النار التي تراها بعينيك ليست الأخطر، الخطر يكمن في النار التي لا تراها، وقبل أن تكتشفها ستكون أحرقت شيئا ما، ما هي مساحته؟ كبيره أم صغيرة؟ ما هي قيمته؟ غالية أم زهيدة؟ ما حجم تأثير هذه النار؟ ما مدي قوة اشتعالها؟ وكم هي تكلفة إطفائها؟ هذا إذا اكتشفتها أصلا؛ فما بالك لو لم تكتشفها؟! هل يجب إذن أن تكون حذرا طوال الوقت؟ أن تتخذ الاحتياطات والتدابير اللازمة للوقاية من الحريق؟ ومن باب الاحتياط الكلي توفر التجهيزات اللازمة لإطفائه إن اشتعلت فعلا؟ هذا بعينه -بل وأكثر- ما تقوم به المؤسسات الكبري في كل مكان، وكل دولة أيا كان حجمها، أو تصنيفها متقدمة أو ناميه؛ لأن كلفة الحريق باهظة. وفي السياسة أيضا هناك حريق، يلتهم أشخاصا، وأحزابا، وكيانات، وكذلك أنظمة.. قد يلعب الإعلام دور الكبريت، وقد يلعب دور البنزين، أو يلعب دور القنبلة، تماما مثلما تلعب الجيوش بالنار في الحرب التقليدية؛ يلعب الإعلام بالنار في الحرب النفسية. لا يزال الإعلام هو الآداة الأهم في لعبة السياسة، بل لا يزال دوره يتضاعف، والتطور التكنولوجي يمنحه الفرصة ليتمدد علي خريطة الكرة الأرضية؛ حتي يكاد يطويها طياً. في مصر الثورة، لعب الإعلام دورا بالغ التأثير، بالسلب وبالإيجاب، لصالح النظام أو ضده، أو كان القشة التي قصمت ظهر البعير؛ وهكذا بالتحديد كان في 18 يوما هي عمر ثورة يناير، وبالعكس كان رأس الحربة في 30 يونيه؛ وهذا هو الفارق بين إعلام زمن مبارك الذي بالغ في الكذب لصالح النظام حتي أودى به، وهبط به من جنة السلطة إلي غياهب السجن، وإعلام زمن مرسي الذي بالغ في الصدق ضد النظام فأودي به، وهبط به من جنة السلطة إلي غياهب السجن. هذه هي طبيعة النار، أي نار وكل نار؛ تحتاج -أيما تحتاج- إلي الحرص واعتبار الحيطة والحذر واتخاذ التدابير.. هذه هي النار يا من تلعب بالنار.