كارثة العثور على قنبلة أسفل كوبرى السيدة عائشة بدائرة قسم الخليفة لم تكن الأولى من نوعها، وقد لا تكون الأخيرة.. فهذا الكوبرى الملقب ب "جسر الموت" لا يمر أسبوع دون أن نسمع عن إبطال خبراء المفرقعات لمفعول عبوة ناسفة أسفله. فالكوبري يعاني من فواصل متهالكة وحفر ومطبات، إضافة إلى تآكل الأسفلت والانحدارات الخاطئة والصيانة المنعدمة له، لذا فالسائقون يرفضون الصعود أعلى الكوبري، حيث الفتحات الواسعة التي تعوق حركة السيارات، خاصة أثناء الصعود، إضافة إلى الهبوط الذي يسبب تدافع السيارات، كما أن الفواصل الخرسانية كبيرة جدًّا، وتعمل كمطبات تسبب إجهادًا للكوبرى، وتحدث اهتزازات تؤثر على عفشة السيارات، بالإضافة إلى تهالك جوانبه وإصابة أغلب فواصله بالصدأ. وتتواجد أسفل الكوبري عربات ومطاعم بها أسطوانات غاز، تهدد باشتعال الكوبري في أي لحظة، فضلاً عن التهديدات الإرهابية المتكررة بتفجيره. وعلى الرغم من الكم الهائل من المشكلات التى تلحق بالكوبري، إلا أن وزارة النقل والهيئة العامة لطرق والكباري تتبع سياسية "ودن من طين وأخرى من عجين". فالبداية كانت في عام 2010 وتحديدًا في شهر يونيو، حيث نشب حريق أسفل كوبرى السيدة عائشة في مستودعات المنظفات، وامتدت النيران الناجمة عن انفجار أسطوانة بوتاجاز إلى نقطة شرطة المرافق، وتسببت فى إحداث فجوة بجسم الكوبري واعوجاجه، وتم التنبيه وقتها إلى ضرورة ترميم الكوبري؛ حتى لا يتعرض للانهيار التام. ولكن الهيئة حتى وقتنا الحالي لم تستجب لما حدث في 2010، ومع وقوع كل حادث تتعالى الأصوات المطالبة بمعالجة أخطاء الكوبرى الهندسية وإلزام السائقين بتخفيض السرعة أثناء مرور المركبات فوقه وإغلاقه أمام شاحنات النقل الثقيل، خاصة التي تحمل مواد قابلة للاشتعال، ولكن يبقى الوضع على ما هو عليه في انتظار وقوع الكارثة. وعن ذلك يقول المهندس عادل عامر خبير النقل إن تأكل الفواصل من أخطر ما يواجه الكباري في مصر، ولا بد من استخدام أجهزة حديثة؛ لمنع تسرب الرطوبة داخل الخرسانة وإحلال وتجديد ما بين 5 و10 سنوات. وشدد عامر على أن كوبري السيدة عائشة بشكل خاص يحتاج إلى إصلاحات ربما تمتد لسنوات طويلة؛ لأنه موجود قبل ثورة 1952، مشيرًا إلى أن خطة التكلفة ربما تصل إلى مليارات الجنيهات. وتابع "أما بخصوص استهداف الكوبري بالمواد المتفجرة، فذلك الأمر يمكن علاجه بالتشديدات الأمنية على الكوبري، الذي يستهدفه الإرهابيون تحديدًا لضعفه". وأكد محمد فودة الخبير بالطرق والكباري بجامعة القاهرة أن معظم الحوادث التي تقع على كوبري السيدة عائشة تتكرر بصفة مستمرة منذ عام 1978؛ بسبب تجاهل ورعونة السائقين للوحات الإرشادية الموجودة على الكوبري، والتي تشير إلى وجود منحنى له سرعة تصميمية من 30 إلى 40 كيلو مترًا. وتابع فودة "أساسًا هو كوبرى معدني وليس خرسانيًّا حتى يتحمل الأوزان الثقيلة المندفعة فوقه والأحمال الزائدة عن طاقته، وكان معدًّا للفك والتركيب، لكنه استمر كغيره من الكبارى المعدنية، مثل كوبرى الأزهر، ثابتًا، وينذر بالخطر". وعلى الجانب الآخر أكد سعد الجيوشي رئيس هيئة الطرق والكباري أن أغلب الكباري بحاجة لصيانة في المحافظات، وأن 50 % منها تجاوز الخمسين عامًا وبحاجة لصيانة فورية. وتابع رئيس الهيئة أن الصيانة الدورية تتم للكوبري كل 6 أشهر، وأن زيادة الأحمال والاستخدام الخاطئ للكباري سبب في تدهور حالته، خاصة وأن أغلب الكباري القديمة حمولتها لا تتجاوز 50 طنًّا، وتتحمل حمولات تتعدى 150 طنًّا، وجارٍ العمل على صيانة وهيكلة الكباري التى بحاجة ملحة لذلك.