تنبهت الدولة في الأوان الأخير إلى أهمية الأراضي الصحراوية التي تم استصلاحها وإحكام سيطرتها عليها، وألَّا يتم تركها في أيدي المستغلين وتجار الأراضي، الذين لا يسعون إلَّا لملء خزائنهم بالمال على حساب الاقتصاد المصري، فبدأت الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة في التصدي لمافيا الأراضي، بتفعيل المادة 48 من قانون الزراعة، التي تنص على أن يكون التعامل مع أراضي وضع اليد بحق الانتفاع بدلًا من التملك، وذلك للأراضي الجديدة التي تم استصلاحها وزراعتها فعليًّا بعد عام 2006 إلى 2013 لمدة تتراوح بين 25 45 عامًا. من جانبه قال الدكتور علي إبراهيم، خبير التنمية الزراعية: إن المادة 43 من قانون الزراعة، الخاصة بتقنين وضع اليد على أراضي الدولة قاصر فقط على الأراضي التي تم استصلاحها وزراعتها قبل عام 2006، التي سيتم التعامل معها بعقود تمليك، وما بعد هذا التاريخ حتى عام 2013 سيطبق عليها المادة 48 من نفس القانون، التي سيكون تقنين وضع اليد للأفراد والشركات على أراضي الدولة الصحراوية المنزرعة بمختلف مناطق الاستصلاح الجديدة، بحق الانتفاع لمدة تتراوح بين 25 و45 عامًا، لافتًا إلى أنه سيتم تشكيل لجان لتقييم أعمال الاستصلاح على تلك الأراضي خلال ثلاث سنوات، لإثبات جدية واضع اليد، وإن لم يستصلحها فعليًّا سيتم إلغاء عقود حق الانتفاع؛ للقضاء على ظاهرة تسقيع أراضي استصلاح الدولة، تمهيدًا لتغيير نشاطها من الزراعة إلى أغراض أخرى. وأشار خبير التنمية الزراعية إلى أن مقابل حق الانتفاع سيكون منخفضًا لتحمل واضع اليد إنشاء البنية التحتية من آبار وطرق لأرضه المستصلحة، وأن التعامل مع الأراضي المستصلحة الجديدة، سيضمن تزايد الرقعة الزراعية، مع الالتزام بتطبيق القانون دون إعطاء استثناءات لإفراد أو شركات أيًّا كانت. فيما قال الدكتور شريف فياض، أستاذ الاقتصاد الزراعي: إن تقنين واضعي اليد بأراضي الدولة المستصلحة بنظام حق الانتفاع، لخطورة موقع تلك الأراضي "سيناء لصحراء الغربية" وما تمثله من أهمية بالنسبة للأمن القومي المصري؛ لأن عقود حق الانتفاع يمكن أن تلغيها دون استصدار أمر قضائي في حالة وقوع أي أحداث من شأنها تكدير الأمن على الحدود المصرية، خاصة في ظل تواجد بؤر إرهابية في تلك المناطق، ووجود منافذ مع دول بها صراعات داخلية يمكن أن تتسرب إلى داخل البلاد، في حالة عدم تحكم أجهزة الدولة في تلك الأراضي المستصلحة. ولفت فياض إلى أن التعامل مع الأراضي بهذا النظام سيكون له مساوئ، خاصة لصغار المستصلحين الوافدين من الوادي والدلتا، لترسخ موروثًا ثقافيًّا لديهم بأنهم لن يشعروا بأن هذه الأرض لهم سوى "بصك الملكية"، وأن الدولة يمكن أن تنتزعها منهم بسهولة ويسر دون أدنى مشكلة، ويضيع ما بذلوه من مال وجهد لاستصلاحها هباءً.