يقف "الإرهابي الخفي" أبو بكر البغدادي خلف كابوس "داعش" الذي غير في ساعات قليلة خرائط مرسومة منذ عدة سنوات، يصفه البعض ب"أسامة بن لادن الجديد"، وهو "الرجل الأكثر خطورة في العالم"، ومن غير المستبعد أن ينصب نفسه "أميرا للمؤمنين" على دولة إسلامية مزعومة، خصصت الولاياتالمتحدة عشرة ملايين دولار ثمنا لرأسه، له صورتين واحدة وزعتها الداخلية العراقية في ينايرالماضي، تظهر رجلا ملتحيا ومتجهما ويرتدي بذلة ويضع ربطة عنق، والثانية مصدرها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" ومكتب التحقيقات الفيديرالي "أف بي آي". في هذا السياق، نشرت مجلة "نيوز وييك" الأمريكية تقريرا مفصلا حول حياة الرجل الغامض، وقالت إنه في المناسبات النادرة حين يظهر زعيم تظيم داعش الإرهابي "أبو بكر البغدادي" في الأماكن العامة، يطل بصفتين الأولى هي الرئيس والثانية عضو عصابة، حيث يوضح "أبو علي" أحد سكان مدينة الرقة السورية والذي طلب عدم الكشف عن هويته:"في اللحظة التي يدخل فيها المسجد، تختفي تغطية شبكات الهواتف المحمولة، كما يغلق حراسه المسلحون المنطقة، ويرسلون النساء للصلاة في الطابق العلوي". تضيف المجلة أن حراسة يحذرون الجميع من التقاط الصور أو مقاطع الفيديو، حيث تنتاب المكان حالة من الارتباك، ويلفت "أبو علي": " ما يجعل المكان أكثر توترا حين يظهر أبو بكر البغدادي مرتديا زيه الأسود من رأسه إلى أصبع رجله، ويهتف حراسه، الله أكبر الله أكبر، هذا ما يجعلنا أكثر خوفا، كما أن الحراس أجبرونا على مبايعته، وحتى بعد خروجه من المسجد، لا يسمحون لأحد بالخروج إلا بعد 30 دقيقة". ويرى "أبو علي" أن "البغدادي" لديه عقلية رؤساء عصابة المافيا، وتشير المجلة الأمريكية إلى أن مسقط رأس البغدادي وهي مدينة سامراء العراقية، وأسمه الحقيقي "ابراهيم عواد ابراهيم علي البدري"، ويعرف أحيانا باسم "أبو عواد" أو أبو دعاء، أسم ابنته الكبرى، كان معروفا عنه الهدوء، فبالكاد تسمع صوته، هكذا وصفه أحد جيرانه السابقين "طارق حميد" والذي أضاف أن "البغدادي" كان سلميا ولا يحب الكلام كثيرا. ويلفت "حميد" إلى أن العقل المدبر للتنظيم الإرهابي داعش الذي يسيطر على أجزاء من سورياوالعراق، كان منطويا وليس لديه الكثير من الأصدقاء، ويوضح أن "البغدادي" كان يحب ركوب الدراجة وارتداء الزي العراقي التقليدي، الجلباب والقبعة الصغيرة على الرأس، كان يحب قراءة الكتب الدينية، لديه لحية خفيفة، ولم يحدث أنه جلس على المقاهي. وتوضح "نيوز وييك" أنه ولد في عام 1971 بسامراء، ولكن اسم "البغدادي" مجرد لقب ليس له علاقة بالعاصمة العراقيةبغداد، هو من حي جبراية من الطبقة المتوسطة، والذي تسيطر عليه قبيلتي "أبو البدري" و"أبو الباز، وهي منطقة تضررت بشدة جراء القصف الأمريكي بعد غزو العراق في عام 2003، في محاول للقضاء على المسلحين والخلايا الإرهابية هناك. وتلفت المجلة إلى أن عائلة "البغدادي" لم تكن غنية، كما عمل أثنين من أعمامه في قوات الأمن التابعة للرئيس الأسبق "صدام حسين"، ويقول "هاشم" وهو مترجم من المنطقة التي تعيش فيها عائلة "البغدادي" :" عائلته كانت فقيرة وهو كان شخصا انطوائيا جدا، يذهب فقط إلى المسجد والدراسة وقراءة الكتب، هذا كل ما يفعله"، لكن يقول "سجاد جياد" المحلل العراقي المقيم في لندن لأنه لا يرى أي دليل مقنع في ذلك الحماس الديني في العمر المبكر للبغدادي، مضيفا:" سأكون مندهشا حال كان شخصا متدينا، لأن معظم العراقيين الذين انضموا إلى الجماعات التكفيرية كانوا من حزب البعث العلماني قبل عام 2003″. وذكرت المجلة أنه بصرف النظر عن تدينه، يقول سكان "البغدادي" إنه يحب الرياضة خاصة كرة القدم، حيث كان يلعب في حقل بالقرب من منزله، لكن هناك خلافات حول مهنة البغدادي كداعية دينية، بعض المصادر تقول إنه عمل في مسجد "أحمد بن حنبل" في سامراء، وكذلك المسجد الكبير في بغداد، ولكن على الأرجح أنه أدى الخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش العراقي، ودرس التكتيكات العسكرية الأساسية. وتقول المجلة إن "البغدادي" في سن 18، ذهب إلى بغداد للدراسة واستقر في الأعظمية، ولكن هناك خلاف حول درجة الدراسة التي حصل عليها، حيث يؤكد البعض أنه حصل على الدكتوراة في الدراسات الدينية، وحين الاتصال بأحد أفراد أسرته للتأكد من ذلك، لم يتم الوصول لأحد، فقد تركوا سامراء خوفا بسبب قرابتهم له، فقد اعتقل ابن أخيه في العام الماضي من قبل قوات الأمن العراقية، وحين ذهب أحد أفراد العائلة للتفاوض على إطلاق سراحه، القوا القبض عليه أيضا. وتؤكد المجلة أن بداية انضمام "البغدادي" إلى الجماعات الإرهابية جاء بعد غزو القوات الأمريكية للعراق في عام 2003، والإطاحة ب"صدام حسين"، ومع انحدار البلاد إلى الفوضى، اختبأ "صدام" واتباعه، وهرب البعض إلى سوريا، وبدأت الجماعات المتطرفة في مهاجمة القوات الأمريكية. وتعتقد المجلة أن "البغدادي" أنشأ جماعة إرهابية تدعى جيش أهل السنة والجماعة، إما في عام 2004 أو 2005، القت القوات الأمريكية القبض عليه في الفلوجة، مع مقتل المتشدد الأردني "أبو مصعب الزرقاوي" العقل المدبر لتنظيم القاعدة في العراق، بعد إلقاء القبض عليه، واعتقاله في معسكر بوكا، وهو مرفق في جنوبالعراق، بالقرب من أم قصر، المدة المحددة التي قضاها في السجن غير معروفة. ويقول "آرون لوند" محرر الأزمة السورية في نيوز وييك:" ضم معسكر بوكا الكثير من الإرهابيين والبعثيين السابقيين المرتبطين بالجماعات المتطرفة، فالكثير من قادة داعش كانوا هناك"، بينما يرى "جياد" أن بوكا كان نقطة تحول في حياة "البغدادي"، حيث كان فرصة لبناء حياته المسلحة، وتوضح المجلة الأمريكية أنه بعد خروجه من معسكر بوكا، استأنف البغدادي انشطته المسلحة في عام 2006، ومن البداية كانت طموحات داعش مختلفة عن تنظيم القاعدة، بما في ذلك اختيار علم جديد. يوضح موقع المونيتور الإخباري أن انفصال تنظيم القاعدة وداعش، جاء لرغبة الأخيرة في الحصول على تمويل مستقل، حيث تمرد "البغدادي" في منتصف عام 2013 على أوامر "أيمن الظواهر" زعيم تنظيم القاعدة خلفا ل"أسامة بن لادن"، وبدأت خلافات داعش مع جبهة النصرة وكيل القاعدة في العراقوسوريا. تحدث أحد المنشقين عن داعش ل"نيوز وييك" تحت اسم :حسين"، وقال إن علاقة "البغدادي" بجبهة النصرة كانت متوترة داخل سوريا، فقد كان ينتابه جنون العظمة وعدم الثقة في الاجتماعات الغامضة التي تعقد على الحدود بين سوريا وتركيا، ويضيف:" كان يعتمد على نصيحة الراحل الحاج بكر، أحد كبار ضباط الجيش العراقي السابق، والذي قتل في يناير 2014، فقد كانت ضربة كبيرة له". ويوضح "جياد:" المعروف عن الحياة الشخصية للبغدادي قليل جدا"، وقد حلل التسجيلات الصوتية الخاصة بالبغدادي، وقال:" خلال حديثه عن جبهة النصرة والقاعدة يظهر ازدرائه للغير، ويلمح إلى تفوقه، فهو يتمرد في منصبه كأكبر إرهابي في العالم، والذي يرى نفسه خلفا لأسامة بن لادن". ويضيف:" بمجرد إزالة الغموض والعظمة عن البغدادي، سنجد أنه شخص عادي مثل مئات العراقيين الآخرين الذين حاولوا تدمير العراق الجديد، كان يمكن أن ينتهي به المطاف إلى إرهابي مجهول الهوية أو مجرم عنيف، ولكن الآن يجد نفسه وسط اهتمام العالم".