تحتفي القاهرة اليوم وتتجه أنظار العالم أجمع نحو الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، زيارة يراهن عليها الجانبين المصري والروسي من أجل تحقيق مصالح مشتركة، يحظى "بوتين" باستقبال رئاسي مميّز فور وصوله إلى الأجواء المصرية، إذ يرافقه عدد من الطائرات الحربية المصرية، فيما استقبله في المطار الرئيس "عبد الفتاح السيسي". وصول الرئيس الروسي، "فلاديمر بوتين"، إلى القاهرة اليوم الاثنين، في زيارة تستغرق يومين، هي الأولى لرئيس روسي منذ 10 سنوات، يلتقي خلالها عدداً من المسئولين المصريين، في مقدمهم الرئيس "عبد الفتاح السيسي"، وكبار مسئولي الحكومة. زيارة "بوتين" تهدف إلى تقوية العلاقات المتنامية بين البلدين، وقال الكرملين إن "السيسي" و"بوتين" سيوليان اهتمامًا خاصًا لتعزيز التجارة والعلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث يتوقع أن يناقش الزعيمين كذلك الأوضاع في العراق وليبيا وسوريا والصراع العربي- الإسرائيلي، ومن المقرر أن يتم توقيع اتفاقيات تجارية بين البلدين. وفق مصادر دبلوماسية مصرية، فإن زيارة "بوتين" هدفها استمرار تحسين العلاقات بين القاهرةوموسكو، على أن تكون هذه العلاقة تكاملية للطرفين، لكنها لن تكون بديلة من العلاقة مع الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة، كذلك ستجري مناقشة تطوير العلاقات العسكرية ووصول عدد من المعدات العسكرية الروسية إلى مصر، التي تم الاتفاق عليها خلال زيارة "السيسي" السابقة لروسيا، أيضاً، سيتطرق اللقاء بين الرئيسين إلى نتائج اجتماعات المعارضة السورية في مصر، إضافة إلى نتائج اجتماع موسكو ومناقشة الرؤية المصرية لحلّ الأزمة السورية بهدف الوصول إلى توافق بين المعارضة والنظام، مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية. من جانب المصالح الروسية فإن زيارة الرئيس "بوتين" لمصر تأتي في الوقت الذي تتعرض فيه روسيا لعقوبات من قبل الغرب وتوتر في العلاقات بسبب الأزمة الأوكرانية، لذا تحرص روسيا على مواجهة هذه المقاطعة الاقتصادية بالتعاون مع قوى دولية وإقليمية أخرى مثل الصين والهند ومصر. أما من الجانب المصري فإن الزيارة تؤكد إستراتيجية مصر المنفتحة على جميع دول العالم وتوسيع علاقاتها مع جميع الأطراف، كما أنها تبعث رسالة للغرب بأن مصر تحظى بدعم سياسي غير مسبوق من قبل روسيا وتجمع البلدين علاقات تشتد صلابة كل يوم عن سابقه وهو ما يثير انزعاج القيادات السياسية الأمريكية، كما تمثل الزيارة رد قوي على تحركات الولاياتالمتحدة ضد السياسة المصرية. العلاقات التاريخية بين القاهرةوموسكو مرّت بالعديد من المراحل، كانت أكثرها إزدهاراً في حقبة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، إبّان حكم الزعيم "جمال عبد الناصر"، حيث وصل التعاون العسكري والاقتصادي إلى أعلى مستوياته، فضلا عن المواقف السياسية المشتركة إزاء كثير من قضايا المنطقة والعالم. أصاب بعض الفتور العلاقة بين البلدين منذ تولي الرئيس الأسبق "أنور السادات" الحكم في مصر، وتوجهه إلى المعسكر الأمريكي، وحصر تسليح الجيش في الجانب الأمريكي، ثم بعد ذلك توقيع مصر اتفاقية "كامب ديفيد". أما الآن فالعلاقات بين موسكووالقاهرة تعود بقوة في هذه الأيام، فمنذ عزل الرئيس الأسبق "محمد مرسي" شهر يوليو 2013، شهدت العلاقات المصرية الروسية تقاربا ملحوظا، خاصة بعد تولي الرئيس "عبد الفتاح السيسي" قيادة البلاد، كما زادت الزيارات التبادلية لقيادات البلدين، حيث زار الرئيس "السيسي" موسكو مرتين، الأولى حينما كان يشغل حقيبة الدفاع، والثانية في أغسطس 2014 بعد انتخابه رئيسًا، ومنذ الزيارة الأولي، بحث الرجلان بيع أسلحة روسية إلى مصر، كما استقبلت القاهرة كذلك في نوفمبر الماضي، وزيري الدفاع والخارجية الروسيين لمناقشة صفقة سلاح محتملة، وأكدت وسائل إعلام روسية آنذاك أن الجانبين على وشك توقيع صفقة سلاح روسية لمصر قيمتها 3 مليارات دولار. استبق الرئيس "السيسي" هذه الزيارة التاريخية بمقابلة مع وكالة "تاس" الروسية، قال فيها إن الشعب المصري يثمّن عالياً دعم روسيا لمصر مراراً، معرباً عن أمله بمواصلة البلدين بناء العلاقات بينهما، استناداً إلى التجربة الماضية، وأشار الرئيس إلى أن نظيره الروسي يدرك حقيقة الوضع في مصر، وقد "أيّد القاهرة في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب"، مضيفاً أنه يعتبره "شخصية استثنائية"، ومشيراً في الوقت نفسه إلى أن "فلاديمير بوتين يضطر إلى مواجهة تحديات عديدة، لكنه إنسان قوي ويعطي طبعاً قوياً"، ونوه "السيسي" بأن "روسيا فعلت كثيرا من أجل مصر، ونحن نؤمن بها ونتمنى أن تعيش بلادكم في الأمن والسلامة". تزامنًا مع الزيارة انطلقت دعوات شعبية لاستقبال "بوتين" في مطار القاهرة، والترحيب به على الأراضي المصرية، لكن البرنامج يتضمن زيارة مشروع قناة السويس الجديدة، إضافة إلى بعض المناطق الأثرية، فضلاً عن لقاءات مع رجال الأعمال المصريين.