قبل نحو 14 عامًا تم تشكيل تحالف دولي كبير بقيادة أمريكا لإسقاط حكم «طالبان» في أفغانستان بعدما صنفها البعض كحركة إرهابية، اليوم وفي مفارقة غريبة تسارع واشنطن لإجراء محادثات مع طالبان ذاتها لإيجاد إستراتيجية تهدف للخروج من مستنقع الحرب هناك، وبما أن قطر ملجأ هؤلاء بعدما فتتحت الحركة مكتبًا رسميًا لها في الدوحة، تستضيف قطر الآن المحادثات بين المسئولين الأمريكيين والحركة لبحث السلام في أفغانستان. قال عضو بارز في طالبان « سنعقد عدة جولات من المحادثات مع مسؤوليين أمريكيين في قطر فلننتظر ما سيحدث إذ لم تسفر المحادثات عن أي نتائج من قبل"، وكانت الولاياتالمتحدة أقامت اتصالات سرية منذ فترة طويلة مع حركة طالبان الأفغانية، بهدف الخروج من مستنقع الحرب هناك، خاصة مع عجز قوات التحالف الدولي، الذي تمكن عام 2001 من إزاحة الحركة من حكم البلاد، عن القضاء على خطر الحركة أو مواجهة هجماتها العنيفة المتصاعدة. بداية الاتصالات ترددت في هذا الصدد أنباء أواخر عام 2009 عن إجراء مباحثات سرية بين ممثلين عن حركة طالبان الأفغانية، برئاسة الملا وكيل أحمد متوكل الذي كان وزيرا لخارجية الحركة، والسفير الأمريكي في كابل آنذاك الجنرال كارل ايكنبري في مكان سري بالعاصمة الأفغانية، وظهر أول تأكيد رسمي للاتصالات بين الأمريكيين وحركة طالبان في 17 يونيو عام 2011 حين أعلن الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي أن الولاياتالمتحدة وقوى أجنبية أخرى تجري مباحثات تمهيدية مع حركة طالبان بهدف التوصل إلى تسوية تضع حدا للحرب المتواصلة في أفغانستان. قطر أفضل وسيط خلال شهر يونيو عام 2013 تم الإعلان عن فتح حركة طالبان مكتبا لها في العاصمة القطريةالدوحة، بالتزامن مع إعلان الرئيس الأفغاني حامد كرزاي أنه ينوي إرسال وفد إلى قطر للتفاوض مع طالبان، تبع ذلك تأكيد مسؤولين أمريكيين بأن ممثلين لبلادهم سيبدؤون قريبا لقاءات رسمية مع الحركة في الدوحة. في يونيو من العام الماضي استضافة قطر مباحثات بين حركة طالبان المسلحة والولاياتالمتحدةالأمريكية أسفرت عن الإفراج عن جندي أمريكي محتجز لدى حركة طالبان، يدعي بو بيرجدال في مقابل إطلاق سراح خمسة من معتقلي الحركة في "جوانتانامو" وخاصة، بعد شكوك متبادلة بين الجانبين الأمريكي والأفغاني عدة سنوات، استدعت تدخل قطر كوسيط في مفاوضات جدية بين الجانبين . بعد نجاح الصفقة وجه الرئيس الأمريكي أوباما الشكر لأمير قطر الشيخ تميم على الدور الذي لعبته بلاده لتأمين إطلاق بيرجدال وأضاف أن «قطر تعهدت بوضع تدابير لحماية أمن أمريكا القومي»، فيما أثارت هذه الصفقة جدلا واسعا في الأوساط السياسية في واشنطن وهو ما وصفه منتقدو إدارة أوباما بأنه "قبول بمكافأة الإرهاب". ويرى الخبراء أن قطر وجدت في وساطتها خلال مرور الأعوام الماضية متنفسا لحالة العزلة التي كانت تعيشها في ظل الحصار الخليجي المصري على خلفية تدخلها في شئون الدول العربية، ولإثبات أن بإمكانها أن تجد لها متنفسا غير الفضاء العربي، بالإضافة إلى حجز مكان آمن لها بين كبار مصدري الغاز الرئيسيين إلى أمريكا والغرب. هذه الصفقة التي أثارت جدلًا حينها توسطت فيها قطر، دون علم أفغانستان التي عارضتها بكل شده، خاصة بعدما أشارت إلى أن السجناء الخمسة الذين أطلقت واشنطن سراحهم، ليسوا أعضاء عاديين في حركة طالبان، فهم من كبار مسئولي ما كان يعرف حينها ب«إمارة أفغانستان الإسلامية» والتي يقول مسؤولون أفغان إنها تمثل تهديدا كبيرا لأمن واستقرار البلاد.