تتجهز حديقة متحف زكريا الخناني وعايدة عبد الكريم بطريق سقارة، لاستضافة معرض «حديقتي الزجاجية»، للفنانة مها عبد الكريم، لتفتح أبوابها للجمهور في الواحدة ظهر السبت المقبل، بالتعاون مع قطاع الفنون التشكيلية، ويتجول الزائرين بين حوالي 30 عمل فني متنوع من التشكيلات الزجاجية المبتكرة، كلها من إيحاءات النبات، في تجارب جديدة في التقنية والقياس والإحساس اللوني والتشكيلي. يعود شغف واهتمام الفنانة مها عبد الكريم بفن الزجاج الحراري، لقصة تقودنا لقصة أخرى تسرد تفاصيل تخص الفنان الراحل زكريا الخناني ومتحفه، نحكي أولًا عن عوالم «مها»، فولعها بهذه النوعية من الخامات كان بسبب نشأتها منذ سن السابعة من عمرها في بيت وكنف شقيقتها الفنانة الدكتورة عايدة عبد الكريم، زوجة «الخناني»، وهما من رواد فن الزجاج التشكيلي في مصر، ومُنشئي متحفيهما بالحرانية. بعد تخرجها من كلية الحقوق، اتجهت للرسم وصقلت موهبتها على أيدي كبار الفنانين، مثل الفنان الدكتور مصطفى الرزاز، والفنان أبو بكر النواوي، وبدأت في عرض أعمالها سنة 2004، ثم عادت لتركيبات وتشكيل الزجاج برعاية شقيقتها ولكن بخط وأسلوب خاص بالفنانة، وعرضت أعمالها في مركز الجزيرة للفنون سنة 2012، ولها أعمال عديدة في المعرض الدائم بمتحف الزجاج. إذن فما قصة زكريا الخناني؟ الراحل رائد في فن تشكيل الزجاج، يستحق بجدارة لقب "عاشق الزجاج"، منذ عام بالتمام افتتحت وزارة الثقافة متحفه المقام بمنزله، والذي كان ورشة لأعماله وإبداعاته هو وشريكة حياته الفنانة الدكتورة عايدة عبد الكريم، التي كان لها الفضل الأكبر في تحقيق هذا الحلم. الخناني وزوجته أحبا فن الزجاج وكونا عالما من الجمال والإبداع، وأصبح لهما تلامذة سواء من الجامعة أو الهواة الذين تعلموا فن الزجاج بشكل فني واقتصادي، لذا فالمكان ليس مجرد متحف، وإنما حالة مصرية مبدعة وجزء منها متواصل مع التاريخ المصرى القديم في كثير من الرسومات، وهي محاكة للنمودج المثالي للفن حيث يطوع الزجاج بكل أشكاله وألوانه وأطيافة ويخلق منه تحفا فنية جميلة ومبهرة. تم إنشاء هذا المنزل عام 1969 لكى يكون ورشة ومتحفا، وكان الخنانى يعمل ضابطا مهندسا فى الجيش، وكان محبا للفن، بداية عمله وإنجازه الحقيقى كان بإعادة اكتشاف العجائن المصرية القديمة للخزف، وأساليب صناعة الحلى المصرى القديم التى قد تم تطورها بعد ذلك، وهى تشكل الجزء الأول والأساسى من متحفه. المتحف فريدا من نوعه فى الشرق الأوسط، والوحيد فى مصر الذى يوجد معه مركز تعليم وتدريب وورش إنتاجية، تُغذى دائما المتحف والمعرض لكى يبقى هذا الفن الرفيع بصورة مستديمة، وقد تم ربطه بمعهد التربية الفنية بالزمالك. يوم افتتاح المتحف قال الدكتور صلاح المليجي، رئيس قطاع الفنون التشكيلية السابق: بجانب قيمة هذا الصرح الفني والعلمي ودوره في الحفاظ على هذا الإرث الفني والإسهام الإبداعي، هو رسالة تقدير وعرفان بقيمة أستاذ ومثل وقدوة ليستفيد منها المهتمون والدارسون ويرسخ لمبدأ التواصل والاستمرارية لهذا الفن المصري الأصيل اعترافاً بقيمة العطاء والبذل وغرس قيمة ومكانة القدوة عند الأجيال الحالية والقادمة، وشاهد على عظمة الفنان المصري وقدرته على الإبداع، كما يؤكد مضينا قدماً في تنفيذ خطط التطوير والترميم للمتاحف التي لا تزال مُغلقة حتى تعود في أبهى صورها منارات للثقافة والفنون. لعل السر في تكوين شخصية الفنان الراحل يرجع إلى عدة عوامل، أولها زياراته مع والده مفتش الآثار لمعبد الكرنك والمعالم الأثرية، ثم دراسته فى مدرسة المهندس خانة بقسم الميكانيكا والكهرباء، وهى الدراسة التى وهبته الدقة، وبعدها خدمته بالقوات المسلحة التى تركها برتبة لواء مهندس عام 1968، وهى التجربة التى منحته التزاماً وانضباطاً وقدرة على التعامل مع صلابة الزجاج وتطويعها حسب التشكيل الفنى والفكرة التى يريدها.