رئيسي بعد سقوط العديد من الأنظمة السياسية التي ظلت في الحكم لسنوات طويلة، تغيرت توجهات عدد من دول منطقة الشرق الأوسط، حيث صعد الإسلام السياسي في بعض الدول ووصل إلى مقاليد الحكم، وفي ظل كل هذه التغيرات تشكلت تحالفات جديدة، لتتغير بذلك خريطة العلاقات الدولية في الشرق الأوسط. تشهد العلاقات المغربية الخارجية مع دول الشرق الأوسط العديد من التوترات، التي تفجرت معظمها بعد إنطلاق ما يعرف ب"الربيع العربي" في العديد من هذه الدول، حيث أحدثت الثورات التي اجتاحت المنطقة منذ 2011 تغيرات في شكل العلاقات بين دول المنطقة، لتتم إعادة صياغة كثير من التحالفات التي كانت قائمة، كلٍ حسب توجهات بلاده وحكامه السياسية، خاصة بعدمًا وصلت الخلافات إلى مستويات قصوى، وطالت الشروخ المجتمعات والشعوب. المغرب والجزائر تعاني العلاقات المغربية الجزائرية منذ سنوات طويلة من توترات تختفي بعض الوقت، لكنها تعود أقوى من ذي قبل في أحيان أخرى، تهديدات دبلوماسية يعقبها تصعيد عسكري وحدود متنازع عليها واتهامات تارة بإشعال الفتن وأخرى بتمويل الإرهاب، فالعلاقات الجزائرية المغربية يسيطر عليها حالة من الشد والجذب، أشبه بالحرب الباردة، فكانت الصحراء الغربية بطلها في السنوات الأخيرة، إلا أن الوضع تغير مؤخرًا حتى تحول الصراع إلى استهداف المدنيين على الحدود بين البلدين. الصحراء الغربية أساس الأزمة الصحراء الغربية هي أساس كل الأزمة بين الجزائر والمغرب، تبلغ مساحتها 266 ألف كيلومتر مربع تحدّها الجزائر من الشرق وموريتانيا من الجنوب والمغرب من الشمال، وحسب الأممالمتحدة هي أرض متنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو، يسيطر المغرب على 80% منها، ويقوم بإدارتها بصفتها الأقاليم الجنوبية، ويعود الخلاف بين البلدين إلى الاستعمار الفرنسي، حيث تدافع الجزائر عن حدودها كما تركها الاستعمار الفرنسي، في مقابل المغرب الذي يطالب بحدوده كما كانت قبل مجيء هذا الاستعمار، ومؤخرًا تحول الصراع إلى استهداف المدنيين من قبل جنود للجيش الجزائري، حيث أقدمت 3 عناصر من جنود الجيش الجزائري على استهداف عشرة مدنيين ب"دوار أولاد صالح" التابع للجماعة القروية بني خالد الواقعة على بعد 30 كيلومترا شمال شرق مدينة "وجدة" المغربية. مصر على خط الأزمة دخلت مصر على خط الأزمة بين الجزائر والمغرب، وفي تطور مفاجئ، وصف الإعلام الرسمي المغربي الرئيس "عبد الفتاح السيسي" ب"قائد الانقلاب"، في وقت أكد على شرعية الرئيس الأسبق والمعزول "محمد مرسي"، وبثت القناة الأولى المغربية الرسمية تقريرًا عن ما أسمتها "الآثار السياسية للانقلاب العسكري في مصر"، وقال مقدم التقرير "عاشت مصر منذ الانقلاب العسكري الذي نفّذه المشير عبد الفتاح السيسي عام 2013 على وقع الفوضى والانفلات الأمني، حيث اعتمد هذا الانقلاب على عدد من القوى والمؤسسات لفرضه على أرض الواقع وتثبيت أركانه"، أما القناة الثانية فبثت تقريرًا عن الوضع الاقتصادي في مصر بعد وصول "السيسي" إلى الحكم، مشيرة إلى أنه أصبح على رأس السلطة عبر "انقلاب"، ووصلت الأزمة إلى سحب الرباط سفيرها من القاهرة. اعتبر مسؤولون مغاربة أن هذا التطور الإعلامي يأتي ردا على "ممارسات إعلامية مصرية أساءت للرباط" خلال الفترة الماضية، حيث قال مسؤول في الخارجية المغربية إن سبب الأزمة هو موافقة السلطات المصرية على إصدار كتاب "الصحراء الغربية بعيون مصرية"، وزيارة وفد من الصحفيين المصريين والنشطاء إلى فندق "الأوراسي" بالعاصمة الجزائرية والذي عرف تنظيم تظاهرة دولية داعمة لجبهة البوليساريو مؤخرًا، كما شهدت الزيارة مشاركة مصرية مهمة مكونة من صحفيين ينتمون إلى مؤسسات إعلامية معروفة، وذلك لتوقيع كتاب "الصحراء الغربية بعيون مصرية" المرتقب صدوره، كما زار العديد من الصحفيين المصريين مخيمات "تندوف" السنة الماضية، تزامنًا مع زيارة "السيسي" للجزائر، ومنهم من أجرى حوارا مع زعيم جبهة البوليساريو "محمد عبد العزيز"، عبر فيه عن دعمه للرئيس "السيسي" وتفاؤله به. اعتبرت الرباط أن زيارة "السيسي" للجزائر وتزامنها مع توقيع الكتاب، يعكس نية النظام الجديد دعم نفوذ الجزائر في شمال أفريقيا على حساب المغرب، وهو استمرار للسلوك المصري منذ ستينيات القرن الماضي، حينما شهدت الأزمة حرباً عسكرية بين المغرب والجزائر، دعمت حينها القاهرةالجزائر في صراعها ضد الرباط والذي كانت ذروته "حرب الرمال". الإمارات والمغرب أما دولة الإمارات فقد دخلت حديثاُ في أزمة مع المغرب، وجه خلالها رئيس الوزراء المغربي "عبد الإله بن كيران"، انتقادات غير مسبوقة إلى نائب رئيس شرطة دبي، الفريق "ضاحي خلفان"، إذ اتهمه بممارسة عمل "العرافات" بعد توقعه سقوط من وصفهم ب"الإخوان في المغرب". إيران والمغرب على وقع هذه الخلافات، فتحت المغرب وإيران صفحة جديدة من العلاقات، حيث عاد دفء العلاقات تدريجياً إلى المغرب وإيران، بعد قطيعة دبلوماسية دامت ما يزيد عن 5 سنوات على خلفية اتهامات مغربية لإيران بالتدخل في شئونها الداخلية، ليأتي إعلان إيران مؤخرا عن تعيين "محمد تقي مؤيد" سفيراً لها في الرباط، وقرب إعلان المغرب عن تعيين سفير جديد له في طهران، ويسدل الستار على الخلافات. لم تأتي عودة العلاقات المغربية الإيرانية بشكل مفاجئ، حيث أجرى وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف"، محادثة هاتفية مع نظيره المغربي، "صلاح الدين مزوار"، تطرقا خلالها إلى موضوع "إعادة العلاقات الدبلوماسيّة المقطوعة بين البلدين"، ومن المؤشرات السابقة التي مهدت لاستئناف العلاقات الثنائية بين الرباطوطهران، حضور المندوب الدائم لإيران لدى منظمة التعاون الإسلامي في المغرب، "حميد رضا دهقاني"، إلى الدورة العشرين للجنة القدس التي انعقدت في شهر يناير الماضي في مدينة مراكش، وترأسها الملك المغربي "محمد السادس".