كسر محمد ناجي النمطية في الرواية العربية، إذ جاءت أعماله بعيدة عن التقليدية، فكانت الأساطير والأشعار أبطال جميع رواياته، أول من وضع إجابات واضحة على أسئلة تائهة لا يعلم إجاباتها الكثيرين. بهذه الكلمات استهل الناقد شعبان يوسف، حفل تكريم الكاتب الراحل محمد ناجي، مساء أمس- الأحد، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته ال46، إذ تحدث الكاتب والمفكر نبيل عبد الفتاح عن مشوار «ناجي» الإبداعي، قائلًا: تعرفت على ناجي في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وفي ثنايا الحديث بيننا إكتشف أنه شاعر ويكتب روايات، ومن الغريب والشيق أنه لم يبادر بنشر النصوص التي كتبها، فكان يكتب ويتركه جانبًا، ومن ثم فهو يعتقد أنه إذا كشف الستار عما كتبه في السبعينيات لكان غير منحى عن أنماط السرد التي سادت في جيله أو في الأجيال السابقة عليه من جيل الخمسينيات أو الستينيات. المدخل الإنساني ساهم في الكشف عن قدرة محمد ناجي في التعامل مع شخصيات جيله التي أبدعها في رواياته بداية من «خافية القمر» وحتى أخر عمل الذي ظهر في أعقاب وفاته، في حين أنه هادئ وصامت لا يتحدث كثيرًا إلا إذا دعت الضرورة لأن يشارك في أي حديث، وانعكس ذلك على طريقته الأسلوبية في أنه يميل إلى الإختذال والتكثيف في الوصف والدلالة، وبالتالي يمكن إعتبار النصوص التي كتبها تنتمي في حقيقة الأمر إلى التيار الذي بدأه على نحو مغاير الراحل إبراهيم أصلان، ونستطيع أن نقول أن «ناجي» مع إختلاف العوالم والجيلين كان تعبيرًا على هذا النمط من الكتابة المكثفة العميقة التي تؤسس لصبغات يتداخل فيها الواقعي والمتخيل والمجازي والفعلى والأسطوري والحقيقي، أي التداخل بين العوالم المتعددة الأبعاد لشخوص محمد ناجي. جاء «ناجي» من الهامش الإبداعي الرفيع لقلب السرد العربي المعاصر، بإطلالته المتميزة والاستثنائية في عالم الرواية، وهو شاعر أساسًا، من هنا تجلى هذا التنوع في مستويات السرد، وثرائه اللغوي، وعمق وتجانس البنية السردية وأحكامها الذي يدل على الموهبة والخبرة الكتابية الأصيلة، والتواشج والائتلاف بين لغته الشاعرة، ولغة الرواية؛ حيث السلاسة السردية دونما إفراط أو تفريط. «ناجي» روائى لامع، لمعان أحجاره الكريمة والثمينة، وشاعر كبير لم يكتشف بعد؛ حيث بدأ شاعرًا، ولا تزال أعماله لم تنشر، فكان ديوانه «تسابيح النسيان» كاشفًا عن روحه الشاعرة وبنيته الشعرية المتميزة.