مستشار بالتخطيط القومي: زيارة الرئيس للكويت تجاهلت المشروعات القومية رئيس مركز البحوث بأكاديمية السادات: نعاني تدهور المناخ الاستثماري فور عودة الرئيس عبد الفتاح السيسي من الكويت، بدأت آلات الإعلام الحكومي والمستقل في رصد نتائج الزيارة السياسية والاقتصادية، حاملة لنا أخبارًا سارة عن فتوحات اقتصادية للدول العربية مثل السعودية والكويت فى مصر، خلال مؤتمر القمة الاقتصادي المزمع انعقاده مارس المقبل، فيما وصف الخبراء تلك الجولات بأنها مجرد دعايا لتوطيد العلاقات وجذب الاستثمارات العربية لمصر، بينما يعاني المناخ الاستثماري بمصر من الضبابية وانعدام الشفافية، وافتقار الرؤية العميقة والأولوية في طرح المشروعات القومية على المستثمرين، لذلك كان لزامًا علينا أن نعرض حصيلة زيارات السيسي لدول "روسيا، الصين، السعودية، الكويت"، وآليات الاستفادة من الأخطاء السابقة. انتقد الدكتور محمود عبد الحي، المستشار بمعهد التخطيط القومي، أداء الوفد الاقتصادي المرافق للرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته للكويت؛ لأنه قدم التيسيرات الاقتصادية قبل أن يتفق على المشروعات التنموية اللازمة لمصر، وكانت دعوة جذب الاستثمارات الكويتية لمصر مطلقة وغير قائمة على أساس أجندة تحمل أبرز المشروعات ذات الأولوية والجدوى الاقتصادية، بما يخدم الاقتصاد والأمن القومي، كما أن أي مستثمر أجنبي يريد استثمارات آمنة وذات عائد جيد وسريع، لكن ما قدمه السيسي مجرد وعود باستثمارات خدمية مثل تفريعة قناة السويس، ولم يلتفت إلى المشروعات التنموية والإنتاجية المتعلقة بمحطات تحلية المياه، الصرف الصحي، الزراعة، والصحة. ووصف عبد الحي زيارة السيسي لدولة الكويت بأنها روتينية ومجاملات، الغرض منها الترويج للاقتصاد المصري، مثلما فعل مع روسياوالصين، لكن مرت شهور ولم نر أي أثر إيجابي لتلك الزيارات على أرض الواقع، سوى وعود الكويت بتقديم العون لمصر خلال مؤتمر القمة الاقتصادية، المزمع انعقاده خلال مارس المقبل، على حد قوله. وتعجب عبد الحي، من كون مصر أول دولة عربية تستخدم الطاقة الشمسية عام 1924، عندما اعتمد عليها مهندس مدني فى إنارة منزله بمنطقة حلوان، واليوم نسعى وراء الطاقة الذرية لمدة عقود، دون أي دراسات تشير لوجود وقود نووي في مصر من عدمه، أو مدى إمكانية توفير التمويل اللازم لتلك المشروعات، فيما تجاهلت الحكومة مشروعات الطاقة الشمسية، رغم أنها ذات أولوية قصوى وتمثل حلًّا مؤقتًا لحين تطبيق مشروع الضبعة، المعطل منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. الاقتصاد الخدمي.. قشة قسمت ظهر البعير «الحكومة ينحصر تفكيرها حول المشروعات الخدمية مثل تفريعة قناة السويس، والمدن المليونية مثل شرق بورسعيد والعلميين، وتبرر موقفها بأن القطاع الخاص هو مصدر التمويل»، هكذا وصف عبد الحي أداء وزراء محلب، متسائلًا: لماذا لا نسخّر أموال القطاع الخاص في المشروعات القومية المنتجة، ولماذا نقبل بمشروعات الكويت الاستثمارية فيما يخدم مصلحة المستثمر الأجنبي وليس الوطن؟ فبالنظر لسابقة أعمال الشركات العربية في مصر، نجد أنها قاصرة على المشروعات السكنية والفندقية فحسب، وهي بعيدة تمامًا عن احتياجات الاقتصاد المصري التي تتطلب مشروعات بنية تحتية اللازمة لتنمية المدن التي سرعان ما تتحول لغابات أسمنتية أو عشوائيات نتيجة سوء التخطيط. وضرب المستشار بمعهد التخطيط القومي مثالًا عن التحالف المصري الإماراتي لإقامة مركز لتجارة الحبوب، فهو لا ينم إلَّا عن تقييد الفكر الحكومي فى إطار الاقتصاد الخدمي، ولم تعلن عن أي مبادرات لإقامة مشروعات لزراعة الحبوب، بل تريد التجارة فيها قبل أن توفرها، مستشهدًا بدولة لبنان التي حولت اقتصادها من مجال الوساطة المالية والسمسرة إلى الإنتاج الزراعي والصناعي، فتمكنت من مواجهة العدو الصهيوني والتصدي له. ودعا عبد الحي إلى ضرورة الخروج من الدائرة المفرغة، والاتجاه إلى الاقتصاد الإنتاجي، وليس الاقتصاد الخدمي أو الرقمي؛ لأنه قائم على حركة الأموال في أسواق المال فقط، ويفتقر للقاعدة الأساسية لنمو أي اقتصاد، وهي المشروعات القومية المتعلقة بالبنية التحتية وسد احتياجات المجتمع من السلع الأساسية، وبالتالي فالاقتصاد الخدمي يهدد الأمن القومي للبلاد؛ لأنه في حالة نشوب حرب لن تجد أي مورد يدعمك بالسلع الاستراتيجية الضرورية. الاقتصاد لن ينهض بالأمنيات الطيبة رأى عبد الحي أن ما قدمه السيسي في زيارات الخارجية لروسيا، الصين، السعودية، الكويت مجرد وعود بتحسن الاقتصاد وأمنيات طيبة، وكان لزامًا عليه أن يترجم احتياجات الاقتصاد المصري في نقاط ويعرضها على الدول، لتصبح مصر دولة منتجة لا مستهلكة، ومرحبًا بالكويت إذا كانت استثماراتها تخدم الأمن القومي المصري وتنمي اقتصاده الإنتاجي، على حد قوله. تطويع رأس المال الأجنبي لخدمة الوطن أوضح عبد الحي أن أرباح الاستثمارات الكويتية تعود في النهاية لبلد المستثمر؛ خاصة لو كانت ناتجة عن مشروعات خدمية مثل الاتصالات والإسكان والفندقة، لذلك أدعو الحكومة لطرح آليات تسمح بتطويع الأموال الأجنبية في مصانع ومشروعات قومية يمكن إدارة عائدها في تطوير وتوسعة تلك المشروعات، وبالتالي نضفي صبغة عربية على المال الأجنبي ونحتفظ به. البيئة الاستثمارية مريضة أرجع الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس مركز البحوث بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، امتناع الجانب الكويتي عن عرض مشروعات الاستثمارية في مصر والإفصاح عنها، إلى تجمد المناخ الاستثماري متأثرًا بالروتين المصري وظاهرة الأيدي المرتعشة المنتشرة بقوة بعد ثورة 25 يناير، موضحًا أن السيسي لا يقدم سوى وعود بتحسن قوانين الاستثمار بمصر، لكن لم يتجلَّ ذلك على أرض الواقع، وعليه تبقى الاستثمارات الأجنبية مترقبة وراصدة للسوق المصرية لحين خلق بيئة استثمارية جيدة. انعدام الشفافية