تمر العلاقات الأمريكية السعودية بمرحلة مضطربة لم تبدأ بعد رحيل العاهل السعودي الملك "عبد الله بن عبد العزيز"، بل منذ السنوات الأخيرة وتحديداً طوال الشطر الأكبر من سنوات حكم الرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، وهو ما يفسر زيارة الأخير إلى الرياض في ظل صعود العاهل السعودي الجديد "سلمان بن عبد العزيز" إلى سدة الحكم. توجه الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" يرافقه وفد من 30 عضوا يضم مسئولين كبار وجمهوريين مخضرمين إلى الرياض الثلاثاء، للقاء العاهل السعودي الجديد الملك "سلمان"، وقال البيت الأبيض إن الجمهوريين "جيمس بيكر" وزير الخارجية في إدارة جورج بوش الأب، و"برنت سكوكروفت" مستشار الأمن القومي للرئيسين "جيرالد فورد" و"بوش" الأب سينضمان إلى أوباما لتقديم العزاء في وفاة الملك "عبد الله"، وترافق أوباما أيضا "كوندوليزا رايس" وزيرة الخارجية في إدارة الرئيس جورج بوش الابن، و"ستيفن هادلي" مستشار الأمن القومي في نفس الإدارة، والسناتور الجمهوري "جون ماكين"، ويضم الوفد أيضا وزير الخارجية "جون كيري" ومدير وكالة المخابرات المركزية "جون برينان". وصل "أوباما" إلى الرياض قادماً من الهند التي اختصر زيارته لها، ليتوجه إلى الرياض بعد تعديل البرنامج الأصلي الذي كان يقضي بتقديم نائبه "جو بايدن" العزاء، وقال مستشار الرئيس الأمريكي "بن رودس"، أن الهدف من الزيارة إلى الرياض هو تقديم التعازي والالتقاء بالملك الجديد"، وتابع "سيتطرقان إلى أبرز المواضيع التي نتعاون فيها بشكل وثيق مع السعودية"، مشيرًا بشكل أساسي إلى الحملة ضد تنظيم "داعش" إضافة إلى الوضع في اليمن. أوضحت يومية "واشنطن بوست" أن الولاياتالمتحدة تنظر إلى العاهل السعودي الجديد "بقلق متوقع"، بسبب تقدمه في العمر وتردي صحته، إذ اعتلى العرش وسط سيل من الاضطرابات الإقليمية التي لم يواجهها أي عاهل سعودي من قبله، وأضافت أن "العهد الجديد" يواجه تداعيات "فشل سياسات الملك عبد الله الإقليمية وإخفاقه في الحيلولة دون تراجع النفوذ السعودي في المنطقة"، واستدركت بالقول إن العلاقات العسكرية الأمريكية – السعودية غير مرشحة لتغييرات سلبية في المدى المنظور، نظرًا لأن العاهل الجديد شغل منصب وزير الدفاع في بلاده، ويتوقع المحافظة على تعزيزها وتطويرها، فيما استبشرت خيرًا بتعيين الأمير "محمد بن نايف" الذي يعد أكثر من يحظى بثقة الولاياتالمتحدة من بين المسئولين السعوديين الآخرين. صحيفة "نيويورك تايمز" لم تختلف كثيرًا عن سابقتها من حيث قلق الدوائر الأمريكية على مستقبل العلاقات بين البلدين، وأضافت أن العلاقات الودية السابقة التي أرساها الرئيس "جورج بوش" الابن تلاشت في ظل انتقادات السعوديين للرئيس أوباما بشأن سياساته حيال سوريا، وقلق السعودية من المفاوضات النووية مع إيران. مواقف واشنطن خلال الفترة الأخيرة وخاصة التقارب الأمريكي الإيراني وقرب تحقيق اتفاق إيراني أمريكي يعترف بالدور الإقليمي لطهران في المنطقة، جعل الحديث عن تدهور العلاقات الأمريكية السعودية يتجدد، فالتوصل لهذا الاتفاق يمثل للرياض إعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة، وهو الأمر الذي اعتبره مسئول خليجي رفيع المستوى أنه سيكون من أهم المخاطر السياسية التي ستواجهها دول مجلس التعاون الخليجي خلال هذا العام، لذلك يرى سياسيون أمريكيون أن زيارة "اوباما" إلى الرياض تستهدف إقامة علاقات شخصية مع العاهل السعودي الجديد قد تؤدي إلى توقف مشاعر عدم الثقة التي كان يشعر بها العاهل الراحل "عبد الله بن عبد العزيز" نحو "أوباما" والإدارة الأمريكية في السنوات الأخيرة. من ناحية أخرى تحظى الزيارة بالعديد من الانتقادات الفرنسية التي وجهت إلى الإدارة الأمريكية بسبب زيارة "أوباما" الرياض للتعزية بوفاة الملك "عبد الله"، في حين أنه لم يزر باريس للمشاركة في التظاهرة ضد الإرهاب، وقال "بن رودس" مستشار "اوباما"، ردًا على هذه الانتقادات "إن الظروف مختلفة"، وأضاف "هناك فترة يتوجه خلالها مختلف القادة إلى السعودية لتقديم التعازي والالتقاء بالملك الجديد"، وتابع "بالتالي هناك فرق، مع العلم أننا سبق وقلنا إنه كان علينا إرسال شخص على مستوى أرفع للمشاركة في تظاهرة باريس". القيادة السعودية كان جل همها من اللقاء مع الرئيس الأمريكي "أوباما" الحصول على تطمينات بشأن الاتفاق الإيراني الأمريكي المتوقع قريبًا، ومعرفة تأثير ذلك على مصالح السعودية وشقيقاتها الخليجيات، فيما يهم القيادة الأمريكية أن تحصل على إشارة من الملك السعودي الجديد بأنه ملتزم بالاستمرار في النهج نفسه الذي اتخذته المملكة العربية السعودية في القضايا الإقليمية.