تقوم المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" بزيارة رسمية للصين، خلال الفترة ما بين 6 و 8 يوليو الجاري، وهي سابع زيارة لها إلى الصين منذ توليها مهام منصبها، حيث ستجتمع مع الرئيس الصيني "شي جين بينغ"، ورئيس مجلس الدولة "لي كه تشيانغ"، ورئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني "تشانغ ده جيانغ"، وقادة صينيين آخرين. وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "هونغ لي" مؤخرًا، إن "هذه الزيارة ستعزز الثقة السياسية المتبادلة بين البلدين، وتعمق التعاون الثنائي البراغماتي في شتي المجالات، وترتقي بالشراكة الاستراتيجية الشاملة إلى مستوى جديد". وحول زيارة ميركل للصين التي ستستهلها بزيارة مدينة تشنغدو غربي الصين وستلقي خلالها خطابا في جامعة تشينغهوا ببكين، قال "قو جيون لي" الباحث في مؤسسة الدراسات الأوروبية التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية: إن زيارة ميركل تأتي في إطار آلية اللقاءات بين رئيسي الوزراء الصيني والألماني، وستركز على تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين والذي يتعلق بمجالات الطاقة الخضراء، والسيارات العاملة بالكهرباء، وحماية البيئة، والتكنولوجيا الفائقة. وصرح السفير الألماني لدى الصين "مايكل كلاوس" للصحافة الصينية قائلا: "باعتبارهما دولتين صناعيتين كبريين، يمثل تطوير الاقتصاد الأخضر وبناء نمط تنموي مستدام هدفا مشتركا للطرفين، وفي إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، حددت الدولتان عدة مجالات يمكن أن يستفيد فيها كل منهما من خبرات الآخر، مثل توفير الطاقة والتنمية منخفضة الكربون والطاقة المتجددة…إلخ". وأضاف أنه في هذا السياق "سيأتى التعاون في صناعة السيارات العاملة بالكهرباء ضمن أهم بنود جدول أعمال زيارة المستشارة ميركل، إذ إن ممثلين من شركتي "فولكس فاجن" و"سيمنز" العملاقتين وذائعتي الصيت في مجال الطاقة المستدامة سيرافقان أيضا ميركل خلال زيارتها". ويعد تصدير واستيراد الآلات الميكانيكية جزءا مهما من التبادلات التجارية بين الصينوألمانيا، حيث بلغ حجم صادرات الصين من الآلات الميكانيكية الألمانية 141 مليار يوان في عام 2013. ومن جانبه، لفت المعلق المستقل الشهير لانغ يونغ تشيانغ، إلى أن قطاع صناعة السيارات العاملة بالطاقة الجديدة شهد نموا متسارعا منذ مطلع العام الحالي بفضل الدعم الحكومي، حيث تنهمك حاليا الكثير من مصانع السيارات الصينية في تطوير وإنتاج سيارات تعمل بالطاقة الجديدة، وقد دخلت كمية من هذه السيارات ذات الطرز الجديدة السوق بالفعل. بيد أنه مقارنة بمبيعات السيارات التقليدية في الصين، والتي بلغت 22 مليون سيارة في عام 2013، لم تصل مبيعات السيارات العاملة بالطاقة الجديدة في العام الماضي داخل الصين سوى إلى 17.6 ألف سيارة فقط. وأشار لانغ إلى أن العمالقة الألمان في صناعة السيارات، أمثال "فولكس فاجن" و"أودي" و"بي إم دبليو" و"مرسيدس" والذين يتمتعون بمبيعات كبيرة جدا في الصين، على دراية جيدة بوضع واتجاه صناعة السيارات الصينية. وأوضح لانغ أنه في الوقت الذي تؤيد فيه الصين تطوير السيارات العاملة بالطاقة الجديدة، ستحل ميركل كأرفع مسئول ألماني ضيفة على الصين وستجرى مباحثات معمقة مع القادة الصينيين، مضيفا أنه إذا جرت المشاورات والمفاوضات بسلاسة واستطاعت تلبية متطلبات السياسات الصينية الخاصة بتطوير السيارات العاملة بالطاقة الجديدة، فمن المؤكد أن السيارات الجديدة الطراز المصنوعة في ألمانيا ستدخل إلى الصين بوتيرة سريعة. واختتم حديثه بتعليق يفيد بأن "زيارة ميركل ستعطي زخما إيجابيا لتطوير السيارات الكهربائية في الصين". بالإضافة إلى ذلك، قال تيتوس فان دام بونغارت، رئيس مجلس إدارة المديرين التنفيذيين لفرع الغرفة التجارية الألمانية في شانغهاي، في مقابلة متلفزة عشية زيارة ميركل للصين: "رغم تباطؤ وتيرة التنمية الاقتصادية في الصين، إلا أن الشركات الألمانية المستثمرة في الصين مازالت متفائلة إزاء وضع أنشطتها التجارية هناك". وشدد على أن 90 في المائة من الشركات الألمانية ترغب في الإبقاء على حجم عملها وتوسيعه في الصين، فيما تعبر 70 في المائة منها عن تقديرها للإصلاحات التي تنفذها الصين حاليا، واصفة إياها بأنها ستسهم في مواصلة نمو الاقتصاد الصيني مستقبلا وستعود بالفائدة على نمو الشركات الأجنبية أيضا. وحول النتائج التي ستتمخض عن الزيارة، قال السفير الألماني مايكل كلاوس في تصريح له: إنه من المرجح أن يتم توقيع عشر اتفاقيات بين ألمانياوالصين خلال زيارة ميركل، مضيفا: "ولكن هذا الرقم قابل للتغيير". وأضاف كلاوس: "أود التأكيد على أن العديد من هذه الاتفاقيات المرتقبة تكتسب أهمية بالغة لا يمكن أن تقاس بالعدد". يذكر أن التبادلات التجارية بين الصينوألمانيا ارتفعت ارتفاعا صاروخيا، حيث وصل حجمها في عام 2013 إلى 161.6 مليار دولار أمريكي، أي بزيادة 580 مرة عما كانت عليه في عام 1972 عندما أقام البلدان العلاقة الدبلوماسية فيما بينهما. وصارت الصين بذلك أكبر شريك تجاري لألمانيا في آسيا، فيما تعد ألمانيا أكبر شريك تجاري للصين في أوروبا، ويبلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين ثلث إجمالي حجم التجارة الصينية الأوروبية. وتزامنًا مع التنمية الحثيثة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصينوألمانيا، شهد البلدان زيارات كثيفة ورفيعة المستوى، ففي مارس من العام الحالي, قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بأول زيارة له لألمانيا ، تم خلالها الإعلان عن الارتقاء بالعلاقة الثنائية إلى شراكة استراتيجية شاملة، وبالإضافة إلى ذلك، من المزمع أن يترأس رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ وفدا لإجراء جولة ثالثة من المشاورات الحكومية في ألمانيا في النصف الثاني من العام الجاري. وقال السفير كلاوس إن "هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها الزيارات المتبادلة والرفيعة المستوى بين البلدين مثل هذا الزخم الكثيف"، ما يدل على أن هناك آفاقا رحبة وإمكانات هائلة للتعاون الصيني الألماني الشامل.