حين هاتفت الدكتور حامد عمار للإطمئنان عليه والإستماع إلى بعض آرائه في قضايا التعليم فوجئت أن مديرة منزله تعتذر عن الحديث لمرضه الذي منعه من التواصل وهو الرجل الذي أفني سنوات عمره المديد في البحث والتأليف وطرح الأفكار الجادة والمخلصة للنهوض بالتعليم والثقافة والتنمية البشرية وبناء الإنسان علي مدى 94 عاماً لم يتوان لحظة عن نداء الوطن ,حصد العديد من الجوائز والميداليات والدروع في مصر والوطن العربي ,كما أثرى المكتبة العربية بحوالي 49 مؤلفاً اهتم فيها بقضية التعليم بشكل خاص حيث يعتبرها عملية سياسية بأوسع معانيها بما لايسمح بتطوير التعليم وإصلاحه متبعاً منهج النقد الاجتماعي الذي يمتد لمعالجة قضايا التعليم في مختلف السياقات الوطنية مركزاً على الريف لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في النواحي التعليمية متأثراً في ذلك ببيئته حيث نشأ في قرية(سلوا )إحدى القرى النائيه بمدينة كوم امبو التابعة لمحافظة أسوان في 25 فبراير عام 1921 مسجلاًعنها رسالة الدكتوراه التي حصل عليها من جامعة لندن عام 1952 تحت عنوان (التنشئة الاجتماعية في قرية – سلوا- مديرية أسوان) التي استمر الاقبال عليها حتى عام 2003 فهى أول رسالة لمبعوث مصري إلى الجامعات البريطانية. ظل الدكتور حامد عمار راهباً في محراب العلم باحثاً ومفكراً متفرداً في مجالات التربية والاجتماع والتاريخ والخبير الدولي الرائد في التنمية البشرية ومناضلاً عنيداً ومدافعاً شرساً عن إصلاح منظومة التعليم التي تعرضت لتخريب متعمد بلغ ذروته في العشر سنوات الأخيرة حين تم تخفيض الميزانية إلى 3,5% رغم أن اليونسكو أوصت ألا تقل عن 6% وكان التخفيض يهدف إلى هدم العملية التعليمية واللجوء إلى المعونات الأجنبية التي رفضها عمار جملة وتفصيلاً بقوله المعونة هى المحرك لمعظم جهود تطوير التعليم في مصر التي يتحمس لها عملاء إزاحة الدولة ويغترف أموالها دعاة تحرير التعليم. الأن نلمس بوضوح المخاطر التي حذر منها عمار وتخوفاته من من هدم المنظومة التعليمية في مصر وخطورتها علي مستقبل الدولة المصرية فليت المسئولين على المنظومةالتعليمية يستلهمون أفكاره وأطروحاته التي سطر بها مئآت الصفحات من الكتب التي تشيرإلى مواضع الخلل وتلقي الضوء علي الإيجابيات . لقد أعطى الدكتور عمار الكثير من الوقت والجهد في سبيل العلم فلماذا يشعر بنكران الجميل من طلابه وما أكثرهم الذين بخلوا بالسؤال عنه في وقت المرض والشده وما الذي ينتظره المسئولين لتكريم الرجل ومنحه أعلى الأوسمة في حياته وليس بعد وفاته كما تعودنا ولماذا لايتم إطلاق اسمه على إحدي المدارس بالحي الذي يقطن وهو الذي أفنى حياته في سبيل ما آمن به من حق الجميع في التعليم نعتقد أن الدكتور عمار يستحق أكثر من هذا بكثير وما زال بالوقت متسع . دكتور عمار سلامتك نحن في انتظار مقالاتك وآرئك الجريئة وسامحنا على التقصير.