استراتيجية وطنية واضحة لمناهضة العنف الجنسى.. تخصيص باب فى قانون العقوبات لجرائم العنف الجنسى يضع تعريفات محددة للاغتصاب والاعتداء الجنسى والتحرش.. تأهيل أفراد الشرطة للتعامل مع قضايا العنف الجنسى التى تتعرض لها النساء.. تصحيح التناول الإعلامى لحوادث العنف الجنسى، وغيرها من مطالب كثيرة طرحتها ستة أحزاب سياسية أمس الأربعاء فى مقر حزب "العيش والحرية"؛ ليوافق 10 ديسمبر اليوم ال 16 لفعاليات مناهضة العنف ضد المرأة التى بدأت منذ 25 نوفمبر؛ للاحتفال باليوم العالمى لمناهضة العنف ضد النساء الذى أطلقته الأممالمتحدة منذ التسعينيات، وتحتفل به كل دول العالم. وقالت منى عزت – مسئول الاتصال بحزب العيش والحرية (تحت التأسيس) إن العنف الجنسى الذى تتعرض له النساء أصبح من القضايا التى تشكل منحنى خطيرًا على المجتمع خلال السنوات الأخيرة، والذى اتخذ أشكالاً متعددة من التحرش الجنسى، وصولاً للاغتصاب وانتشار الاعتداءات الجنسية على الأطفال، والتحرش داخل أماكن العمل، مضيفة أن العنف الجنسى أصبح إحدى الوسائل التى تستخدمها الأنظمة السياسية لإقصاء النساء عن المشاركة السياسية والنزول إلى الميادين. وهذا ما رصدته حوادث التحرش الجنسى العمدية الجماعية للنساء بعد ثورة يناير. وأضافت عزت أن العنف الجنسى ليس قضية تخص النساء فقط، بل هو قضية مجتمعية بامتياز، ولا يخص نقاش المنظمات الحقوقية النسوية، ولكن هو قضية تشارك فيها الأحزاب السياسية بكل قوة، والتى تسعى من خلال العمل المشترك للمساهمة فى خروج استراتيجية وطنية واضحة المعالم للدولة لمناهضة كافة أشكال العنف ضد النساء. وأوضحت أن ستة أحزاب سياسية اجتمعت أمس، وهي: التيار الشعبى – حزب العيش والحرية – الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى – الدستور – التحالف الشعبى الاشتراكى – مصر الحرية؛ لتقديم عدة مقترحات للدولة وأجهزتها المعنية وعلى رأسها المجلس القومى للمرأة؛ من أجل إدماج هذه الاقتراحات فى سياسات واضحة ومحددة وآليات متابعة للقضاء على العنف الجنسى فى مصر. واستطردت موضحة أن من بين هذه المقترحات مطالبة الأحزاب بتوفير مراكز طبية فى جميع المحافظات بها متخصصو نساء وولادة وأطباء نفسيون؛ لتقديم الخدمات والرعاية الصحية اللازمة لضحايا العنف الجنسى "التحرش والاغتصاب"، وتدريب أطباء الطب الشرعى بجميع المحافظات على كيفية التعامل مع حالات الاغتصاب، وتوفير الأدوات اللازمة لذلك، ومراجعة المناهج التعليمية وتعديل كل ما يتعلق بأشكال التنميط وما يكرس للعنف والتمييز ضد النساء، وأن تتضمن مناهج التعليم ترسيخ مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان. ومن جانبها قالت مها الجزار – أمين لجنة المرأة بالحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى – إن الأحزاب تتبنى مشروع القانون الذى أعدته المنظمات النسوية والذى يتضمن تخصيص بابًا فى قانون العقوبات خاصًّا بجرائم العنف الجنسى، سواء (تحرش – اغتصاب – اعتداء جنسى)، والذى يستهدف وضع تعريفات محددة للمقصود بجرائم العنف الجنسى وجميع أنواعه؛ حتى لا يفلت الجناة من العقاب. وشددت الجزار على أهمية عودة الدولة ودورها فى مكافحة العنف الجنسى الذى تتعرض له النساء، "فمنذ عهد مبارك إلى تيارات الإسلام السياسى وحتى الآن ودور الدولة مفقود فيما يتعلق بمناهضة العنف، بل في أوقات كثيرة يكون العنف الجنسى متورطًا به رجال الداخلية". وطالبت الجزار بتدريب رجال الشرطة والإخصائيين الاجتماعيين على التعامل مع هذه الحالات، وتخصيص وحدات خاصة بأقسام الشرطة للتعامل مع ضحايا العنف الجنسى، وأن تكون مدعمة بإخصائيين نفسيين، وتخصيص خطوط ساخنة يديرها مجموعة مدربة ومؤهلة لاستقبال البلاغات من النساء ضحايا العنف الجنسى. وأكد خالد دواد – المتحدث الرسمى لحزب" الدستور" – أن النساء تتعرض لعنف جنسى من قبل ثورة يناير، وأشهرها واقعة استخدام بلطجية عهد مبارك للتحرش بالصحفيات فى 2005 أمام باب نقابة الصحفيين؛ لإقصائهن عن المشاركة السياسية والمطالبة بالحقوق والحريات، معربًا عن أنه خلال الأربع سنوات الماضية شهدت المرأة حالات عنف جنسى كثيرة، ومنها ما كان ممنهجًا ومتعمدًا، مستنكرًا تلك الجذوة التى انطفأت بحادثة اغتصاب ميدان التحرير فى احتفالات تنصيب الرئيس السيسى 30 يونيو، والتى أعقبها زيارته للناجية، ثم اختفاء الضجة الإعلامية والاهتمام الرسمى من الدولة بمثل هذه الحوادث فيما بعد. ولفت داود إلى أنه "ما زال هناك تعامل أمنى خاطئ مع الضحايا من حوادث التحرش الجنسى، حتى إن أغلب الفتيات ترفض الذهاب لأقسام الشرطة لتحرير محضر؛ نظرًا للعنف الذى تلقاه من ضباط وجنود القسم، بل والتحرش بها فى كثير من الأحيان". وطالب دواد بجعل قضية المرأة وحقوقها قضية أساسية وجزءًا من مشكلات الوطن وليست قضية موسيمة كما تتعامل معها الحكومة المصرية، متسائلاً "لماذا اختفت دوريات الشرطة المجتمعية من تأمين الشوارع والميادين الرئيسية؟!". وبسؤال "البديل" عن دور الأحزاب لمواجهة العنف الجنسى وتخطى مسألة الشجب والإدانه لتقصير الدولة، أجابت منى عزت أن الأحزاب التى نشأت بعد ثورة يناير حققت نقلة نوعية فى إدماج قضايا النساء على أجندة الحزب، بل نظمت مسيرات فى اليوم العالمى للمرأة على مدار الثلاث سنوات الماضية من مارس 2011 إلى مارس 2013، وشكلت الأحزاب خلال هذه الفترة محطات مهمة وفاعلة مع الحركة النسائية. وأضافت عزت أن حزب "العيش والحرية" ناقش فى لقاءات متعددة تعديلات قانون الأحوال الشخصية، وقدم مقترحات حول صلاحيات المجلس القومى للمرأة، بل احتضن المبادرات الشبابية التى خرجت فى نوفمبر 2013 لمكافحة التحرش الجنسى. وأعربت عزت عن أن هناك سياسات للنظام الحالى هى التى تكرس العنف ضد النساء، خاصة فى ظل الممارسات الاستبدادية القمعية والتضييق على النقابات والمجتمع المدنى والحريات العامة والقبض على النشطاء، فضلاً عن عدم تبنى الدولة لخطة واضحة نحو سياسات العدالة الاقتصادية أو الاجتماعية أو تطبيق العدالة الانتقالية وحصول المواطنين على حقوقهم، فكل هذه الظروف تخلق مناخًا يكرس ثقافة ذكورية أبوية متسلطة تدفع النساء الثمن فيها من العنف والتمييز. وأشارت مها الجزار إلى أن الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى يعقد ندوات توعية عبر لجان المرأة فى المحافظات المختلفة، ويدعم النساء وتصعيد الكوادر النسائية فى كافة المستويات الحزبية؛ لتكون خير دليل على احترام الحزب لدور النساء.