تصوير : محمد حكيم لم يغب العصر القبطي عن مدينة البهنسا التي تعد متحفًا مفتوحًا لكل العصور، وترك هذا التارخ بصمته التي ترجمها اسم المدينة وزيارة السيدة العذراء والسيد المسيح، وكذا الآثار القبطية الموجودة والمندثرة هناك، وكانت البهنسا شعلة البداية للوحدة الوطنية في مصر، حيث لعب أقباطها دورًا في الفتوحات الإسلامية عندما وقفوا إلى جانب جيش المسلمين في حربه ضد الرومان. مدينة الرهبان مطران المنيا الأنبا مكاريوس أوصلنا بباحث في العصر القبطي "جرجس" والذي استغرق وقتًا ليحضر معلومات حول البهنسا القبطية، وقال إن البهنسا في هذا العصر كانت من المستعمرات أو المدائن الرهبانية الكبرى، وكان بها أسقفية مهمة ضمت 120 مدينة بخلاف النجوع والكفور. وفي عهد المقريزي لم يبقَ سوى دير واحد، وهو دير الخادم على جانب بحر يوسف، وأضاف أنه وفي دليل المتحف القبطي كان بها بيعة جرجس ودير الأبرحي ودير الأنبا شنودة، بجانب المذبح الذي أقامه مسيحيو مصر في منتصف القرن الثالث داخل قصر من العصر الروماني. بالقبطي "بمج" "بمج" أو "بمجة" الاسم القبطي للبهنسا، وينطق الحرفان الأخيران منها "م ج" بالعربية "ه س"، ومن هنا سماها العرب المسلمون بالبهنسا. وتتمثل الآثار القبطية أيضًا فيما تشهده البهنسا من باقى كنائس هذا العصر والتي عثرت عليها البعثة التى تولت عمليات الحفر والتنقيب ومقابر بها دفنات قبطية توجد مكفنة فى جريد النخيل كانت تعبر عن الديانة المسيحية. المسيح والعذراء في البهنسا بدأت البهنسا القبطية تسجل تاريخها وأهميتها بعد زيارة السيدة مريم العذراء وطفلها المسيح، خلال رحلة العائلة المقدسة لمصر، وقد مرت على بقعة تسمى "أباي إيسوس" أو "بيت يسوع" شرقي البهسنا. وكانت هذه البقعة تحت إمارتها وتعرف الآن بقرية "صندفا"، وتبعد أمتارًا عن البهنسا القرية الحالية. بردية أقوال المسيح ونسخة الإنجيل البهنسا القبطية من أقدم الأماكن التى دخلتها المسيحية في مصر بعد الإسكندرية، وعثر على نسخة من إنجيل يوحنا بالبهنسا وبردية مدون عليها أقوال السيد المسيح عليه السلام. يقول مفتش الآثار الدكتور مصطفى مهنى إنه وبحلول القرن الخامس الميلادى كان هناك خمس كنائس بالهنسا، وزاد العدد بعد ذلك بصورة كبيرة، وأنه تم الكشف عن اثنين من الأديرة، وسوف تكشف الحفائر العديد فى الفترة القادمة. وأشار الخبير السياحي ومدير السياحة السابق بالمنيا محمود النبراوي إلى أن البهنسا كانت تضم إيبارشية واحدة تجمع أقباط جنوب مصر كلها، وتضم الإيبارشية مئات وليست عشرات الكنائس، فكل أسرة كانت تحفر كنيسة تحت الأرض هربًا من الرومان. «شجرة مريم» قال أثريون ومؤرخون إن السيدة مريم وطفلها جلسا تحت شجرة ليستظلا بها، وكان بجوارها بئر شربا منها، وتعد شجرة مريم الأثر القبطي الإسلامي الأبرز في البهنسا، يفد إليها الزوار، ويقدمون النذور، كما يحرصون على قطف أوراق الشجرة للتبرك بها. وتقع الشجرة داخل ساحة مسجد "علي الجمام"، وتأخذ شكل منحنى لا يوضح جذرها، وتم إحاطتها بسور حديدي يضم البئر الأثرية التي تلاصقها. 360 كنيسة وبحسب جرجس الباحث القبطي فقد كان بالبهنسا 360 كنيسة خربت كلها، ولم يبقَ منها إلا كنيسة العذراء بخلاف الكنائس الواقعة بقرى مجاورة للبهنسا، وكانت تقع تحت ولايتها، وهي بجاج بها بيت الشهيد الأنبا يوحنا الواقعة بزمام قرية قفادة شرق البهنسا وبها 5 كنائس باسم العذراء والملاك ميخائيل وغبريال وروفائيل وأب سيفين، وفي قرية ساقية محفوظ 5 كنائس باسم مرقدايوس ومرقص واسطفانوس وتادرس والتلاميذ الأطهار. وفي قرية أبو طجة 4 كنائس، وهي العذراء والملاك ميخائيل وروفائيل ودسقوروس. وفي قناش شرق النيل ولد القديس العظيم أنبا بيما. بقايا أثر وبحسب مفتشي آثار البهنسا يوجد بالبهنسا حاليًّا بقايا أطلال كنيستين، كما تم الكشف عن اثنين من الأديرة، وما زالت أعمال الحفر تباشر عملها بحثًا عن المزيد من الأثار القبطية. القديسون والشهداء الأقباط يضم ثرى البهنسا أجساد قديسين وشهداء، منهم: القديس شنودة البهنساوي الذي اعترف بإيمانه بالسيد المسيح فكان الأمر بضربه حتى سال دمه على الأرض، وعذب حتى استشهد. القديس إسحق الدفراوي الذي قطع رأسه بالبهنسا، وأخذوا جسده إلى بلدة دفراو، وبنيت له كنيسة وضع جسده بها. الأنبا بيما، وكان محبًّا للفقراء. مضى للوالي، واعترف بالمسيح، فكان الأمر بقطع لسانه وإرسال لسانه لوالي الصعيد، واستشهد هناك. البهنسا بداية وحدة وطنية الاضطهاد الروماني للأقباط ومنعهم من الصلاة بالكنائس ولجوء الأسر القبطية لبناء كنائس تحت الرمال، كل هذا دفع الأقباط لمد يد العون للجيش الإسلامي عقب فتح البهنسا، فكانت الراهبات القبطيات تمد المسلمين من خلف الأسوار بالمؤن والأطعمة، ومن هنا بدأت الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين ضد الرومان، وهو ما أكده الخبير السياحي محمود النبراوي. لا يوجد قبطي بالبهنسا! البهنسا وقد كانت مكانًا سكنه آلاف الرهبان الأقباط والراهبات والمواطنين المسيحيين لا يوجد في الوقت الحالي قبطي واحد بها، كما أن زيارات الأقباط للقرية تكاد تكون محدودة وشبه منعدمة رغم التاريخ والآثار القبطية هناك!