جاءت ثورة 25 يناير من عام 2011 كنور وسط سنوات الظلام التي استمرت لأكثر من ثلاثة عقود في ظل حكم الرئيس المتنحي "محمد حسنى مبارك"، الثورة التي حاولوا طمس معالمها كانت ثورة شعبية باقتدار، طالت الأغلبية العظمى من محافظات مصر . لكن في مقدمه تلك المحافظات تصدر المشهد 4 محافظات هزت أركان دولة الفساد، هي على الترتيب بحسب التأثير القاهرة والإسكندرية والسويسوالإسماعيلية، اليوم تفتح "البديل" مغارة الذكريات وتصحبكم في رحلة داخل محافظة الإسماعيلية طوال ال 18 يومًا قبل إسقاط مبارك بصفة نهائية في 12 فبراير من العام 2011 . اليوم الموعود .. 25 يناير 2011 كانت الساعة تشير إلى الثانية عشر في يوم 25 يناير من العام 2011، حين بدأت مجموعات من الناس تظهر بمنطقة ميدان الفردوس المقابل لسوق الجمعة بالمدينة، لم يكن التجمع عاديًا بدت أنها مظاهرهة في قلب مدينة لم تشهد تظاهرات عنيفة من قبل، رغم مشاركة شباب المحافظة في وقفة بكورنيش شارع محمد على بالملابس السوداء حدادًا على وفاة الشاب "خالد سعيد" . وما زاد من غرابه المشهد، هو أنه وعلى عكس كل الميادين، والتي استجابت لدعوة النزول، فيما عرف بيوم الغضب المصري، بدأت الإسماعيلية في الهتاف ضد الرئيس حسنى مبارك وقتها . صلى المشاركين وقتها العصر بالميدان، وسط كردون أمني أحاط المشاركين بشكل صغير، ثم انتهى التظاهر لليوم وسكنت المدينة في انتظار ما ستئول له الأحداث في باقي المحافظات . سكون يكسره رسالة السويس الباسلة 26 يناير 2011 اليوم يسوده الهدوء ظل الجميع في المنازل بمعنى الكلمة، لا مارة وتظهر الشوارع خالية تمامًا، فيما سجلت المؤسسات غيابًا قياسيًا عن العمل في كافة القطاعات بالمحافظة . ربما يعتقد الكثيرون أنه مع ظهور دعوات جمعة الغضب في نهاية اليوم السابق لن يكون ضروريًا التظاهر حتى حلول يوم الجمعة، وأصيب بعض المنتمين لتيارات سياسية داخل محافظة الإسماعيلية بالإحباط . لتشهد تلك الليلة تغيراً درامياً في الأحداث فالثورة في السويس كانت قد اشتعلت مبكراً للغاية مع تسريب سقوط الشهداء، بدأت قوات الأمن تحس بالخطر داخل المدينة فدفعوا بكامل قوات الأمن المركزي بالإسماعيلية لقمع انتفاضة السويس، وشجعهم على ذلك هدوء محافظة الإسماعيلية وبورسعيد . واستجابة لرسالة من مدينة السويس بضرورة التحرك في الإسماعيلية لإنقاذ السويس، دعت القوى السياسية بالمحافظة لتظاهرة حاشدة بميدان الممر في قلب مدينة الإسماعيلية . انتفاضة الإسماعيلية 27 يناير 2011 في تمام الساعة الواحدة وبحسب دعوة القوى السياسية، تجمع ما يقارب 100 إلى 150 متظاهر بميدان الممر، هتفوا للحرية وللعيش والكرامة والعدالة الاجتماعية وضد حسنى مبارك وسياسات القمع، فيما اكتفت الشرطة بإحاطتهم ومنع وصول الناس لهم، وسط تواجد مكثف من ضباط أمن الدولة والأمن وضباط المباحث في انتظار التفرق . المفاجئة جاءت بخدعة، أثناء الاعتصام لكسر الأطواق الأمنية، فكل من لم يستطع أن يصل إلى منطقه التظاهر شكلوا مجموعات منفردة، وهتفوا بشدة وسط ارتباك الأمن وازدياد المجموعات وعدم استطاعة قوات الأمن إحاطتهم جميعاً كسرت الأطواق الأمنية، وانطلقت التظاهرات تجوب المحافظة . اليوم شهد أول اشتباك بين الشرطة والمواطنين، حيث استخدمت قنابل الغاز لأول مره بالمحافظة، كما تم إلقاء القبض على ما يقارب من 14 شخص تم إطلاق سراحهم لحث المتظاهرين على عدم الاعتصام . اعتبرت القوى السياسية هذا اليوم نجاحاً بكل المقاييس، فقد أنقذت السويس بعودة الأمن المركزي من الطريق، وأنهكت الداخلية قبل يوم من اليوم المشهود في جمعة الغضب، ولم يحتجز أي شخص بالشارع . جمعة الغضب 28 يناير 2011 تجمع قُدر بالآلاف في ميدان الممر، انطلقت مسيرة حاشدة إلى شارع محمد على، وقد تم تهشيم جميع صور " مبارك " في الشوارع، واقتحام مقر الحزب الوطني بشارع محمد على، على الرغم من اقتحام مبنى الحزب الوطني بالإسماعيلية سمح فقط بنهب محتوياته لكن تصدى الشباب بكل قوه لمحاولات تخريب المبنى الأثري نفسه بالمحافظة استكملت المسيرة الضخمة للغاية سيرها في اتجاه شارع الثلاثيني، ومنه إلى شارع المدارس مروراً بشارع شبين الكوم، توجهًا إلى مبنى محافظة الإسماعيلية الجديدة بالشيخ زايد، وبحسب شهود عيان كان أولها بشارع الثلاثيني وبدايتها بشراع شبين الكوم . جمعة الغضب " اندلاع الثورة " 28 يناير 2011 أمام مبنى المحافظة بادرت قوات الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع، نظرًا للعدد الهائل، ومع تطور الوضع استخدم الخرطوش، استمرت الاشتباكات في محيط المحافظة وإستاد الإسماعيلية، ما يقارب السبع ساعات منذ الثانية عشر ظهرًا وحتى السابعة مساءً، قبل إنهاك المتظاهرين وقوات الشرطة . نتيجة للأحداث انسحبت قوات الشرطة إلى الأقسام، فيما تركت الشوارع خالية ومع هبوط الليل بدأت الأنباء تتوارد عن فتح واقتحام سجون منها سجن المستقبل بالإسماعيلية، وكذلك أنباء عن بدء انتشار الجيش في الشوارع . كانت الإسماعيلية في ليلة جمعة الغضب هي أول محافظة تشهد انتشار اللجان الشعبية، وهو الحدث الذي سبق انتشار قوات الجيش بالمحافظة، وبينما نشبت الاشتباكات في محيط قسم ثان الإسماعيلية لم يتم إحراق القسم وقتها، استقبلت اللجان الشعبية بالمحافظة قوات الجيش أثناء انتشارها في الشوارع بهتاف " الشعب والجيش إيد واحدة "، هذا اليوم شهد إحراق مدرعة شرطية، إضافة إلى إحراق سيارة قائد المرور وقتها . معركة أمن الدولة 29 يناير 2011 استمرت التظاهرات في كل شبر من المدينة، وسط انسحاب قوات الشرطة من المحافظة إلى مقراتهم بالأقسام، وقد تم اقتحام الحزب الوطني للمرة الثانية . على هامش التظاهرات شكل المتظاهرين دروعًا بشرية حول مديرية أمن الإسماعيلية ومقر المجلس الشعبي المحلي اتجهت المسيرة الحاشدة إلى شارع الثلاثيني، لكن بعض المتظاهرين تجمعوا حول مقر أمن الدولة بالإسماعيلية الموجود في بداية طريق "البلاجات" . في البداية وبحسب شهود عيان حاول ضباط الجيش السيطرة على الوضع وتسلم المبنى، ووافق المتظاهرين الغاضبين في الخارج على الاقتراح لكن ضباط أمن الدولة رفضوا، ليندلع اشتباكاً عنيفاً استخدمت فيه الرصاص الحي فوق أسطح المبنى . قدرت الأعداد بمقتل 22 شخص بحسب ما أعلن وقتها، لم يتم التعرف إلا على 8 أشخاص وقتها، فيما ظل البقية مجهولون دون الحصول على أي هويات للمقتولين، في الليل تم اقتحام وقسم ثان الإسماعيلية مع استمرار الاشتباكات من اليوم التالي بعد مقتل شخص في محيط القسم . يوم جديد 30 يناير 2011 مظاهرات حاشدة مع اتساع سقف المطالب فيما يسير الناس أعمالهم بأنفسهم في ظل اختفاء رجال الشرطة حتى اختفاء المرور، بينما بدأ الجيش في الانتشار والسيطرة بعد الانتشار المحدود الليالي الماضية في ظل غياب الشرطة ثم تم فرض حظر التجول . اعتصام في انتظار التغيير 31 يناير 2011 استمرت اللجان الشعبية بالعمل ودخلت القوى الثورية في اعتصام مطالبة بالرحيل، تمت الدعوة لمليونية يوم الثلاثاء في جميع المحافظات لإسقاط النظام، مع استمرار قطع الاتصالات ولا بنوك لا جامعات لا مدارس لا عمل منذ جمعة الغضب . مليونية في ميادين مصر 1 فبراير 2011 تمت الدعوة في هذا اليوم لمظاهرة مليونية، وعلى الرغم من قطع الانترنت وشبكة الاتصالات، إلا أن الناس لجأت إلى الفضائيات لمعرفة التفاصيل، وعلمت بالمظاهرة المليونية، وتمت مشاركة واسعة للغاية، كما تم تداول نبأ أن المتظاهرون وصلوا ل8 مليون متظاهر في المحافظات، والمطالبة بالتنحي بشكل مباشر كمطلب أساسي للمحتجين في كل مكان واستمر عمل اللجان الشعبية . البنوك تعمل بشكل جزئي 2 فبراير 2012 في هذا اليوم ظهر بعض رجال المرور والشرطة بالمحافظة بمبادرة شخصيه للتنظيم، الناس تساعد في تنظيم الإشارات .. وعادت البنوك للعمل بشكل جزئي، الشرطة العسكرية تنتشر لتعويض غياب الشرطة، والجيش يحاول تسيير الأمور، يبدو أن القيامة قد حلت على المحافظة . أنصار مبارك يظهرون 3 فبراير 2013 بدأ بعض الأشخاص يظهرون ويرددون أنهم أنصار الرئيس مبارك، التجمع الرئيسي لهم كان بمنطقة ميدان المطافئ بالقرب من ميدان الممر المحتضن للثورة، مناوشات وإلقاء حجارة لكن الأغلبية كانت للمحتجين، وأصابع الاتهام تشير إلى رجال أعمال وأشخاص بعينهم داخل المحافظة، دفعوا مبالغ مالية لذلك . جمعة الرحيل 4 فبراير 2011 استمر احتشاد المواطنين في ميدان الممر، وظهور ( 60 إلى 100 ) من مؤيدي مبارك، وهذا لليوم الثاني على التوالي، تجمعوا أمام مجلس المدينة على بعد أمتار من مظاهرة الممر الاحتجاجية . ورغم تأمين الجيش للتظاهرات، حاول المؤيدون الالتفاف للاشتباك مع المحتجين، لكن تم تكوين دروع بشرية من كل الاتجاهات التي ستأتي إليهم، ثم تفرق جمع المؤيدين بعد فترة قليله وتقدر من ( 10 إلى 15 ) دقيقة، وفى هذا اليوم عرض أسماء الشهداء، وبعد أداء صلاة العصر جماعة في الشارع، كما هي العادة منذ بداية المظاهرات، أن تؤدى الصلوات في جماعة تمت أيضاً صلاة الغائب على شهداء الثورة حتى وقتها . أيام الصمود 5 و 6 و 7 فبراير جاء السبت التالي لجمعة الرحيل، لكن لم يجد جديد ولم يتنح الرئيس وزاد الغليان في التصاعد، واستمرت التظاهرات وبدت كأنها روتينية ومكررة، تمت الدعوة يوم 6 فبراير لمظاهرة مليونية جديدة، كما تم الدعوة لمليونية أخرى يوم الثلاثاء 8 فبراير، بينما مر يوم الاثنين 7 فبراير هادئ في انتظار مليونية الثلاثاء . مليونية "بلال" 8 فبراير 2011 استجاب أهالي الإسماعيلية لمليونية باسم مليونية "بلال" .. احتشدوا لها في الرابعة عصر هذا اليوم، أعلن المعتصمين في الإسماعيلية أن يومي 9,10 فبراير سيتوجهون إلى ميدان التحرير على أن تقام مظاهرة من النوع المليوني يوم الجمعة، وهى ما سميت فيما بعد بجمعة "التحدي"، وستخرج كالعادة بعد صلاة الجمعة من مسجد المطافئ والذهاب لميدان الممر مع توارد أخبار باعتصامات تضرب مجموعة شركات تعمل مع هيئة قناة السويس . الإضرابات والاعتصامات تغزوا الإسماعيلية 9 فبراير 2011 إضرابات بالجملة في أماكن عدة من الإسماعيلية ومظاهرة في ميدان الممر لبعض الأطباء، بينما حاول النظام إلهاء الشباب في التقدم للحصول على شقق سكنية لدى المحافظة كان مقر التقديم هو نزل الشباب بالمحافظة . ما قبل النهاية 10 فبراير 2011 تسبب تقديم الناس على الوحدات السكنية لمشكلات ومناوشات، مما دفع الجيش للتدخل ومحاولة تنظيم العملية، تعهد ضابط الجيش المسئول عن القوات في الشوارع بالتواجد صباح يوم السبت، لتلقى الطلبات بنفسه احتقن الناس وخرجوا في تظاهرات إلى مبنى محافظة الإسماعيلية، وسط هتافات " الحكومة بتشتغلنا " . جمعة الخلاص " جمعة التحدي والشهداء " ( 11 فبراير 2011 ) شهدت البلاد اعنف مظاهرات منذ بدء الاحتجاجات، ووصل عدد المتظاهرون يومها إلى 20 مليون متظاهر في المحافظات، وكانت مظاهرة حاشدة بدأت بعد الصلاة، واتجهت من ميدان الممر تطوف شوارع الإسماعيلية وصولاً إلى مبنى المحافظة، طالبت بإسقاط الرئيس، صلى الجميع العصر ثم طافوا شوارع المحافظة، ألقى النائب "عمر سليمان، بيان عن تنحى الرئيس ليفاجئ الجميع وتنطلق الأفراح والشماريخ والزغاريد في شوارع المحافظة، ويحتفل الجميع بميدان الممر ميدان الحرية .