شهدت الأيام القليلة الماضية تعاقد مصر مع فرنسا على شراء 24 طائرة من نوع رافال الفرنسية بعد مشاورات ومباحثات سريعة استمرت ثلاثة أشهر بين المسئولين الفرنسيين والمصرين لإتمام صفقة الطائرة رافال، التي دخلت الخدمة في البحرية الفرنسية عام 2004 ودخلت الجوية الفرنسية عام 2006 ، حيث يزور وزير الدفاع الفرنسي غدا الأثنين للتوقيع على عقد الصفقة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي. قدرات الطائرة الفرنسية يبلغ وزن الطائرة بدون حمولة 9,500 كيلو جرام، أما الوزن عند الإقلاع فيصل إلى 24,000 كيلو جرام، وتبلغ سرعة الطائرة القصوى في الارتفاعات العالية 2,000 ماخ/كم. كانت أول تجربة طيران للمقاتلة "داسو رافال" عام 1986 كطيران تجريبي، وتم تصنيع فئات متنوعة منها، فئة مزودة بمقعد واحد، وأخرى مزودة بمقعدين للتدريب، وفئة ثالثة متطورة فى مستويات التسليح، وفئة رابعة للإقلاع من حاملات الطائرات، ويبلغ طولها نحو 15 مترًا تقريبًا، ومزودة بمحركين من نوع "سنيكما إم 88-2″، وقادرة على الطيران بمدى 3700 كيلو متر، ويبلغ أقصى ارتفاع لها 16800 متر. المقاتلة الفرنسية قادرة على حمل صواريخ جو – جو، وسايد ويندر، وميكا، وماجيك، وبها شبكة رادارية قادرة على تعقب 40 طائرة فى وقت واحد والاشتباك مع 8 طائرات دفعة واحدة، ويمكنها اكتشاف الطائرات التى تحلق أسفلها، ومزودة بأنظمة للبحث الحرارى وتتبع الأهداف. تستطيع الرافال حمل 9 أطنان من الأسلحة في 14 نقطة على جسم الطائرة تمكنها من حمل أنواع مختلفة من صواريخ جو أرض وصواريخ جو جو وصواريخ مضادة للسفن إضافة إلى قدرتها على تنفيذ هجمات استراتيجية بأسلحة نووية وصواريخ كروز التي تم إعدادها للاستخدام على الطائرة في 2005. وتستطيع الطائرة حمل 6 صواريخ "إي إي إس إم" الفرنسية التي تصل دقة تصويبها إلى 10 أمتار إضافة إلى مدفعان 30 مم سعة 2500 طلقة. وتعتبر الرافال طائرة حرب إليكترونية بإمكانات تكنولوجية عالية وتحمل رادار " أر بي إي 2″ الإيجابي الذي تم تطويره بواسطة شركة سالس الفرنسية والذي يستطيع متابعة 8 أهداف في وقت واحد. الدول التي تنوي شراء هذه الطائرة عام 2007 طلبت المغرب من فرنسا أن تقتني 18 طائرة عسكرية رافال واستجابت اللجنة العمومية للتسليح التابعة للجيش الفرنسي لهذا الطلب وقدمت للمغرب عرضًا بقيمة 1.1 مليار يورو، إلا أن المبلغ الذي عرضته وزارة الدفاع الفرنسية على المغرب كان أقل من الذي طلبته شركة "داسو" الفرنسية المتخصصة في تصنيع هذه الطائرات، ما يعني أنه لم يكن هناك تنسيق مسبق بين الوزارة والشركة التي طلبت مبلغ 1.4 مليار أورو، من أجل بيع طائراتها للمغرب، بوجود فرق قيمته 300 مليون يورو بين العرضين. عدم التنسيق بين المؤسستين الفرنسيتين دفع المغرب إلى أن يطلب تخفيض قيمة الصفقة، غير أن وزارة الدفاع الفرنسية ردت بأنها حددت قيمة الطائرة الواحدة، دون أن تأخذ بعين الاعتبار تكاليف التغييرات التقنية التي ستطال الطائرات عند بيعها، وأمام رفض المغرب لمبلغ الصفقة المقترح، عمدت وزارة الدفاع الفرنسية إلى محاولة إقناع الرباط بشراء هذه الطائرات إلى جانب فرقاطتين حربيتين، غير أن المغرب لم يكن راغبا في شراء فرقاطة حربية فرنسية، نظرا لتحضيره آنذاك لاقتناء فرقاطة حربية هولندية ، وأمام هذا الخلاف في الأسعار ، اضطر المغرب إلى الانسحاب من الصفقة. أجرت الأمارات مع فرنسا محادثات من أجل أن تحصل على الطائرة الفرنسية واستبدال طائرة الميراج المتقدامة التي تمتلك 60 طائرة منها لكن الصفقة التي تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار توقفت في 2011 عندما وصفت الإمارات سعر الطائرة بأنه غير قادر على المنافسة. لم ترق أيًا من الدول السابقة إلى مرحلة المفاوضات شبه النهائية غير دولة الهند، التي دخلت في مفاوضات مع فرنسا لشراء 126 طائرة «رافال»، منذ يناير عام 2012. وكان آخر ما توصلت له المفاوضات التي استمرت 3 سنوات، لم يُعلن عن نهايتها حتى الآن، تقضي بأن تشتري الهند 126 طائرة رافال، تُصنع 18 منها في فرنسا و108 في الهند بموجب ترخيص لمجموعة «هندوستان ايرونوتيكس ليميتد»، التي تملك بموجب هذا الترخيص «التكنولوجيا كاملة وحقّ التصدير». وحتي الآن لم تظهر ملامح أتمام الصفقة وأرجعه البعض ربما لأسباب اقتصادية وسياسية الأول لأرتفاع ثمنها والثاني يتعلق بتجميد فرنسا صفقة سلاح مع روسيا بعد الضغط من أمريكا والاتحاد الأوروبي على خلفية موقفهم المتعارض مع موسكو حول الأزمة الأوكرانية ، ولأن الهندوروسيا تجمعهم « دول البريكس» أعادت الأولي النظر في صفقة الطائرات مما جمدت المفاوضات بشأن الطائرة. في ديسمبر 2013 فشلت فرنسا في اتمام صفقة الطائرات رافال مع البرازيل الذي اختار في نهاية المطاف اقتناء طائرات "غريين إن جي" السويدية بسبب قلة تكلفتها وسهولة صيانتها، فضلا عن تعهد ستوكهولم بنقل التكنولوجيا بشكل كامل. لماذا تسعى مصر للحصول على الطائرة الفرنسية ؟ وراء سعي مصر للحصول على الطائرة مجموعة من الأهداف أولها بالطبع تقوية سلاحها الجوي هجوما ودفاعا نظرا للوضعين الداخلي والإقليمي، وثانيها تنويع مصادر التسلح، وثالثها إفهام واشنطن أنها قادرة على شراء السلاح الذي تحتاج إليه ليس فقط من روسيا التي زار رئيسها القاهرة في الفترة الأخيرة، بل أيضا من مصادر غربية حيث تريد القاهرة الخروج عن «الوصاية» الأمريكية التي تقيد استخدام الطائرات الحربية أمريكية الصنع، وفي أي حال، ليس من المؤكد أبدا أن مصر كانت تستطيع الحصول على السلاح الحديث الذي تريده من واشنطن لأن الأخيرة تراعي دوما التفوق الاستراتيجي الإسرائيلي. وليس سرا أن صفقات السلاح تحمل دائما في طياتها رسائل سياسية؛ إذ أنها تعكس طبيعة التحالفات والعلاقات القائمة بين المشتري والبائع، وفي حالة مصر وفرنسا، فإن العلاقات بينهما أقل ما يقال فيها في الوقت الحاضر، إنها «جيدة». مصر وفرنسا لديهما تنسيق مشترك بشأن الكثير من الأزمات والمواضيع الساخنة ومنها الإرهاب والأزمة الليبية والأزمة الشرق أوسطية، وبعد فترة من «البرودة» التي أعقبت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، عادت الحرارة لتدب في شرايين العلاقات الثنائية، الأمر الذي تجسد بزيارة الرئيس السيسي لباريس نهاية شهر نوفمبر ، وذلك في جولته الأولى إلى أوروبا. ما المكاسب التي تعود على فرنسا من بيع «رافال» لمصر؟ المكاسب تعددت للدولة الفرنسية من هذه الصفقة ، وأهمها أنها أخيرا نجحت في توقيع عقد بيع «رافال» للخارج؛ ذلك أن «داسو» للطيران أصيبت في السنوات الماضية بالكثير من الخيبات في عدة دول . وبعد أن عولت كثيرا على بيع «رافال» من الجيل الرابع، إلا أنها في النهاية لم تجد إلا سلاح الجو الفرنسي والبحرية زبائن لها الأمر الذي أجبرها على خفض الإنتاج والاكتفاء بتصنيع 13 طائرة في العام تذهب كلها لوزارة الدفاع، ولذا، فإن باريس تأمل أن يكون العقد المصري عاملا دافعا لمزيد من العقود. وتبدو قطر المرشحة الأقرب «بعد مصر» لشراء «رافال»، ومنذ نحو الشهر، بدأت تلوح في الأفق تباشير العقد الجديد مع مصر الذي جرى الحديث عنه جديا لدى زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للعاصمة الفرنسية، وما يدهش باريس أن المفاوضات بين الشركات الفرنسية الضالعة في العقد المتعدد «داسو للطيران، طاليس وسافران» لم تستغرق أكثر من ثلاثة أشهر، الأمر الذي يعني، وفق مصادر دفاعية فرنسية، أن الطرفين «كانا بحاجة لهذا العقد الذي جاء في الوقت المناسب لكليهما». هل تشارك الطائرة الفرنسية في معارك حالية ؟ استخدمت الطائرة رافال في العديد من المعارك والحروب التي شاركت فيها فرنسا، في أفغانستان (2007-2012)، ليبيا (2011)، في شريط الساحل والصحراء«مالي» (منذ 2013). وتشارك حاليًا في الهجمات التي يقوم بها التحالف الدولي للقضاء على تنظيم «داعش» في العراق (منذ سبتمبر 2014).