يواصل جيش الاحتلال الصهيونى عملياته العسكرية، البرية والجوية ضد قطاع غزة، التى أطلق عليها «الجرف الصامد»، منذ السابع من يوليو الجارى، وهي العمليات التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 130 فلسطيني، أغلبهم من الأطفال والشباب، وإصابة أكثر من 900 أغلبهم حالات حرجة، وتدمير 293 منزلا، وخلفت 283 منزلا لم يعد صالحا للحياة. وأعلن الجيش الصهيونى، فى بيان سابق له، أن عدد الهجمات التى شنها على القطاع منذ بدء «الجرف الصامد» وصلت 1160 غارة جوية، وطالب سكان شمال القطاع بإخلاء جميع منازلهم لتوجيه ضربة عسكرية برية. من جانبها، أكدت وزارة الداخلية والأمن الوطني أن التحذيرات والرسائل الصوتية والاتصالات التي يبثها الاحتلال الصهيوني على هواتف المنازل بشكل مكثف، خاصة في مناطق شمال القطاع، وتطالبهم بإخلاء منازلهم، هي حرب نفسية ورسائل عشوائية للإرباك وبث الذعر في نفوس الشعب الفلسطيني. واعتبرت الوزراة أن الاستجابة لنداءات الاحتلال تساعده في تمرير مخططاته بإضعاف الجبهة الداخلية، وتخريب وتدمير ممتلكاتهم وبيوتهم، داعية جميع أبناء الشعب الفلسطيني ممن أخلوا منازلهم بالعودة إليها على الفور وعدم مغادرتها، واتباع التعليمات الصادرة عن وزارة الداخلية. يبدو أن الرياح أتت بما لا تشتهى السفن، فحرب العصابات الصهيونية على غزة وحدت فصائل المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة، لتطلق جميها أكثر من 600 صاروخ، حسبما أوردت تقارير إعلامية. كتائب عز الدين القسام – الجناح العسكرى لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» أطلقت تحذيرا للجيش الصهيونى بأنها ستنهى الحرب التى بدأها الاحتلال وفق شروطها، وأطلقت الكتائب على عمليتها العسكرية ضد الاحتلال «العصف المأكول»، ووجهت فى ليلة واحدة صاروخين من نوع J80مزودَين بتقنية لا تُمَكن «القبة الحديدية» من اكتشافهما باتجاه بيت يام، ولم تستطع القبة اعتراضهما، ولم تتمكن كل مركبات المنظومة وراداراتها من اكتشافهما حتى وصلا إلى هدفيهما، كما أطلقت 6 صواريخ متتالية غير مزودة بهذه التقنية باتجاه وسط مدينة تل أبيب المحتلة، وتمكنت قوات كوماندوز القسام من إبطال عملية بحرية لقوات الاحتلال واشتبكت معها. كما أعلنت كتائب الشهيد أبو على مصطفى – الجناح العسكرى للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إطلاق عشرات الصواريخ، وقصفت عددا من المواقع من بينها زكيم – موقع المخابرات شرق المقبرة، أسدود، كرم أبو سالم، كفار عزة، كفار ميمون، كيسوفيم شرق خان يونس، مبجن، سديروت، قاعدة زكيم الجوية، ناحل عوز وبئيري. وأعلنت «سرايا القدس» – الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، مواصلة دك حصون المحتل الصهيوني برشقات صاروخية، في إطار معركة أطلقت عليها «البنيان المرصوص»، حيث تصدت برفقة فصائل المقاومة الفلسطينية لقوة بحرية صهيونية حاولت التسلل إلى شاطئ بحر منطقة السودانية شمال قطاع غزة. وقالت «السرايا» إن مجاهديها الأبطال اكتشفوا برفقة مقاومين من فصائل أخرى محاولة إنزال وتسلل لقوة بحرية صهيونية كانت على متن زورق حربي، وجاء القصف الصاروخي لسرايا القدس لهذا اليوم على النحو التالي: قصف كيسوفيم وبئيري و رعيم وحوليت ومفتاحيم ب 48 صاروخ 107، قصف موقع المدرسة ب 4 قذائف هاون، قصف بئر السبع ونتيفوت ب 5 صواريخ جراد، قصف عسقلان ب6 صواريخ جراد، قصف مدينة تل أبيب المحتلة بثلاثة صواريخ من طراز براق 70. تقدر حصيلة التدمير الذى خلفته الحرب الصهيونية فى الأيام الستة الأولى بأكثر من 130 شهيد أغلبهم من الأطفال، و900 مصاب، بالإضافة إلى تدمير أكثر من 450 منزل، ورغم ذلك فإن مجلس الأمن الدولى المنوط به إقرار الأمن والسلم فى المناطق التى تتعرض للضرب والاعتداء، كان له رأى آخر. وبينما تؤكد المادة الأولى من العهد الدولى للحقوق السياسية والمدنية حق الدول فى تقرير مصيرها، دعا مجلس الامن الدولى الى وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين وإسرائيل، معبرا عن "قلقه البالغ" بشأن سلامة وحماية المدنيين من الجانبين، مشددا على ضرورة "احترام القوانين الإنسانية الدولية". وقال المجلس -في بيان صدر بالإجماع- إن أعضاء مجلس الأمن يطالبون ب"عدم تصعيد الوضع وبعودة الهدوء، وإعادة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر 2012″. وتعليقا على قرار مجلس الأمن الدولى، قال الدكتور مصطفى السعداوى – أستاذ القانون الجنائى، إن مجلس الأمن طبقا للفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة له صلاحيات التدخل العسكرى في أية تجمعات من أجل إقرار الأمن والسلم، مشيرا إلى أنه فى أغسطس 2011 حين اعتدت قوات الاحتلال الصهيونى على قوة شرطة مصرية وقتلت 5 أفراد، كانت المسئولية الجنائية تقع على الجانب الصهيونى وكان من الواجب محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية، وهو الأمر الذى يستوجب تدخل مجلس الأمن ووقف اعتداءات القوات الصهيونية قسرا. وأضاف «السعدواى» أن مجلس الأمن لم ولن يكون قادرا على اتخاذ قرارات دولية من شأها رد الكيان الصهيونى، أو وقف اعتداءاته، فحتى الآن قٌتل ما لا يقل عن 200 فلسطينى تحت ستار الموقف الأمريكي، كما أن مجلس الأمن رداء تملكه الدول العظمى، تكسيه من تشاء وتنزعه عمن تشاء. وأشار إلى أن هناك عدد من القرارات الصادرة لصالح الشعب الفلسطينى، منها القرارين 241، 242، الخاصين بعودة الاحتلال إلى حدود ما قبل 1967، لكن مجلس الأمن حتى الآن لم يتدخل من أجل تنفيذهما. وقال «السعداوى» إن جامعة الدول العربية عليها إنشاء مجلس الأمن العربى بما ككيان يعادل ويوازي مجلس الأمن الدولى، ويكون تحت مظلة جامعة الدول العربية، ويشارك فى إنشائه أساتذة القانون الجنائى. على مدار الأيام الماضية من العدوان الصهيونى على غزة، وبعد صدور بيان مجلس الأمن الدولى بضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار بين الطرفين، اكتفت الدول العربية ببيانات الإدانة أو الرفض، أو الدعوة إلى اجتماع عاجل. وقد أعرب المندوب الفلسطيني في الأممالمتحدة، رياض منصور، عن تطلعه لإدانة صريحة للعمليات العسكرية الصهيونية، وحماية دولية للفلسطينيين، فيما انتقد مندوب السعودية، عبد الله المعلمي، عدم إدانة مجلس الأمن لاعتداءات قوات الاحتلال بشكل مباشر. وكالعادة دعت جامعة الدول العربية إلى عقد اجتماع عاجل على مستوى الوزراء لبحث العدوان الصهيوني على القطاع، بعدما تم تدمير مئات البيوت الفلسطينية واستشهاد وإصابة المئات أغلبهم من الأطفال. وأكد مجلس التعاون الإسلامى أن جيش الاحتلال الصهيوني نسف عملية السلام، ويمارس أعمال التنكيل والقمع الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، كما دأب منذ فترة طويلة على القيام بعدة أعمال من شأنها تقويض كل محاولات تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. تواصل الرئاسة المصرية اتصالاتها المكثفة لوقف الاعتداء على قطاع قطاع غزة من قبل الكيان الصهيونى، وأعلنت دعمها للشعب الفلسطينى، كما فتحت السلطات المصرية معبر رفح ثلاثة أيام أمام المعتمرين الفلسطيني وأمام الحالات المصابة داخل القطاع، بينما وجهت القوات المسلحة المصرية حوالي نصف طن مساعدات عبر قافلة إلى القطاع مساهمة فى تخفيف الأعباء. وقال الدكتور مصطفى السعداوى – أستاذ القانون الجنائى، إن معاهدة السلام بين مصر والكيان الصهيونى لها تأثير على الموقف المصرى، حيث تحتم عليها عدم تشجيع الإرهاب ولا تعتدى على أطراف مسالمة، وألا تتدخل عسكريا، لكن على كل حال فإنه ليس كل تقوم به الإدارة المصرية تعلنه للإعلام، فالسياسية الجديدة للحكم الرشيد فى العالم أن السيطرة على الأمور تكون عن طريق السياسى، فان زمن الخطب العنترية قد انتهى. اعتبرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أن الاممالمتحدة تدين الاعتداءات والهجمات بين الفلسطينين والقوات الصهيونية، في أعقاب مقتل ثلاثة شباب من الصهيونيين. وقالت بيلاي للصحفيين في فيينا إنه من وجهة نظر حقوق الإنسان: «أدين تماما هذه الهجمات الصاروخية (الفلسطينية) وأدين بشكل خاص أعمال "إسرائيل" الانتقامية المفرطة». وخلال الأيام الستة الأولى من الحرب على غزة، وباستثناء المجلس القومى لحقوق الإنسان والاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، لم تصدر منظمة حقوقية مصرية واحدة بيانا يدين الانتهاكات الصهيونية ضد أبناء الشعب الفلسطينى، فى سابقة ليس لها تفسير أو مبرر كما يرى مراقبون. وطالب المؤتمرون فى أعمال الندوة العربية التضامنية مع الشعب الفلسطينى التى عقدت بنقابة المحامين بحضور أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان، والسفير محمد صبيح – الأمين العام المساعد للجامعة العربية، بتحرك عربي جاد في مواجهة الاحتلال الصهيوني عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأفريقي وحركة عدم الانحياز والعمل على محاصرته سياسيا واقتصاديا، وفضح آخر قلاع الاستعمار وآخر قلاع الفصل العنصري "الأبارتهايد" وسياساته العدوانية التوسعية، واستثمار فتوى محكمة العدل الدولية وتقرير "لجنة جولدستون" ودفعه رسميا إلى مجلس الأمن. ودعا المشاركون الحكومات العربية لدعم جهود منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والعربية لملاحقة مجرمي الحرب الصهيونيين، وثمنوا جهودهم السابقة المنتجة في هذا المجال. وعبر المشاركون عن تضامنهم التام مع الشعب الفلسطيني في مواجهة الحملة البربرية الشرسة التي يشنها الاحتلال الصهيوني في كامل الأراضي الفلسطينية، وخاصة في قطاع غزة المحتل. وذَكر المشاركون المجتمع الدولي بأن أصل القضية هو الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، وأن حلها لا يتأتى سوى بإنهاء الاحتلال دون قيد أو شرط. كما استنكر المشاركون تراخي المواقف العربية والتباطؤ في اتخاذ التدابير الفعالة بوقف المذبحة الجارية، وخاصة في قطاع غزة. يشكل قطاع غزة 1.3% من مساحة فلسطين التاريخية (من النهر الى البحر)، يمتد القطاع على مساحة 360 كم مربع، حيث طولها 41 كم، أما عرضها فيتراوح بين 5 و15 كم، يقع فى المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطينى على البحر المتوسط. هذه المساحة حين يشن عليها جيش الاحتلال 1160 غارة جوية خلال 6 أيام، تكون الصورة مأساوية. تقول أم أمجاد – من أهالى غزة: «معركتنا مع الاحتلال إلى يوم الدين، والله التليفزيون ما بيعرض كل شيء، والقنوات الفلسطينية لا يمكن لها أن تلاحق الأحداث، فى كل دقيقة تمر يسقط علينا صاروخ وكل 5 دقائق يقصف بيت تقريبا، لدينا عائلات كاملة قصفت، مثل عائلة حمد ما بقي منها إلا طفل 7 سنين، وعائلة الحاج ما بقي منها إلا شاب واحد فقط، وعائلة الحلبي ما بقي منها أحد، و3 أشقاء من عائلة الأسطل، و3 من عائلة النصاصرة، و7 من عائلة كوارع، وعائلات كتير. تضيف بلهجتها الغزاوية فى حديثها الهاتفى من قطاع غزة ل"البديل":" والله صرنا ننسى أعداد الشهداء، وعدد البيوت اللي قصفت أكتر من 200 بيت. المصابين حدث ولا حرج أكتر من 700 مصاب، من عائلة المصري أم وبنتها استشهدوا، ونفس الشغلة من بيت عبد الغفور، أم وبنتها، عائلات كاملة أبيدت، لدرجة أنهم قصفوا بشكل مباشر طفل عمرة 7 سنوات اسمه عبد الرحمن بسام خطاب. وتابعت: في نفس الوقت عدد قتلى اليهود بالعشرات، لا يوجد مكان احتله اليهود إلا ضرب، كلهم مثل الفئران في الملاجئ الآن، ولا يهودي موجود على حدود غزة، المجاهدين بيطلعولهم من تحت الأرض ومن فوق الأرض ومن تحت البحر، وما أصبح لهم أمان في أي شبر على أرضنا، والله اليهود كرتون ما لهم قوة أبدا. وعن شعائر الرمضانية تقول أم أمجاد: لا نفطر إلا على صوت الصواريخ ولا نتسحر إلا على صوت الصواريخ، ومع ذلك في صلاة التراويح عدد الذى يصلون خارج المسجد أكثر من عدد من يصلون بالداخل، المسجد لا يكفي عدد المصلين، حيث إن البعض يقوم بفرش الشارع خارج المسجد للصلاة فى حين أن الطائرات تكون فوقهم مباشرة. وأنهت حديثها بقولها: الحمد لله غزة لديها رجال تدافع عنها، والحمد لله أن خلقنا الله فى غزة، وحسبنا الله ونعم الوكيل فى كل متخاذل. بينما يقول شريف فرج – من أهالى غزة، أعداد الشهداء كثيرة جدا لكن الأهم هو شكل الشهداء يكون عبارة عن قصف من الطيران اما اف 16 او الزنانة". أما بالنسبة لعملية الإغاثة، فيقول «فرج» فى حديث هاتفى ل "البديل"، إن عملية الإغاثة تساوى صفر، لا يوجد شىء فى المستشفيات، لكن الأهالى يرسلون مستلزماتهم الطبية الخاصة بهم إلى المستشفيات، ومع كل ذلك فمعنوياتنا عالية فوق الرياح. وأشار فرج إلى أن المياه فى غزة أصبحت بحر ملوث ولا تصلح للشرب، والبنية التحتية ما زالت لكنها مئات البيوت قد تم تدميرها.