رغم تأكيدات الدولة أكثر من مرة جديتها في تحقيق المساواة بين جميع أطياف المواطنين والهيئات، إلا أن الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، أصدرت مؤخرًا فتواها بعدم خضوع أعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة لتطبيق القانون 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى لأجور العاملين بالدولة؛ باعتبارهم كادر خاص وليسوا موظفين فى الدولة، الأمر الذي أعطى انطباعا لدى عدد من السياسيين وأساتذة القانون بعدم تطبيق العدالة على الجميع، وأن هناك استثناءات وتفرقة في التعامل بين فئات المجتمع الواحد. أعقب قرار مجلس الدولة خروج تصريح سريع من قبل المستشار عبد الله فتحى، نائب رئيس محكمة النقض، في محاولة منه لامتصاص أي ردود فعل غاضبة، معلنا أن أعلى أجر يحصل عليه أقدم وأكبر مرتبة يصل إليها القاضي لا يتجاوز 21 ألف جنيه، أي نصف الحد الأقصى للأجور. لكن بالعودة للخلف قليلًا، كان المستشار عدلي منصور، رئيس المحكمة الدستورية العليا، أكد بتاريخ 7 سبتمبر 2014، أن صافى الدخل الذى يتقاضاه رئيس المحكمة ونوابه، ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين، والعاملون بالجهاز الإدارى بها، لا يتجاوز مبلغ 42 ألف جنيه شهرياً. وتكذيبًا لما قاله رئيس محكمة النقض، قال المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، خلال مؤتمر صحفي له في 19 مارس 2015، إن هناك بعض القضاة يصل مرتباتهم أكثر من الحد الأقصى للأجور، ومعظمهم من مجلس الدولة الذي أصدر فتوى بعد خضوعهم للحد الأقصى. وأبدى "جنينة" تخوفه من استخدام قرار الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، بما يضر مصلحة البلاد من خلال الأخذ بها من قبل الأجهزة التي لها كادر خاص بها. «الرقابة الإدارية»: 1% من الأعضاء يتجاوزن الحد الأقصى للأجور يبدو أن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي في ديسمبر 2014، بأن إجراءات الحد الأقصى للأجور يتم تنفيذها بكل دقة على جميع العاملين بقطاعات الدولة المختلفة، قائلًا: "ما حدش بياخد أكثر من الحد الأقصى، ومحدش يتصور أنه هياخد أجر وهو مش بيشتغل، لأن هذا فساد بالمعنى الحقيقى"، لم تنفذ على الجميع، حيث خرجت من عباءة الحد الأقصى العديد من الهيئات وآخرها القضاة وأعضاء النيابة. من جانبه، أوضح إسلام إحسان، نائب رئيس هيئة الرقابة الإدارية، أن 200 عضو بالجهات والهيئات القضائية تتجاوز أجورهم الحد الأقصى المحدد من قبل الدولة ب42 ألف جنيه، بما يعادل 1% من إجمالي 20 ألف عضو بالهيئات القضائية، مطالبا بتعديل القانون 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى للأجور، قائلًا: «يحتوي على العديد من العيوب التشريعية التي أسفرت في نهاية الأمر عن عدم تطبيقه وسريان أحكامه على جميع الوظائف العامة». وأشار نائب رئيس هيئة الرقابة الإدارية، إلى أن القانون في وضعه الحالي لا يسمح بتحقيق المساواة على الجميع، خاصة بعد وجود بعض الاستثناءات التي يجب أن تزال على الفور لكي تتوفر العدالة. الجمل: الشرطة والجيش والخارجية لا يطبقون الحد الأقصى للأجور وفى نفس السياق، قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة تعمل وفق نصوص القانون وليس مجرد قرار صادر على أساس الأهواء والآراء، حيث يخضع القضاة وأعضاء النيابة لكادر خاص بهم ينظم رواتبهم ومكافآتهم، ولا ينطبق عليهم النظام الوظيفي العام المتمثل في قانون الخدمة المدنية، وبالتالي لا ينطبق عليهم القانون 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى لأجور العاملين بالدولة. ولفت "الجمل" إلى أن فتوى مجلس الدولة الأخيرة، تنطبق أيضًا على العاملين بالشرطة والجيش والخارجية؛ نظرًا لأنهم لا يخضعون للنظام الوظيفي العام الخاص بالخدمة المدنية، ولهم كادر خاص مثل القضاة وجميع السلطات السيادية، مؤكدا أن الحل الوحيد للخروج من ذلك المأزق، إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسي بصفته انه يمتلك صلاحية التشريع، قرار بخضوع العاملين بالكادر الخاص إلى الحد الأقصى للأجور.