مجزرة استمرت لمدة 8 ساعات تقريباً راح ضحيتها حوالي 150 شخصا معظمهم من الأطفال، تساقطوا واحد تلو الآخر تحت مقاعد الدراسة التي حاولوا الاختباء فيها، منهم من قضى نحبه بالرصاص ومنهم بالقنابل، اتجهت أصابع الاتهام إلى حركة "طالبان" باكستان الإرهابية التي قررت أن قتل أطفال بشكل جماعي قتلاً باردًا وعامًا وفظيعًا هو "الجهاد في سبيل الله" ما جعلهم يصيحوا "الله أكبر" قبل أن يباشروا إطلاق النار نحو الأطفال. وقعت مجزرة "بيشاور" الباكستانية يوم 16 ديسمبر، حيث اقتحم مسلحون من حركة "طالبان باكستان" مدرسة في "بيشاور" لأولاد العسكريين، وفتحوا النار على الطلاب والمعلمين، ما أسفر عن سقوط 150 قتيلاً من بينهم 132 تلميذاً، إضافة إلى سقوط 182 جريحا، كان الهجوم بشعاً إلى درجة، دفعت تنظيم "القاعدة" وحركة "طالبان" الأفغانية إلى إدانته، لكن لسبب ما، عجزت المأساة المروعة لأطفال مدرسة "بيشاور" عن إثارة اهتمام الإعلام الإخباري والرأي العام العربي بما تستحقه جريمة غير مسبوقة من هذا النوع، فالخبر المفجع هذا مرّ مرور الكرام في الأخبار وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تُفرد له الصفحات والمساحات التي يتم فردها لأحداث تقع في دول أخرى أقل أهمية ودموية من هذا الحدث. أعلنت الحكومة الباكستانية، حالة الحداد على ضحايا الهجوم الإرهابي لمدة 3 أيام، فيما أشعل الناس الشموع في أماكن مختلفة من البلاد وسهروا الليل في أجواء حزينة بينما قام الآباء بدفن أبنائهم خلال جنازات جماعية في بيشاور ومحيطها، ورداً على الهجوم، رفعت السلطات تجميد عقوبة الإعدام بالبلاد في حالات الإرهاب وصادقت على إنشاء محاكم عسكرية لمحاكمة مدنيين بتهمة الإرهاب وقصفت معاقل طالبان. نشرت صحيفة "الإندبندنت" تقريرًا للناجين من مذبحة مدرسة "بيشاور"، حيث يروي "عرفان شاه" 10 سنوات، أنه كان جالسًا في مقعده داخل الفصل الدراسي عندما سمع صوت إطلاق النار، إلا أن المعلمة لم تعر للصوت أي اهتمام حتى بدأ يقترب أكثر فأكثر، وسمعنا صوت بكاء التلاميذ، فقام صديقي بفتح إحدى النوافذ، وانفجر بالبكاء عندما رأى العديد من جثث التلاميذ ملقاة على الأرض، مضيفًا "ركض اثنان من التلاميذ إلى خارج الفصل، إلا أنهما قتلا أمام أعيننا". ويروي "شهنواز خان" 14 عامًا، كيف دخل اثنان من عناصر طالبان صفه واختارا ثمانية تلاميذ أوقفوهم أمام اللوح الأسود، وأضاف "قال أحدهما للمعلمة انظري إلى الذين تحبينهم وهو يموتون، الذين نحبهم ماتوا أيضا بهذه الطريقة برصاص الجيش الباكستاني، ثم فتح هذان العنصران النار وقتلا التلاميذ الواحد تلو الآخر، ثم حاولا تكرار الجريمة البشعة، لكن التلاميذ أمسكوا بأيدي بعضهم بعضا حتى يمنعوا عنصري طالبان من صفهم أمام لوح الموت، في هذه الأثناء قال أحد عنصري طالبان للآخر إنه من الضروري الإسراع في مغادرة الصف لأن الجنود على وشك الوصول، وعندئذ أطلقا علينا النار بصورة عشوائية وغادرا الصف، وقد أُصبت برصاصتين في كتفي". تصاعد الغضب والسخط الشعبي ضد طالبان في أنحاء باكستان عقب المجزرة، حيث احتشد الآلاف في الشوارع بجميع المدن لإدانة الهجوم، ومطالبة الحكومة باتخاذ إجراء حاسم لمواجهة المسلحين، كما أثار الاستهداف الجماعي للأطفال، في المنطقة العسكرية بمدينة بيشاور، إدانات من مختلف أنحاء العالم، وكذلك من كل الأطياف السياسية والدينية الباكستانية، وذلك في مشهد نادر للوحدة في هذا البلد الذي غالبا ما يتقبل حوادث العنف وأحيانا ما يدافع عنها. أعادت المدارس في بيشاورالباكستانية فتح أبوابها،الاثنين، للمرة الأولى منذ الهجوم والذي يعتبر الأكثر دموية في تاريخ البلاد، حيث استقبل حوالي عشرين عسكريًا بينهم قائد الجيش الجنرال "راحيل شريف"، التلاميذ وعائلاتهم في المدرسة العامة التابعة للجيش في "بيشاور"، تم تعزيز الأمن ووضع جهاز لكشف المعادن على مدخلها، ودعت السلطات الباكستانية المدارس إلى التيقظ وبناء جدران تلفها أسلاك شائكة حول مبانيها وتعزيز وجود الحرس قدر الإمكان. قال أحد الطلاب الذي نجا من المجزرة، إن العودة إلى المدرسة لا تزال صعبة جدا ومؤلمة، وأضاف "لقد فقدت 30 من رفاقي في هذا الهجوم، كيف سأتمكن من الدخول إلى صف فارغ؟ كيف سأنظر إلى مقاعد رفاقي الخالية؟"، وعبر تلاميذ آخرون عن رغبتهم في تحدي حركة طالبان الباكستانية التي تحارب السلطة منذ 8 أعوام وتبنت هذا الهجوم غير المسبوق.