1500 جنيه تكلفة توصيل مياه الشرب..والطلمبات الحبشية المصدر الرئيسي رغم خطورتها يعاني ما يقرب من 6 آلاف مواطن بقرية "العور" مركز سمالوط بمحافظة المنيا غياب معظم الخدمات الأساسية، بجانب فقر الحال وما أوجده من ارتفاع معدلات الأمية والتسرب من التعليم. وتبدو مظاهر الحياة البدائية بالقرية شاهدًا على فقر الحال وإرثًا من الإهمال والنسيان، وبكت "العور" الأسبوعين الماضيين اختطاف 13 شابًا من أبنائها؛ لتزيد الحادثة من حجم المعاناة والضنك الذي يخيم عليها. "البديل" انتقلت إلى القرية، ورصدت المشكلة الأكبر والمتمثلة في اعتماد معظم الأهالي على مياه الشرب من خلال الطلمبات الحبشية رغم ارتفاع نسب الحديد والمنجنيز والأملاح بها؛ ما أصاب كثيرين بأمراض التهاب الكبد الوبائي والفشل الكلوي، وأرجع معظمهم سبب انتشار الطلمبات بقريتهم واعتمادهم عليها لانقطاع مياه الشرب فترات طويلة، فضلاً عن عدم توصيلها لأكثر من نصف منازل القرية الفقيرة. يقول "عصام زين" فلاح يقيم بالقرية إن تكلفة توصيل مياه الشرب للمنزل من خلال شركة المياه تصل لألف ونصف الألف جنيه، وهو ليس بمقدوره؛ لكونه يعمل أجيرًا يوميًّا (فلاح بالفأس) داخل الحقول الزراعية، ويتقاضى فقط 40 جنيهًا، لا تكفي نفقاته وأولاده الأربعة، وبالتالي يلجأ للطلمبة رغم علمه بأضرارها، وكذلك الحال بالنسبة لعدد من الأهالي حسبما قالوا ل "البديل"، فيما يرى بعضهم أن مياه الطلمبات أكثر نقاءً وعزوبة من مياه المنازل التي باتت ملوثة ومصحوبة بمياه الصرف الصحي في بعض المناطق والأحيان. وترجم فقر حال القرية وأهليها المنازل بناية الطوب اللبن التي باتت مهددة بعد هطول الأمطار وموجة البرد الشديدة، وكذا تسرب عدد كبير من الطلاب، خاصة الفتيات؛ نتيجة ارتفاع معدلات البطالة، وعمل معظم الأهالي بنظام الأجر اليومي في الحقول، وهو ما أوجد بدوره نسبة الأمية العالية بالقرية، واضطر مئات الشباب للسفر للخارج، وكانت ليبيا قبلتهم الأولى، حتى استيقظ الأهالي الأسبوعين الماضيين على حادثة اختطاف 13 من أبنائها خلال عملهم بليبيا، بخلاف 7 آخرين من القرية وقرى مجاورة منذ 3 أسابيع، لم يعلموا مصيرهم حتى الآن. كما تعاني القرية من تعطل الوحدة الصحية، التي صدر لها قرار إزالة لخطورة حالتها المعمارية؛ ما جعل روادها يهملونها ويتغيبون عنها. وبحسب الأهالي فإن الطبيب الوحيد بالوحدة منقطع عن الحضور، ولا تقدم الوحدة أية خدمات صحية تذكر. ولأن الطريق ترابي وغير ممهد؛ يصعب نقل المرضى والطوارئ ليلاً إلى مستشفى سمالوط المركزي الذي يبعد نحو 15 كيلو مترًا؛ ما يزيد من معاناة المريض وفرص علاجه. وتحيط القمامة بأرجاء القرية؛ ما يجعلها عرضة لانتشار القوارض والزواحف والروائح الكريهة، وجميعها مسببات لعديد من الأمراض، في حين لا توفر الجهات المختصة صناديق للقمامة؛ بحجة نقص الإمكانيات. وقال الأهالي إن حركة التجارة والصناعة مفقودة داخل قريتهم؛ لاعتماد معظم أهلها على الزراعة التي لا يعرفون غيرها، وإن هناك مئات الأسر الممتدة ينفق عليها أبناؤها بعد كبر الآباء؛ ما جعل الشباب يتحمل أعباءً إضافية، فبعضهم عازبون يبحثون عن الزواج، وبعضهم متزوج ويعول، ولكي يتمكنوا جميعهم من تحمل نفقاتهم وأسرهم، بجانب نفقات عائلاتهم، اضطروا للسفر خارج البلاد، وبعد حادثة الاختطاف الشهيرة، بات القلق يسيطر على أهالي المغتربين؛ ليزداد الوضع سوءًا. وذكر رجب محمد رئيس قسم الري والمصارف بالإدارة الزراعية بمركز سمالوط وأحد أبناء القرية أن القرية تفتقر لوجود مدارس إعدادية وثانوية، ويضطر طلاب الثانوي العام والفني للذهاب لمركز سمالوط، فيما يضطر طلاب الإعدادي للذهاب لقرية الشوبة المجاورة، حيث إن "العور" لا تمتلك سوى مدرسة ابتدائية. وقال محمود فضل من القرية إن ذلك كان سببًا في تسرب كثير من الفتيات؛ نظرًا لمشقة الانتقال وتكلفته التي لم يحتملها أولياء الأمور، مشيرًا إلى أن معظم شباب القرية حاصلون على دبلومات ثانوي فني. وأضاف رجب أن القرية كانت تمتلك أرض مصرف مساحة فدان ونصف الفدان وهي أملاك دولة، طالب الأهالي بتخصيصها لإيجاد ملعب رياضي وبناء مكتب بريد، وهو ما لم يتحقق.