«عزيزي اللورد روتشيلد.. يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته، "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يُفهم جلياً أنه لن يُؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر"، وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.. المخلص: آرثر جيمس بلفور». هكذا كان نص الرسالة التي وجهها "بلفور" باسم الحكومة البريطانية إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية عام 1917، الذي تعهد فيها بإنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين. وتنقلب اليوم الأمور رأسًا عن عقبًا، حيث شهد مجلس العموم البريطاني يوما تاريخيا في نظر العالم كله والعرب بشكل خاص، بعدما قرر التصويت بشكل رمزي على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، على الرغم من أن بريطانيا كانت السبب الرئيسي في قيام دولة إسرائيل بعد وعد بلفور عام 1917. ويرى كثير من النواب أنه حان الوقت لأخذ هذه الخطوة لدعم عملية السلام، في الوقت الذى اختلف فيه عدد من المختصين في الشأن الإسرائيلي بتلك الخطوة باعتبارها تصب في طريق حصول فلسطين على حقوقها، فيما رأى البعض إنها خطوة لحفظ ماء الوجهه لست أكثر. يقول الدكتور منصور عبد الوهاب، أستاذ اللغة العبرية بجامعة عين شمس، إن ما فعلته بريطانيا من الاعتراف بفلسطين، يعد خطوة جيدة، لكنها غير حقيقة، تخفي ورائها ستار التزييف للحقائق، مشيرًا إلى أن بريطانيا كانت السبب في إقامة ما يسمى الكيان الصهيوني ودولة إسرائيل والآن تتراجع. وأضاف "عبد الوهاب" أن ما ارتكبه الكيان الصهيوني من مجازر ومذابح بشعة على مدار الأعوام السابقة، كان كفيلا أن يحول تعطاف الدول الأوروبية من الجهات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني، وهذا ما حدث مع بريطانيا، موضحًا أن فلسطين كانت ولازالت ضحية مجتمع متعصب هو المجتمع الإسرائيلي. وتابع أن اعتراف دولة واحدة أو اثنين بفلسطين غير كاف للحصول على حقوقهم، لكن الحقوق لن تسترد إلا بطرد الكيان الصهيوني من الأرض العربية الطاهرة. من جانبه، قال الدكتور منير محمود، الخبير في الشأن الإسرائيلي، إن اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين، يعد خطوة نحو تصحيح المسار الذي فعلته بريطانيا منذ 97 عاما، مشيرًا إلى أن اعتراف عدد من الدول الأوروبية بدولة فلسطين، بداية من السويد والآن بريطانيا، يعد صفعه قوية من الغرب للكيان الصهيوني، مؤكدا أن الكيان الصهيوني انقلب داخليًا بعد اعتراف بريطانيابفلسطين، خائفين من أن يصبح هذا الاعتراف حقيقيا وليس رمزيا. وأوضح الدكتور محمد أبو غدير، أستاذ الإسرائيليات بجامعة القاهرة، أن اعتراف بريطانيابفلسطين ليس صفعة للكيان الصهيوني؛ لأنه لا يمثل الدولة ولكن أعضاء مجلس العموم البريطاني فقط، مشيرًا إلى أنه قد يكون من المستحيل أن تعترف بريطانيابفلسطين بشكل كلي؛ بسبب الاتفاقيات والعهود التي تربط بين البلدين منذ وعد بلفور. واختتم "أبوغدير" أن العالم العربي بأكمله يعلم جيدًا داعمي الكيان الصهيوني من أوروبا وعلى رأسهم بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية وفرنسا.