شاهد العالم أجمع ما حدث في الربيع العربي عام 2011 بكل ذهول، قامت الولاياتالمتحدة وحلفائها بالعمل سويا تحت راية حلف شمال الأطلسي، واجتاحت عسكريا الجماهرية العربية الليبية، فقد زعم المحتجين الليبيين السلميين أن التدخل جاء لحمايتهم من سفك الدماء، ولكن هؤلاء المتظاهرين كانوا مسلحين، وفي نهاية المطاف تحولوا إلى قوات متمردة، وهي القوة العسكرية التي ظهرت بشكل عفوي في الجزء الأكبر من البلاد وتزعزع استقرار ليبيا وتستهدف أي نشاط معارض لها. بعد تقارب ليبيا مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، لم يتصور الكثيرون أن واشنطن وحلفائها قد تسقط الحكومة الليبية، حيث يقول موقع "جلوبال ريسيرش" البحثي، إن العلاقات التجارية بين ليبيا وأمريكا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وتركيا، ازدهرت منذ عام 2003، بعدما اختار العقيد الليبي "معمر القذافي" التعاون مع واشنطن، لم يتصور أحد أن "سيف الإسلام القذافي" قائد ليبيا الجديدة أن يدخل في مسار تصادمي مع حلف الناتو. ويضيف الموقع أنه مع ذلك، تسللت الولاياتالمتحدة مع شركائها في الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا منذ سنوات، ودخلوا إلى القطاعات الحكومية والأمن والاستخبارات، حيث إن أهداف الإمبريالية طويلة الأمد لاتزال قائمة منذ الحرب العالمية الثانية والتي تهدف إلى تقسيم ليبيا إلى ثلاثة أقاليم مستعمرة، بالإضافة إلى نقل خزائن البلاد إلى الخارج لحفظ الملفات الحكومية في واشنطن ولندن وباريس وروما، بالإضافة إلى مقر حلف الناتو في بروكسل. ويشير الموقع إلى أن الولاياتالمتحدة زرعت علاقات مع حلفاؤها من المعارضة الليبية، فقد لعبت دوما حول تغير النظام الليبي، جمعت واشنطن مخططاتها الاستعمارية وعبأت وكلائها، بدأت في تشكيل المجلس الوطني الانتقالي الذي يعد دمُية جديدة في يديها، بدأت الإدارة الأمريكية في اللعب حول ليبيا قبل الربيع العربي، ودخلت أجهزة الاستخبارات الأوربية إلى البلاد للمساعدة والتحضير في زعزعة استقرار الدولة الواقعة شمال أفريقيا وإسقاط حكومة ومؤسسات الجماهرية. ويؤكد الموقع الكندي أنه مع تدخل حلف الناتو انقلبت الحقائق رأس على عقب بشكل صارخ، تزايد عدد المرتزقة والمقاتلين الأجانب، بالإضافة إلى ارتفاع حالات التعذيب والاغتصاب وقتل المدنيين، ففي عهد "القذافي" تمكن من منع كل ذلك العنف داخل ليبيا. ويلفت الموقع إلى أنه خلال الصراع ارتكب الناتو جرائم حرب خطيرة ضد الإنسانية وسط جهوده الرامية للسيطرة على الدولة الأفريقية، موضحا أن الصحفيين الأجانب ساعدوا في إدامة الحرب ولعبوا دورا في تمرير المعلومات حول أهداف ليبية والمواقع الرافضة لمى يسمى بالثورة، ولكن المقاومة لم تكن سهلة، فقد كانت أقوى بكثير في البداية، مما تصورته وزارة الدفاع الأمريكية. ويوضح "جلوبال ريسيرش" أنه في سياق المواجهة وعلى المستوى الدولي، تم استخدام سلسلة منمنظمات حقوق الإنسان ومؤسسات فكرية لإعداد المسرح للنزاع في ليبيا وإسقاط حكومتها، وكانت هذهالمنظمات في الغالب جزءا من الشبكة التي كانت تعمل لإنشاء آليات لتبرير التدخل وخلق شبكة من الأفراد وجوه العامة اللازمة لتشكيل حكومة بالوكالة في ليبيا في اسم مستعار "الديمقراطية"، وعندما يحين الوقت، هذه الهيئات بالتنسيق مع القوى حلف شمال الأطلسي وسائل الإعلام الرئيسية في مشروع عزل ليبيا، فهي المنظمات التي صورت المرتزقة الأفارقة وهجمات الطائرات العسكرية الليبية ضد المدنيين. ويشير الموقع إلى وضع حلف الناتو في إطار التحليل التاريخي، تظهر الحاجة بالتذكير بالهدف الرئيسي للأستعمار الأوروبي لأفريقيا، ويسمى "التدافع من أجل أفريقيا"، وقد بدأ ذلك في فترة الكساد الطويل الذي ضرب جزءا كبيرا من أوروبا وأمريكا الشمالية في الفترة من 1873 إلى 1893، ومنذ ذلك الحين تحولت القارة الأوروبية إلى الدول الأفريقية. قبل هذا الركود الاقتصادي، تعاملت الشركات والمؤسسات في أوروبا مع القادة الأفارقة واعترفت بسلطتهم، وقد وجدت العديد من المراكز التجارية البريطانية على طول الساحل في سيراليون وولاغوس، أما الأماكن التي كانت في حوزة البرتغال هي إنجولا وموزنبيق، وكانت السنغال في حوزة فرنسا، في هذا الوقت كانت أكبر قوى خارجية في أفريقيا هي الإمبراطورية العثمانية التي بدأت في التراجع كقوة كبيرة في ذلك الوقت. ويضيف الموقع أن التوغل الاستعماري الأوروبي بدأ يتزايد، وارتفعت المصالح التجارية التنافسية في القارة السمراء، اتجهت الحكومات الأوروبية إلى تأمين أسواق الاستيراد والتصدير الأفريقية، وهكذا بدأت سلسلة كاملة من الغزو الأوروبي الغربي في أفريقيا لتأمين العاج والفواكه وكابال (العلكة)، والقرنفل، وشمع العسل والبن والفول السوداني والقطن والمعادن الثمينة والمطاط. ويرى الموقع أنه على الرغم من مصادرة الثروة المالية والمادية ليبيا كانت أهداف الحرب حلف شمال الاطلسي في عام 2011، وكانت الهدف الأوسع للحرب الإجرامية جزء من النضال من أجل السيطرة على القارة الأفريقية وثرواتها الهائلة و"التدافع من أجل أفريقيا" كان يعيد نفسه، تماما مثل المرة الأولى، كانت مرتبطة الركود والمنافسات الاقتصادية لهذه الجولة الجديدة من الغزو الاستعماري في القارة الأفريقية، فظهور آسيا كمركز عالمي جديد على حساب دول حلف شمال الأطلسي والولاياتالمتحدة دفع الحلفاء إلى غلق أفريقيا في وجه الصين وروسيا والهند والبرازيل وإيران. ويؤكد الموقع البحثي أن ليبيا تعد جائزة مربحة ذات قيمة اقتصادية هائلة، حيث مواردها الهائلة من النفط والغاز والمياه الجوفية، والحجر الرملي النوبي، بالإضافة إلى طرق التجارة الهامة والاستثمارات الأجنبية الكبيرة، حتى عام 2011، نعمت ليبيا بهدوء كبير، وذهب العمال الأجانب للعمل في ليبيا، من تركيا والفلبين والصين وأوكرانيا وروسيا البيضاء، وكانوا مصدرا هاما للتحولات الاقتصادية. ضمن السياق الأفريقي بدقة، تقع ليبيا في نقطة جغرافية مهمة، هذا البلد هو بوابة الجغرافية في أفريقيا ويربط بين شمال شرق وشمال غرب أقسام القارة، يقع التراب الوطني في ليبيا داخل مناطق الصحراء والساحل والأحداث في ليبيا التأثير السودان ومصر ومناطق المغرب العربي وغرب أفريقيا، ووسط أفريقيا مباشرة، ليبيا هي أيضا واحدة من الدول التي توفر الوصول إلى البحر المفتوح للدول غير الساحلية مثل تشاد والنيجر. ويوضح الموقع أن الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" بدأ يتلاعب بما يسمى بالإسلام السياسي منذ أواخر عام 2010، في العاصمة الإندونسية جاكرتا، خاصة عندما يتحدث حول الديمقراطية والإيمان والتنكية الاقتصادية، وقام بتطبيق ذلك بالتعاون مع الجماعات المتطرفة والأحزاب السياسية بالوكالة التي تستخدم تحت راية الإسلام. ويختتم الموقع تقريره بأن الحكومات الغربية تخلت عن المشروع الإمبريالي لتقسيم ليبا لفترة مؤقتة، ولكنها عادت حاليا ومنذ عام 2011، لتنفيذه بواسطة حلف شمال الأطلسي.