لأول مرة| دراسة ل«القومي للبحوث» تبحث في شخصية المجرم.. خاطف الأطفال    نقيب البيطريين يكشف تفاصيل الأوضاع داخل النقابة بعد توليه المقعد (تفاصيل)    تعرف على متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» اليوم    غداً.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 45 مليار جنيه    أحدهم الاستقالة، لوبان تقسو على ماكرون وتطالبه ب 3 خيارات للخروج من الأزمة السياسية    العاصفة الاستوائية ألبرتو تقتل 4 أشخاص على الأقل في المكسيك    الثانوية العامة 2024.. توافد الطلاب على اللجان استعدادا لأداء امتحان اللغة العربية (صور)    اليوم.. الحكم على إنجي حمادة وكروان مشاكل بتهمة نشر فيديوهات خادشة    استقرار أسعار الذهب اليوم السبت 22 يونيو 2024    الثانوية العامة 2024.. عمليات التعليم تتابع تسلم كراسات امتحان اللغة العربية باللجان    مسؤول سعودي يدافع عن إدارة موسم الحج 2024 وسط انتقادات بسبب الوفيات    حفل أنغام بمهرجان موازين المغربي ... لم يحضر احد    المقاومة الإسلامية تعلن مقتل أحد عناصرها بقصف أمريكي قرب الحدود السورية    الخارجية السودانية تصدر بيانا بشأن الأزمة مع الإمارات.. ماذا حدث؟    نوران جوهر تتأهل إلى نهائى بطولة العظماء الثمانية للاسكواش    تراجع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم السبت 22 يونيو 2024    تامر عاشور يعلق على أزمة شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب مع أسرتها.. ماذا قال؟    افتتاح وحدة علاج الجلطات والسكتة الدماغية فى مستشفيات «عين شمس» قريبًا    العثور على جثة طفل ملقاة بالزراعات في البداري بأسيوط    كلب مفترس يعقر 12 شخصا بقرية الرئيسية في قنا    التشكيل الرسمي لمباراة تشيلي وبيرو في كوبا أمريكا 2024    البرتغال وتركيا.. مواجهة مشتعلة على التأهل المبكر في يورو 2024    انتشال 14 جثة بعد غرق مركب مهاجرين أمام سواحل إيطاليا    دار الإفتاء تكشف حكم قراءة المرأة القرآن بدون حجاب    نائب رئيس لجنة الحكام يكشف كواليس اختيار طاقم تحكيم مباراة القمة بين الأهلي والزمالك    قتيلان ومصابون إثر إطلاق نار بولاية أركنساس الأمريكية    مصدر أمني يكشف حقيقة انتحار نزيلة روسية بأحد مراكز الإصلاح والتأهيل    سفينة تبلغ عن وقوع انفجار في محيطها شرقي مدينة عدن اليمنية    التعادل يحسم مباراة هولندا وفرنسا في يورو 2024    تركي آل الشيخ يحتفل بتصدر "ولاد رزق 3: القاضية" إيرادات السينما المصرية    بعد تعرضها لوعكة صحية.. نقل لقاء سويدان إلى المستشفى    عمرو دنقل: رحلة فرج فودة الفكرية مصدر إلهامي لانطلاق روايتي "فيلا القاضي" المؤهلة لجائزة طه حسين    تُلعب فجر السبت.. القنوات الناقلة لمباراة تشيلي وبيرو في كوبا أمريكا 2024    مفتي الجمهورية: عماد عملية الفتوى الإجابة عن 4 تساؤلات    موعد مباراة الأهلي والزمالك في الدوري المصري والقنوات الناقلة    منظمة الصحة العالمية تحذر من حقن تنحيف قاتلة    أهمية تناول الماء في موسم الصيف    مع انتهاء موسم الحج. سعر الريال السعودي اليوم السبت 22 يونيو 2024 مقابل الجنيه المصري    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف حنان محمد.. كرات اللحم بالجبنة وصوص الطماطم    المصرية للاتصالات.. موعد سداد فاتورة الإنترنت الأرضي يوليو 2024    أخبار اليوم الأسبوعي| حقائب التحدى ومفاجأة الأعلى للجامعات والجمهورية الجديدة    موعد سداد فاتورة التليفون الأرضي لشهر يونيو 2024 في مصر    أشرف زكي: قرارات النقابات المهنية بمقاطعة إسرائيل لا تقبل الجدل (فيديو)    إيمي سمير غانم ضيفة حسن الرداد في «الليلة دوب».. تعرف على الموعد (صور)    مصرع شاب فى حادث انقلاب دراجة نارية بالدقهلية    عضو لجنة العمرة يكشف مفاجأة بشأن وفيات الحجاج المصريين هذا العام (فيديو)    دعاء الثانوية العامة مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة عند الدخول إلى لجنة الامتحان    رئيس مجلس الدولة الجديد 2024.. من هو؟ مصادر قضائية تكشف المرشحين ال3 (خاص)    موعد نهائيات كأس الأمم الإفريقية بالمغرب 2025.. موقف السوبر بين الأهلي والزمالك (فيديو)    التعاون الإسلامي: اعتراف أرمينيا بدولة فلسطين ينسجم مع القانون الدولي    تنسيق الثانوية العامة 2024 محافظة القليوبية المرحلة الثانية المتوقع    أخبار × 24 ساعة.. التعليم لطلاب الثانوية: لا تنساقوا خلف صفحات الغش    إعلام إسرائيلى: الجيش يقترب من اتخاذ قرار بشأن عملية رفح الفلسطينية    مركز البابا أثناسيوس الرسولي بالمنيا ينظم اللقاء السنوي الثالث    أفتتاح مسجد العتيق بالقرية الثانية بيوسف الصديق بالفيوم بعد الإحلال والتجديد    مدير الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب: لقاء الجمعة تربوي وتثقيفي    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    أول تعليق من الأب دوماديوس الراهب بعد قرار الكنيسة بإيقافه عن العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديفيد هيرست: معارك الملك عبدالله الخاطئة جعلت مستقبل السعودية هشّ
نشر في البديل يوم 07 - 12 - 2014

نشر موقع "ميدل ايست آي" مقال للكاتب والصحفي الإنجليزي المخضرم، "ديفيد هيرست" قيّم من خلاله اداء ملك السعودية ، عبدالله بن عبد العزيز منذ أن كان في منصب وليّ العهد، وما آلت إليه سياساته على المستوى الداخلي والخارجي، وكيف أنه خاض معارك عدة أعتبرها "هيرست" في مقاله الذي عُنون ب"المعارك الخاطئة التي خاضها الملك السعودي" بأنها تركت المملكة في حالة هشة ومستقبل غير مضمون بعد رحيله الوشيك. وفيما يلي نصّ المقال:
هناك رجل واحد من الذين سيستقبلون تبرئة مبارك كإزاحة عبء مرحب بها، هو صديقه ورفيقه في الاستبداد، الملك عبدالله، فمثلما كان الملك السعودي متلهف على مبارك، كان بالقدر نفسه يحث الجيش المصري أن يكون أكثر فاعلية في نيابته للديكتاتور السابق.
ألمح عبد الله عدة مرات أن المعونة متوقفة على إطلاق سراح مبارك، ففي أغسطس الماضي، ضغط عبدالله من أجل مبارك في الوقت الذي كانت تلوح فيه السعودية بعشرة مليارات دولار إغاثة اقتصادية، فتم نقل مبارك من زنزانته في السجن إلى مستشفى، ومؤخراً كانت هناك تلميحات بأن الإفراج عن مبارك سيمهد الطريق للمؤتمر الدولي للمانحين الذي كان الملك أول من دعا إليه.
ترجع العلاقة بين الرجلين إلى الزمن الذي كان فيه عبدالله ولياً للعهد، حيث لعب مبارك دوراً رئيسياً في حرب الخليج الثانية عندما ترددت الجامعة العربية في دعم تحرير الكويت، لم يغير الرئيس المصري الرأي العام العربي فحسب، لكنه ساهم ب33.500 جندي شكلوا رابع أكبر قوة في قوات التحالف.
ومثل مبارك، توهم عبدالله نفسه كمصلح وهو في الواقع جاء إلى السلطة بآمال كبيرة، فالمملكة التي ورثها أكبر مصدر للنفط في العالم، ووصية على أكثر المواقع قداسة في الإسلام، وتقع في قلب العالم العربي. وكانت لها علاقة جيدة مع معظم جيرانها العرب. فاغتنم عبدالله الفرصة ليكون معتمداً على ذاته في قراراته، ففي مايو2001 رفض دعوة لزيارة واشنطن احتجاجاً على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل أثناء الانتفاضة الثانية.
على النقيض، سيترك الملك الهَرِم المملكة وراءه قريبا، فماذا سوف يكون إرثه؟
سجل عبدالله كإصلاحي عبارة عن خليط من أمور متناقضة، ففي حين استفاد 70.000 طالب من منحه للذهاب إلى جامعات الولايات المتحدة وأوربا وأستراليا، وخُمس أعضاء مجلس الشورى من النساء، إلا أن المرأة ممنوعة من السفر أو الذهاب إلى المستشفى إلا بإذن أوصياءها الذكور. رجل يحبس أربعة من بناته ويمنعهم من التحرك بحرية لمدة13 عام، (الملك عبد الله) ليس على وشك أن يعمل على تغيرات جذرية هنا.
بشكل عام في حقوق الإنسان، لا تزال المملكة من أكثر البلاد قمعاً في العالم، فالجماعات السياسية والحقوقية محظورة، والاعتقالات الجزافية والانتهاكات أثناء التوقيف والاحتجاز أمر مألوف، الأطفال معرضون للمحاكمة بجرائم تتضمن الإعدام لمجرد ظهور علامات البلوغ. وعندما تنفذ التهم التي يمكن أن يحاكم بها النشطاء- أمثال محمد صالح البجادي أحد مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية السعودية- فأنهم ببساطة يعيدون محاكمتهم مرة أخرى بنفس التهم. في قضية البجادي شملت تآمر جنائي على "المشاركة في تأسيس وتمويل منظمة غير مرخصة والإضرار بصورة الدولة عبر وسائل الإعلام، ودعوة عائلات المحتجزين السياسيين إلى الاحتجاج والاعتصام، الطعن على استقلالية القضاء، وحيازة كتب ممنوعة".
محلياً، لا لبس في وجود تذمر ناتج عن سخط، فهناك 70% من شعب هذه البلد الذي هو واحد من أغنى بلدان العالم لا يملكون البيوت التي يعيشون فيها، والرواتب لا تخفى على المراقب، فهي منخفضة لدرجة أن حملات على الإنترنت بشعار "الراتب لا يكفي" انتشرت بين الناس كانتشار النار في الهشيم خلال العامين الماضيين. أما البنية التحتية فهي في حالة يرثى لها، ولا أدل على ذلك من المعاناة التي يتكبدها أهل جدة كلما تعرضت المدينة للفيضان. والخلاصة هي أن ثروة المملكة لا تصل إلى عامة الناس.
ورغم كل ما ذكر أعلاه، فإن السياسة الخارجية هي المجال الذي تراجعت فيه المملكة في عهد عبد الله بشكل لا يخفى على أحد. حينما جاء عبد الله إلى الحكم ورث حالة كانت المملكة فيها تنعم بالنفوذ شمالاً وجنوباً، وكانت إيران، الخصم التاريخي في الإقليم، حينها محجمة. بل كانت لعبد الله علاقات طيبة حتى بسوريا، إذ ارتبط بعائلة الأسد الحاكمة من خلال المصاهرة. إحدى زوجات عبد الله السابقات -اللواتي يقدر عددهن ما بين 27 و 70 امرأة- هي أخت زوجة رفعت الأسد، عم بشار. وحينما انتهت الحرب الأهلية اللبنانية كانت مدينة الطائف السعودية هي التي شهدت إبرام الاتفاقية بين الأحزاب المتقاتلة. وحينما سعت كل من حماس وفتح إلى المصالحة، كانت أولى تجاربهما في مكة المكرمة. ومازالت مبادرة السلام العربية -التي ينسب الفضل فيها إلى الملك عبد الله- على الرف من الناحية الفنية على الأقل رغم رفض الإسرائيليين لها. وكنت إذا ما حصلت لك مشكلة في العالم العربي تتوجه نحو السعوديين ليتوسطوا في حلها. لقد كان لهم أصدقاء في كل ناحية. قارن ذلك الوضع بما آلت إليه الأمور اليوم. ثلاث عواصم عربية على الأقل سقطت في أيدي الإيرانيين على مرأى ومسمع من الملك عبد الله، وهي: بغداد وبيروت ودمشق.
خسر عبد الله العراق لصالح الإيرانيين حينما دعم الغزو في عام 2003. وخسر نفوذه في لبنان أثناء حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله -رفيق الحريري، رئيس الوزراء الذي اغتيل، وابنه سعد كلاهما يحملان جوازات سفر سعودية- وها هو الآن يخسر نفوذه في حديقته الخلفية، اليمن، حينما تمخض مخطط إماراتي لسحق جماعة الإصلاح الإسلامية عن نتائج عكسية مذهلة، فاتحاً الباب على مصراعيه أمام قوات الحوثي المدعومة إيرانياً ولتصبح صنعاء العاصمة العربية الرابعة التي يخسرها عبد الله.
بكل بساطة لقد خاض عبد الله الحروب الخطأ مع الحلفاء الخطأ، وخلف فراغاً بعد كل واحدة منها شكل دعوة مفتوحة لأعداء المملكة الحقيقيين ليدخلوا إلى المنطقة. أما الخطأ الأكبر والتقدير الأسوأ والحسبة الأكثر خسارة فكان رد فعل عبد الله على الربيع العربي في عام 2011، والذي تعامل معه آل سعود كما لو كان موجهاً ضدهم شخصياً. لقد هزت أركان كيانهم احتجاجات الثمانية عشر يوماً في ميدان التحرير لأنهم ظنوا أن الدور سيأتي عليهم من بعد. ولذلك اعتبر عبد الله الإسلام السياسي خطراً يتهدد وجوده، وقطع على نفسه عهداً بأن يحاربه أينما تمكن من الوصول إليه.
لقد كانت تكلفة شن هذه الحملة باهظة جداً، فقد خسر عبد الله تركيا، اللاعب المهم الآخر في استراتيجية احتواء إيران. وافتعل مشاجرة مع قطر، التي هددها في لحظة من اللحظات بفرص حصار بري وبحري عليها، الأمر الذي كاد يدمر مجلس التعاون الخليجي، الأداة الأساسية لبسط النفوذ السعودي. ومن خلال سعيه لتدمير الإسلام السياسي تسبب عبد الله في نشأة عدو حقيقي يتمثل في الإسلام التكفيري المقاتل أو ما يسمى بالدولة الإسلامية.
ولا يقتصر الأمر على مجرد الدعاية الإعلامية.فقد وجه زعيم داعش أبو بكر البغدادي كلامه إلى ما سماه "زعيم المنافقين" حينما هدد الملك في آخر خطاب له قائلاً: "لن يكون هناك أمن ولن تكون هناك راحة لآل سلول. أشهروا سيوفكم". وها هي رايات داعش السوداء ترفرف على مقربة من الحدود الشمالية للملكية العربية السعودية في العراق وعلى مقربة من حدودها الجنوبية في اليمن وعلى مقربة من حدودها الغربية في شبه جزيرة سيناء. كما أن الشيعة المضطهدين في شرق البلاد القابل للاشتعال في أي وقت يشكلون قوة لا يستهان بها، وقد أعرب هؤلاء مؤخراً عن سخطهم بصخب واضح حينما صدر حكم بإدانة الشيخ نمر باقر النمر بتهمة إثارة الفتنة، وهو الذي كان قد تزعم الاحتجاجات في القطيف في أوج الربيع العربي عام 2011.
أخيراً وليس آخراً، شقّ عبد الله عائلته بإفساد خلافته، فوليّ العهد الأمير سلمان في صحة سيئة ويعتقد أنه يعاني من الزهايمر أو شكل من أشكال الخَرَفْ. حاول عبد الله حسم التعاقب على ولاية العهد من خلال مرسوم "لا يبدل " قضى بإيجاد منصب وليِّ وليّ العهد يشغله الأمير مقرن بن عبد العزيز الذي يبلغ من العمر 69 عاماً وأصغر أولاد الملك عبد العزيز سناً ومايزال حياً يرزق.إلا أن مقرن أيضاً لا يزيد عن كونه مرحلة انتقالية.
ذلك يترك ثلاثة أشخاص ينحصر تنافسهم على العرش، هناك الأمير مِتعب نجل الملك، ثم هناك محمد بن نايف، وزير الداخلية، وهناك أحمد بن عبد العزيز أصغر الأشقاء السديريين الذي ما يزال حياً يرزق، فللمرة الأولى منذ عقود تسود حالة حقيقية من عدم الوضوح إزاء من سيكون الزعيم السعودي القادم، وبالإضافة إلى كل ما سبق فيا لها من تَرِكه مورثة.
السعودية التي فشلت في تفتيح نظامها السياسي، والتي فشلت في تحسين أوضاع عموم شعبها، والتي خاضت معارك خاطئة، والتي أفرغت كل طاقتها في محاولة منها لسحق الترياق الحقيقي الوحيد الواقي من التيار التكفيري في الإسلام، والتي يعيش في كنفها الآلاف ممن هم على استعداد تام لحمل رايات الدولة الإسلامية السوداء، إنها (مملكة) هشة بالتأكيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.