ما زال مسلسل الفساد بوزارة النقل مستمرًا، وعلى الرغم من استمرار التعاملات المشبوهة مع المقاولين والتي تكشف عنها تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وغيرها، إلَّا أن المسئولين عنها مستمرون بمواقعهم. بعد ارتفاع تكلفة ميناء قسطل البري، الذي تم افتتاحه قبل أيام على حدود السودان، بأكثر من 40 مليون جنيه عن المبلغ المحدد في المناقصة، جاء الفساد في ميناء آخر وهو ميناء "ارقين" البري حيث تم صرف ملايين الجنيهات للمقاول رغم مخالفة مدة سريان خطاب الضمان. كما أن هناك مخالفة مالية ب155 مليون جنيه، بعد أن أصبحت الوزارة تتعامل مع مئات الملايين وكأنها عدة قروش. "البديل" تكشف بمستندات حصلت عليها من تقرير مالي من جهة رقابية، هذه المخالفات، وتتمثل المخالفة الأولى في صرف قيمة الدفعة المقدمة والبالغ قيمتها نحو 717.14 مليون جنيه بشيك باسم البنك الأهلي سوستيه جنرال، فرع الحجاز، للمقاول الذي طلب المبلغ دون موافاة الهيئة رسميًّا من البنك بما يفيد تنازل المقاول للبنك عن مستحقات عن هذه الأعمال، طبقًا لخطاب الضمان، وتم الصرف رغم أن خطاب الضمان الصادر من البنك لصالح هيئة الموانئ وليس الهيئة العامة لتخطيط مشروعات النقل، ما شابها العديد من المخالفات منها: أن خطاب الضمان تضمن شرطًا يقضي بأنه لن يصبح ساري المفعول ولا يترتب عليه أي التزام إلَّا بعد استلام البنك الدفع المقدمة بكامل القيمة بموجب شيك صادر لأمره ولحساب العميل بالمخالفة لأحكام المادة رقم (69) من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998، والتي تنص على أن يكون الترخيص بصرف مبالغ مقدمًا بما لا يجاوز (25٪) من قيمة التعاقد بموافقة السلطة المختصة وبشرط أن يكون الدفع المقدم مقابل خطاب ضمان مصرفي معتمد بذات القيمة والعملة وغير مقيد بأي شروط وساري المفعول حتى تاريخ الاستحقاق الفعلي لتلك المبالغ. كما أن مدة سريان خطاب الضمان 12 شهرًا من تاريخ إصداره في حين أن مدة تنفيذ الأعمال 18 شهرًا بالمخالفة لحكام المادة (69) السابق الإشارة إليها، بالإضافة إلى أنه على الرغم من صرف الهيئة قيمة الدفعة المقدمة وقدرها نحو 717.14 مليون جنيه خصمًا من موازنتها الاستثمارية، إلَّا أنها لم تقم بتضمين حسابي الكفالات والتأمينات عن خطابات ضمان "الحسابات النظامية" بقيمة الدفعة المقدمة لصدور خطاب الضمان لصالح هيئة الموانئ وليس هيئة تخطيط مشروعات النقل وما لذلك من آثار. وجاء في تقرير المراقب المالي أنه: "يتعين تحقيق أسباب ذلك مع ضرورة اتخاذ اللازم لوضع الأحكام السابق الإشارة إليها موضع التنفيذ والإفادة". مخالفة أخرى جسيمة بحساب المبالغ المدفوعة مقدمًا عن استخدامات استثمارية ب155.5 مليون جنيه المعادل لمبلغ 30.28 مليون دولار أمريكي دون تسوية حتى تاريخه، قيمة ما حولته الهيئة من حسابها ببنك الاستثمار القومي لحساب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بالبنك التجاري الدولي حساب رقم 790105183 قيمة الجزء المخصص للعام المالي 2010/ 2011 – أي منذ سنوات، وجاء ذلك في البداية تنفيذًا للبروتوكول الموقّع بين وزارة النقل ووزارة الخارجية، والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لتنفيذ مشروع دعم وتحديث وزارة النقل خلال المدة من العام المالي قيمته الإجمالية نحو 25'95 مليون دولار. وكان قد اعترض الجهاز المركزي للمحاسبات على هذه الاتفاقية في حينه وطلب تحديد مدى سلامة التصرفات وجدوى هذا المشروع ومخاطبة وزير النقل لاتخاذ القرار المناسب بشأن جدوى استمرار المشروع من عدمه، وأسفرت الخطابات المتبادلة والتي آخرها كتاب المستشار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات لرئيس مجلس الوزراء الأسبق بالكتاب رقم 20/ق0ع في 2013 والمرفق به المذكرة التي أعدتها مراقبة حسابات السكك الحديدية بالجهاز والمنتهي بالتوصية باتخاذ اللازم لاسترداد المبلغ السابق تحويله لحساب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة البالغ نحو 5.155 مليون جنيه لصالح الخزانة العامة علي أنه في حالة الحاجة إلى إعادة استخدام هذا المبلغ في مشروعات أخرى، يتم ذلك بعد إجراء دراسات الجدود اللازمة لها من خلال الموازنة العامة للدولة وفي إطار القوانين والقرارات واللوائح المنظمة في هذا الشأن وبما يكفل ممارسة الرقابة على المال العام. فيما خاطبت الهيئة العامة لتخطيط مشروعات النقل رئيس قطاع التشغيل والموازنات بوزارة النقل بكتابها رقم 571 تطلب فيه الإفادة عن الأمر، للرد على ملاحظة الجهاز المركزي للمحاسبات. وجاء الرد من رئيس قطاع التشغيل والموازنات بكتابة رقم 185 بأنه تمت مخاطبة كل من مستشار الوزير لشؤون التعاون الدولي ومستشار الوزير للاستثمار بالكتاب رقم 178 حيث إنهما جهة الاختصاص والتعامل مع وزارتي التخطيط والتعاون الدولي والخارجية، مضيفًا أنه سيتم موالاة الهيئة بالرد في هذا الشأن وحتى تاريخه إذا لم يتم سؤال المدعو جمال حجازي.