أجبرهم فقرهم وضيق حالهم بعد انقطاع رواتبهم إلى الاستدانة ليطارد بالحبس؛ نتيجة عدم القدرة على السداد، فضلا عن تطليق الزوجات وإخراج الأبناء من المدارس. إنهم عمال شركتى "العقارية لاستصلاح الأراضي، ومساهمة البحيرة" الذين يتقاضون رواتبهم مرتين في العام فقط، بعد المطالبات والوقفات الاحتجاجية والمعاناة، وها هم يواصلون معركتهم التي بدأوها قبل أعوام، وكان آخرها قبل يومين بوقفتهم الاحتجاجية للمطالبة بصرف أجورهم المتأخرة منذ خمسة أشهر. وعلى طريقة "يا الدفع يا الحبس" يواجه سعيد إبراهيم، العامل بالشركة العقارية تهديدا بالحبس وفقاً للإنذارات التي وصلت له من بنك القاهرة تنذره بضرورة دفع أقساط القرض، أو المقاضاة، ولم يسدد "سعيد " القرض منذ شهر 7 الماضي بسبب عدم تقاضي راتبه وعدم وجود مصدر رزق آخر. وطالب البنك العامل في دعواه برد مبلغ وقدره 14 ألفا و553 جنيهاً والفوائد الاتفاقية 15.5% سنوياً حتى 25-5- 2014، بخلاف ما استجد ويستجد من فوائد، وحتى تمام السداد وبخلاف المصاريف والأتعاب. من جانبه، قال سعيد إبراهيم ل"البديل"، إنه فعلياً غير قادر على سداد القرض، ومهدد بالحبس، غير أنه لا يملك شيئاً ليتم الحجز عليه وسيكون مصيره السجن، بسبب تعمد الدولة إيقاف الشركة وعدم حصولهم على رواتبهم. «أكثر من 75 حالة طلاق في شركة العقارية لاستصلاح الأراضي؛ بسبب ضيق ذات اليد وعدم وجود مصدر رزق للأسرة، العمال مش لاقيين ياكلوا ولا يأكلوا عيالهم».. هكذا قال عبد الرحمن، أحد عمال شركة العقارية فرع الإسكندرية، كاشفاً كذلك منع العلاج والرعاية الطبية عن العمال، وأنه كان مصابا بجلطة وأجرى عملية فى قدمه، واستدان لتسديد مصاريف علاجه، ولم يجد من يعالجه أو من يصرف على أسرته، وحتى اليوم عليه ديون بلغت 10 آلاف جنيه، ولا يعرف كيف سيسددهم. في حين أدان إسلام عبد الرازق، مدير عام بشركة مساهمة البحيرة، تجاهل وزارة الزراعة للعاملين الذين لم يتقاضوا رواتبهم، مناشدا الرئيس السيسي بالتدخل لإنقاذهم من المأساة، قائلا: «لا يعقل تجاهل 6 آلاف عامل وأسرهم بشركتي العقارية ومساهمة البحيرة، خاصة فى ظل احتياج الدولة إليهم؛ لأن تخصصاتهم هي المطلوبة في مشروع حفر قناة السويس الجديدة». ولفت "عبد الرازق"، أحد عمال شركة مساهمة البحيرة، إلى وصول عدد حالات الطلاق بين العاملين وزوجاتهم ل 200 حالة، إضافة إلى تهديدهم بالحجز على منازلهم بسبب القروض البنكية، مضيفا: «هناك عمال اضطرت لبيع محتويات منازلهم حتى أصبح البعض يعيش على الحصيرة»، محذرا فى الوقت نفسه من استقطاب الجماعات الإرهابية والمتطرفة للعمال مقابل الأموال. وأكد المحاسب أيمن سيد، أنه لم يتم تنفيذ قرار مجلس الوزراء بنقل تبعية الشركات لوزارة الزراعة، لكن أسندوها للشركة القابضة لاستصلاح الأراضي والمياه الجوفية. «يا إما يصفينا ويخرجنا معاش أو يشغلنا.. أحنا عندنا كرامة»، هكذا قال أحمد السيد، أحد العمال بالشركة العقارية، مضيفاً أنهم كانوا قد نظموا أكثر من عشر وقفات احتجاجية قبل العيد، انتهت بصرف أربعة أشهر، ومن وقتها لم يتم صرف أى رواتب أخرى لهم. وأشار العامل محمد جودة، إلى أنه يعمل منذ عشرات السنين كسائق حفار وهي المهنة المطلوبة الآن في حفر قناة السويس الجديدة، متساءلا، لماذا لم يستعينوا بهم خاصة أنهم أصحاب خبرة كبيرة وتاريخ طويل في هذا المجال؟. وفي نفس السياق، قال السيد جرامون، مساح بمشروعات الشركة منذ 25 عاماً، إنهم طهروا قناة السويس من الإلغام، فضلا عن استصلاح الأراضي وحفر ترعة السلام ومشاريعها القومية والاستراتيجية، مضيفا أن عمال شركاتهم يمتلكون خبرات كبيرة في هذا المجال تتحدى شركات المقاولات الخاصة التي جلبتها الحكومة للعمل في مشروع قناة السويس بدلاً من شركاتها الوطنية. كما أوضح السيد فتيحة، أمين مخازن بشركة مساهمة البحيرة، أن الشركة تحتاج لإعادة تأهيل المعدات وتحديثها؛ لأن أحدث معدة لدى الشركة من 2006 و2008، مطالبا بضرورة إعادة نظام علاج خاص للعاملين بمواقع العمل؛ نظراً للظروف الصعبة، بعد إلغاء العلاج الخاص واستبداله بالتأمين الصحي، بالإضافة إلى مستحقاتهم المتأخرة.