أقل من عشرة أيام، ويُزاح الستار عن جهاز الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لعلاج مرضي الإيدز وفيروس سي، الذي تم الإعلان عنه منذ قرابة عام، ولم ير النور حتي الآن؛ نتيجة تأجيل طرحه بالمستشفيات بقرار من الهيئة، مما جعل البعض يتحدث عن خدعة أو سقطة ربما تكون مدوية للهيئة الهندسية في حال عدم نجاح الجهاز. فبعد الشو الإعلامي الذي صاحب اللواء إبراهيم عبد العاطي، مخترع الجهاز – كما يدعي، والحديث عن إعجاز علمي يصل لبناء الأهرامات وأبو الهول، فإنه لا يجوز أن ينسحب الجميع بعد ذلك ليتحدث عن عدم قابلية الجهاز للتطبيق أو إلقائه في سلة النسيان كأن لم يكن. ولعل اقتراب الموعد لتطبيق الجهاز وعدم وضوح الرؤية حتي الآن عن حقيقة الأمر، بالإضافة إلي اختفاء التصريحات العنترية التي صاحبت الظهور الأول، ربما تعطي انطباعاً عن الوضع الحقيقي للاختراع المزعوم، لكن لن يتم الجزم بصورة نهائية إلي أن يأتي الموعد المحدد لظهور الجهاز للنور وتحديد ما إذا كانت خدعة أم ربما تحدث المعجزة، ويستطيع الجهاز علاج المرضي، وتصبح مصر في مصاف الدول العلمية المتقدمة. عبد العاطي والكفتة «هزمنا الإيدز.. وقهرنا مرض التهاب الكبد الوبائي.. ولن تجدوا أحدا يعاني من هذا المرض.. وهناخد الإيدز ونحطه في صباع كفتة ونغذي بيه المريض»، تلك الكلمات التي ربما تبدو شبيهة بالمداعبات الساخرة التي يطلقها الأشخاص، هي حديث لمخترع جهاز علاج الإيدز وفيروس سي، المدهش في الأمر أن الإعلان جاء من خلال شاشة التليفزيون المصري عبر تقرير مصور في أواخر 2013، ويشير إلي نجاح الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في التوصل إلي ابتكار علاج جديد للمصابين بفيروسي "سي" والإيدز. ولم تمر ساعات على تقرير إعلان الجهاز حتى كتب المتحدث العسكري تدوينة عبر صفحته على موقع "فيس بوك" قال فيها: «القوات المسلحة تحقق أول اكتشاف عالمي لعلاج فيروسات سي والإيدز»، موضحًا أن الرئيس عدلي منصور، ووزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، آنذاك، شاهدا أحدث المبتكرات العلمية والبحثية المصرية لصالح البشرية، والمتمثلة في اختراع أول نظام علاجي في العالم لاكتشاف وعلاج فيروسات الإيدز دون الحاجة إلى أخذ عينة من دم المريض، والحصول على نتائج فورية وبأقل تكلفة، وقد سجلت براءات الاختراع لها باسم رجال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصري، وبعد أن كان مقرر خروجه للنور في شهر يونيو الماضي، إلا أن الهيئة أجلت الإعلان عنه ليكون في نهاية العام الجاري، حيث أعلن اللواء جمال الصيرفي، مدير الإدارة الطبية بالقوات المسلحة، في ذلك الوقت، بأن التأجيل ينبع من الأمانة العلمية، حتى يتم انتهاء الفترة التجريبية لمتابعة المرضى الذين يخضعون للعلاج، مشيرًا إلى أن هناك 160 مريضًا تم اختيارهم للخضوع للعلاج بهذا الجهاز. الجهاز وآمال الفقراء والبسطاء في العلاج فور إعلان الهيئة الهندسية عن اكتشاف العلاج، سادت حالة من السعادة بين أوساط المصريين البسطاء المصابين بفيروس سي الوبائي؛ لشعورهم بقرب نهاية آلامهم ومعاناتهم مع المرض اللعين، بل وعلاجهم علي نفقة الدولة بالمجان، مما جعل الجميع ينتظر البدء في تفعيل القوات المسلحة للجهاز لعلاجهم، إلا أن قرار التأجيل أصاب البعض بالتشاؤم والآخر بالحسرة علي ضياع فرصة العلاج في الوقت الحالي، لكن هناك من لم يفقد الأمل في انتظار العلاج من مرض الكبد الوبائي للتخلص من المعاناة التي صاحبته، والتي لم يستطع القضاء عليها لأن حالته المادية لا تسمح، لذا فإن الجميع مرضي ومواطنين في انتظار كشف الستار عن الجهاز نهاية العام الحالي؛ حتي يتم التأكد من صلاحية وفاعلية الجهاز في العلاج. الصحف العالمية تصف الاختراع بالأكذوبة الكبري نقلت صحيفة "لوس أنجلوس" تصريحات المستشار العلمي السابق لرئيس الجمهورية، عصام حجى، التي وصف فيها الاختراع بأنه فضيحة عالمية لمصر، ورأت الصحيفة أن نقص الدلائل العلمية هو الدافع وراء تصريحات "حجي" وغيره. كما أشارت وكالة "أسوشيتد برس" إلى أن النقض طال قادة الجيش المصري بعد إعلانهم ما وصفوه ب"المعجزة" القادرة على علاج الإيدز والتهاب الكبد الوبائي "سي" وبعض الفيروسات الأخرى، ورأت الوكالة أن الوعود الكبيرة التى قطعها ضباط الجيش بشفاء المرضى يعيد مصر إلى الوراء وعصر مبارك الذى لم يكن يفى بوعوده. ونقلت الوكالة عن مدير معهد الكبد والجهاز الهضمي في جامعة لندن "ماسيمو بنزانى"، قوله إنه حضر طريقة الإعلان عن الجهاز وشرح طريقة عمله، لكن لم يحصل على تفسيرات مقنعة حول الآلية نفسها، ولم يسمح له بأن يجرب الأجهزة بنفسه، وأضاف: "حتى الآن فإن الجهاز يُعْرَض دون أي أساس تقني، أو علمي مقنع، وحتى يتوفر ذلك يجب اعتباره (عملية احتيال محتملة) فلم يُنشر البحث في أي دورية علمية معروفة. «الصحة» لا تعترف بجهاز عبد العاطي وتطرح «سوفالدي» لعلاج مرضي «سى» فيما يبدو أنه اعتراف ضمني بعدم اعتبار جهاز "عبد العاطي" كعلاج حقيقي لمرضي التهاب الكبد الوبائي، تعاقدت وزارة الصحة لشراء عقار "سوفالدي" الخاص بعلاج حالات فيروس سي، وذلك خلال الفترة التي تم الإعلان فيها عن جهاز الهيئة الهندسية لعلاج نفس المرض، مما يثير الشكوك حول مدي مصداقية الجهاز، حيث دفعت الوزارة أموالا طائلة للحصول علي العقار. وتعليقًا على ذلك، يقول الدكتور محمد فتوح، عضو مجلس نقابة الأطباء ورئيس جمعية أطباء التحرير، إنه من الممكن أن يأتي علينا نهاية العام دون الإعلان عن الجهاز، مطالبا بمحاسبة المسئول عن خداع الملايين من المرضي الغلابة، والشعب المصري أجمع بعد الوضع المزري الذي أوصل له سمعة الدولة محلياً وعلي المستوي الدولي.