قالت مصادر مطلعة إن القرار الذى اتخذه العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز، بتعيين الأمير مقرن وليًا لولى العهد، يأتى ضمن إجراءات سيعلن عنها فى الفترة المقبلة لترتيب العرش فى السعودية. ونقلت صحيفة القدس العربى عن المصادر قولها إن العاهل السعودى سيستنسخ التجربة القطرية، وأنه بالفعل اتخذ القرار لكنه لم يحدد بعد موعد إعلان تنازله عن العرش لأخيه سلمان بن عبد العزيز، وتباعا سيكون الأمير مقرن وليا للعهد ثم يصعد للعرش، خاصة وأن صحة الملك عبد الله لا تسمح له بإدارة شؤون البلاد. وأشارت المصادر إلى أن ولى العهد الأمير سلمان (79 عامًا)، يعانى هو أيضا من تدهور فى صحته، فيما ذكرت المصادر أنه من المحتمل أن يطلب الأمير سلمان عدم توليه العرش. وتابعت المصادر أن العاهل السعودى يهدف أيضا من هذه القرارات الجريئة، لتثبيت ابنه مستقبلا للوصول إلى العرش. وذكر أن الأمير مقرن (69 عامًا)، الذى تولى رئاسة جهاز الاستخبارات. واعتبر مراقبون أن قرار الملك عبدالله بحسم ملف الخلافة قبل رحيله عن مؤسسة الحكم، جاء للحفاظ على الاستقرار وتجنب الصراع الذى يمكن أن يستثمره أعداء السعودية وخصومها، ما يفسر الصياغات الحاسمة التى ظهر فيها المرسوم الملكى وهو يحسم موقع الأمير مقرن بن عبد العزيز ويكرسه وليا للعهد وملكا فى الوقت نفسه فى حال حصول ظروف استثنائية. وقال خبراء خليجيون إن حضور الأمير مقرن الجديد فى الهرم السعودي، على أساس أنه يشكل ضمانة لعدم حصول صراع، ولبقاء السلطة والمملكة فى أيد أمينة وخبيرة ومخضرمة، قبل الانتقال المهم المتمثل حسب كل التوقعات بتكريس الأمير متعب بن عبدالله، مستقبلا، وليا للعهد فى حال آلت السلطة إلى الأمير مقرن بن عبد العزيز. وأوضح الخبراء أن هذه توليفة تبقى الحرس القديم والمخضرمين فى الواجهة، وتحسم أى صراع محتمل بين الجيل الشاب، وتحافظ على الدور الريادى والقيادى للمملكة العربية السعودية، وتنجى البلاد من الاحتمالات والسيناريوهات، وهى تحافظ على الاستقرار العام. وتابع المحللون أن قرار تعيين الأمير مقرن ضامن للانتقال والاستقرار، على أن يجلس الأمير متعب فى كرسى ولاية العهد عندما تتطلب الظروف، فى حين يتولى شئون الإدارة والحكم شخصية إصلاحية مقنعة، قادرة على التواصل مع الغرب، وميالة للاعتدال من وزن الأمير محمد بن نايف الشخصية الأمنية الأقوى والأكثر خبرة فى السعودية. واضاف الخبراء أن بن نايف بهذا المعنى هو الأقرب لموقع رئاسة مجلس الوزراء مستقبلا، وهذه الترويكا مقنعة عمليا لغالبية السعوديين، ولا تثير مؤشرات إزعاج فى الخارج، ومن الواضح أن صانع القرار الذى أدار المشهد تَقصَّد أن تفرض فى بعض تعبيراتها وأشكالها حتى على الإدارة الأمريكية، ومن باب أن يخطط السعوديون لأنفسهم بدلا من ترك مسألة حيوية وأساسية فى باب الاحتمالات وتخطيط الآخرين. من ناحية أخرى، قال سايمون هندرسون مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة فى معهد واشنطن، إن العاهل السعودى الملك عبد الله عمل الكثير فى السنوات الأخيرة لتنظيم الخلافة، وعلى الأخص من خلال إقامة هيئة البيعة، مضيفا «لكن المرسوم الملكى الذى صدر فى السابع والعشرين من مارس يقلل أساسًا من دور هذه الهيئة. وبدلًا من ذلك، يفرض على العائلة المالكة التعهد بالولاء للأمير مُقرن كولى للعهد إذا أصبح ذلك المنصب شاغرًا، أو ملك إذا أصبح كل من منصب الملك وولى العهد شاغرًا فى الوقت نفسه. وتابع هندرسون أن ارتقاء مقرن فى السلطة يتحدى تفاهمات مقبولة حول المؤهلات التى يمكن أن تتوفر فى أمراء لكى يصبحوا ملوكًا، لأن الأمير مقرن هو واحد من العديد من أبناء ابن سعود الذى ليس له نسب القبائل العربية السعودية. ويُشار إلى والدته فى كتب التاريخ باسم «بركة اليمانية»، وقد كانت إما خليلة أو فتاة أمة مفضلة، وهو ترتيب داخلى سمح لأن يكون لابن سعود أكثر من 4 زوجات فى آن واحد - العدد المحدد وفقًا لما يتطلبه القانون الإسلامي. وأضاف «سيكون أمرًا مثيرًا للدهشة إذا لم يتم الطعن بالأمير مُقرن حول هذه النقطة، من قبل منافسين فى العائلة المالكة يتمتعون بنسب أفضل، على الرغم من أن مثل هذا الخلاف قد لا يكون واضحًا للجمهور». ومضى هندرسون يقول «إن مواكبة المظاهر مهمة للعائلة المالكة السعودية. وقد أكمل ولى العهد الأمير سلمان مؤخرًا سلسلة محمومة من الزيارات الرسمية لباكستان واليابان والهند وجزر المالديف والصين، وفى اليوم التالى - أى مباشرة بعد عودته - ترأس جلسة لمجلس الوزراء. ونظرًا للمخاوف بشأن حالته الصحية، فإن التفسير الأكثر احتمالًا لجدول أعماله المزدحم هو أن أبناءه - إلى جانب أخوته الأشقاء المتبقين فىما يسمى بزمرة السلطة من «السديريين السبعة» - يضغطون عليه للاحتفاظ بمظهر الملك القادم. إن تعيين الأمير مُقرن يُلقى فعلًا ظلالاً من الشك حول الاحتمالات السياسية والمالية المستقبلية لكل من الأمير سلمان وهؤلاء الأقارب». وتابع هندرسون «إن التحرك المحتمل التالى فى لعبة الشطرنج هذه فى العائلة المالكة هى أن يكون للملك عبد الله فريق من الأطباء يعلن أن الأمير سلمان غير مؤهل طبيًا، الأمر الذى سيسمح بالارتقاء المبكر للأمير مقرن إلى منصب الوريث الواضح. وإذا وضعنا الجينات جانبًا، تُقارن مؤهلات مُقرن المهنية بشكل جيد مع الآخرين. فقد تدرب كطيار لطائرات F-15، وشغل منصب رئيس المخابرات فى الفترة 2005-2012 وقبل ذلك منصب حاكم مقاطعة. كما يتمتع أيضًا بسمعة كرجل لطيف ونظيف اليدين - من الناحية الدبلوماسية».