفقراء بالعمل على إرجاع الدعم لهم مرة أخرى والرقابة الصارمة على الأسواق، وفرض ضرائب تصاعدية حقيقية، لا الضرائب الهزلية التى تفرضها الآن وتضم الصناديق الخاصة للموازنة وتحتكر إنتاج الطاقة، لكى تبيع للمستهلك الفقير فى أسعار يقدر على الوفاء بها على عكس القطاع الخاص، الذى يرغب فقط فى تحقيق أرباح عالية، وبالتالى سيفرض أسعارًا عالية، فالإصلاح الاقتصادى يبدأ بتحديد الانحيازات الاجتماعية أولًا. وأشار الدكتور إيهاب الدسوقى، الخبير الاقتصادى، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، إلى أن توجيه الاقتصاد لصالح الفقراء ومحدودى الدخل يقع على عاتق الحكومة الحالية بالدرجة الأولى، لافتاً إلى ضرورة إعطاء الفقراء الدعم النقدى وليس الدعم العينى الذى يتمثل فى تعويم الجنيه وزيادة التضخم، وبناء مشروعات لن يستفيد منها الفقراء، مؤكدًا ضرورة الاهتمام بالمناطق العشوائية وتطويرها وبناء مساكن بديلة تشمل المرافق الأساسية كالصرف الصحى والكهرباء. الحسينى: البنية الأساسية أهم أهداف الإصلاح أكد هانى الحسينى، الخبير الاقتصادى وعضو اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع، أن إصلاح الاقتصاد وتوجيهه للفقراء لن يأتى مرة واحدة، فهو هدف رئيس يحتاج إلى تطبيق العدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن الوضع الحالى الذى نعيشه عبارة عن مرحلة انتقالية للاقتصاد المصرى، الذى يعانى من حالة تجريف وضعف بركائز البنية الأساسية مثل مشاكل الطاقة والطرق وغيرها. وأشار إلى أنه لابد من تقسيم إصلاح الاقتصاد إلى عدة مراحل، وهى إنشاء مشروعات لتوفير فرص عمل كبيرة، لتخفيض ظاهرة البطالة التى انتشرت فى السنوات السابقة، مع العمل على إصلاح البنية الأساسية، وسيحدث بالطبع توابع لهذه المرحلة بالانتقال من الاقتصاد الريعى الذى يعتمد على الموارد الطبيعية، والتوجه إلى الاقتصاد الحقيقى، لتحقيق قيمة مضافة عن طريق استصلاح الأراضى الزراعية ورفع الكفاءة الإنتاجية للأراضى وإنشاء صناعات تخدم على ما تم زراعته، ورفع كفاءة التشغيل وحل مشاكل الطاقة من كهرباء وغاز وبترول. عبدالعظيم: العدالة الاجتماعية ستغير منظور الاقتصاد أوضح الدكتور حمدى عبدالعظيم، الخبير الاقتصادى، أن توجيه الاقتصاد المصرى للفقراء يبدأ بتقديم الاحتياجات الأساسية فى صورة إعانات، وتطوير المناطق العشوائية التى تفتقد مكونات الحياة الأساسية، والعمل على بناء مشاريع سكنية حديثة بها جميع المرافق الآدمية، ونقل من سكان المقابر وسكان العشوائيات إليها، ولابد أن تلتزم الدولة بتوفير الاحتياجات الأساسية من مأكل وملبس ومسكن بأسعار تناسب مع الفقراء فى ظل تضاعف أسعار السلع. وأكد ضرورة كفالة التعليم المجانى والعمل على تطويره والارتقاء به، مشيرًا إلى أن هناك أطفالًا تترك التعليم من أجل العمل وكسب لقمة العيش، لمساعدة آبائهم على صعوبات الحياة، هنا لابد من تدخل الدولة وتوفير احتياجات هذه الأسر التى تخرج أطفالها من التعليم، مضيفًا أنه لابد أن من إصلاح المنظومة الصحية وعمل بطاقات علاجية يتم من خلالها صرف العلاج الخاص بأى مريض وتحسين الخدمات بالمستشفيات، فهذا أفضل بكثير من الضمان الاجتماعى الذى يصرف للفقراء بقيمة 300 جنيه أو أكثر فى ظل غلاء الأسعار، مما يؤدى إلى زيادة الفقراء، وبهذا سيشعر المواطن أن التنمية تعود على الفقراء، مع إلزام رجال الأعمال بتشغيل عمال لحل مشكلة البطالة التى تضخمت خلال السنوات الماضية. وتابع: تطبيق العدالة الاجتماعية سيؤدى إلى تغير منظور الاقتصاد ليكون أكثر إيجابية ويعود بالنفع على الفقراء، ومع مراعاة أن يكون النظام الضريبى عادلا، حتى لا تأخذ من الفقراء ما قمت بإعطائه لهم، فلابد من تطبيق نظام الضرائب التصاعدية، بحيث لا يتحمل محدودى ضرائب مثل متوسطى ومرتفعى الدخل ورجال الأعمال، فكل شريحة من المفترض أن تكون لها ضريبة، ليتم توجيه العائد لصالح الفقراء.