القطة الغبية لا تنزل من على الشجر، وتنتظر المنقذ لتقفز على كتفه، قبل الإمساك بها وتعاود الإفلات.. أتساءل: عن أشياء مختلفة.. أحلم بأن أكون أعلى شأنًا.. وأفضل جاذبية وسط أقرانى، أتساءل عن رأيهم فيَّ دومًا، وما ألاقيه من استحسان. ما بالنا نعمل كالعميان، ندوس علامات الحفر ولا نخشى السقوط ولا نأبه لرائحة الموت. أهو الجسارة أم غشاوة الجهل والغباء؟ أسعى إلى إداراك ما يفلت منى من انهزام يلفنى. لا أقوى على لقاء نفسى أهرب منها طوال ساعات اليوم.. حتى وَقْعَ رأسى على الوسادة، أتعمد غرسه بقوة لتنسينى حنايا القطن، تفتت وتشرذم ذاتى. الحل، إذن كما يقول بعضهم تركها والرحيل غير آسف على ما علق بسمائها من شهيقى وزفراتى المخنوقة.. ولكن لمن أتركها.. كل خلا إلى صدره يخفى بذراعيه ما يتأجج من حمم لم يطقها بركان. أحاديث عقلى هى الجنون.. لا يحترم عقلى كيانى، يقول لى: إن ما عصى على الفهم له ما يبرره، يعوم عقلى على سجية السابقون الأُوّل، يهوى ترديد الترهات.. لعل نزعى يخفت ويهجع.. لا تعبأ روحى بقدرات المسخ، ويميز عقلى «طناش» وغض الطرف عن تداعى الأزمات على من فى عمرى.. ولكن لمن أترك أرض أجدادى؟! سبَّ الجميع سياسات وزارة الثقافة الفترة الماضية مع وزير أسبق فعل كل ما هو بعيد عن هويتنا وروحنا.. جاء جديد «ما الذى عنده»؟.. وما وصل إليه.. متى يقدمه للبكر من العقول الخضراء، ولمن ترك لمس الشطط من دعاة الترهيب بالنار ووطء الجنة بالأقدام والتجهيل فى كل ذكر، وكأنها لم تخلق لامتاع البشر الصابرين؟ لا أعرف إلَّا صدرى أعد عظامه وأعرفها.. قبل نومى كل ليلة أطمئن على أصابعى، وهل ما زالت العُقَلُ فى مواضعها لم تهرب من أسْر قبضتى المعتصرة لرأس الكاره لما حولى.. من يخاطبنى.. فى أى دولة أعيش.. ولأى حكومة أو نظام أنتمى.. أتمنىّ المصالحة مع نفسى الغاضبة قبل التحرك داخلها، وروحى وحياتى بمزيد من الغربة والعراك واتخاذ أسفل ذقنى ساترًا من الاستفهامات عقيمة الأجوبة. فى الحقيقة رغبتى أن أموت مل منها الموت ذاته.. خطواتى على الأرض فى الشارع.. لأى مكان.. تلصق بى كظلى.. لا أملك الهروب منها. أسأل أصابع قدمى فى كل يوم متى تتركنى وترحل على مدى البصر حيث لا أراها.. ولا تعود.. تشططت بى الِفكَرُ.. لا رابط ولا حزم لها تتفلت من رأسى كما جاءت من سنوات. أربض جالسًا مقابلًا للفتية الذين آمنوا بربهم، فزادهم هدى.. يبسط الكلب يديه أمام الكهف.. أجلس أنتظر استيقاظهم، وتضارب حسابهم لفترة مكوثهم فى نومهم، ومعهم كلبهم.. يختلف أمرهم عما أعانيه.. لقد اختاروا الإيمان قَبْلُ، ثم حفهم الهدى، اقترن عطاؤهم بتسليمهم، عوامل الهدم والضربات، لا تتركنى فى وطنى، من يعيش فى شرنقة ينتظر خفق جناحيه رحمة وإشفاقًا، ويأبى الخفير منحه صك الحرية، ويعطيه ما دون غذائه، أنتم كلبكم من.. الكهف كلبه فى الجنة.