جنبلاط لم يحصل بعد على «البركة الملكيّة» للقاء الملك السعودي (هيثم الموسوي). فيما تمكن النائب وليد جنبلاط، أخيراً، من فتح طريق جديد الى السعودية، أعلن رئيس المجلس النيابي عشية الجلسة الانتخابية الثامنة لرئيس الجمهورية التي ستكون على غرار سابقاتها، أنه يفكر في إجراء مشاورات جانبية لمواجهة الاستحقاقين الرئاسي والنيابي، معتبراً أنه لا يمكن النظر بعدم الاهتمام إلى مبادرة النائب ميشال عون. لا تنقطع السبل تماماً بين النائب وليد جنبلاط والعائلة الحاكمة في السعودية، لم يغفر السعوديون بعد لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي انقلابه عليهم يوم أسقط فريق 8 آذار حكومة الرئيس سعد الحريري، وساهم جنبلاط في إيصال الرئيس نجيب ميقاتي إلى السرايا الحكومية. صحيح أن الرجل زار جدة عام 2012، والتقى وزير الخارجية سعود الفيصل، وصحيح انه تلقى اتصال تعزية من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز بوفاة والدته. لكن قرار «الصفح الملكي» عن رئيس «جبهة النضال» لم يصدر بعد. وخلال الأشهر الماضية، وبعد تأليف حكومة الرئيس تمام سلام، تكثّف التواصل بين الطرفين، من خلال الزيارات التي قام بها الوزير وائل بو فاعور إلى الرياضوجدة، حيث كان يلتقي رئيس مجلس الأمن القومي بندر بن سلطان، او نائبه رحاب مسعود. وفي إحدى الزيارات، رافق بو فاعور تيمور جنبلاط، والتقيا بندر، لكن كل ذلك لم يصل إلى حد تأمين لقاء لجنبلاط بالملك السعودي. «محافظة جنبلاط على علاقة متينة بحزب الله وتّرت آل سعود، فيما تغنيج السعوديين لسمير جعجع أثار حفيظة الزعيم الشوفي»، يقول أحد المطلعين على العلاقة بين الطرفين. وبعد خروج بندر من بلاده «للعلاج»، قبل إقالته من الاستخبارات، لم يعد لجنبلاط من يفتح له باب ديوان الملك، لكن الأسابيع الأخيرة شهدت تطوراً على هذا الصعيد، إذ تمكن «أصدقاء مشتركون» من فتح قناة اتصال بين جنبلاط ورئيس الديوان الملكي السعودي خالد التويجري. وقد التقى بوفاعور التويجري أكثر من مرة. وبحسب مصادر مطلعة على ما يدور بين الطرفين، فإن جنبلاط لم يحصل بعد على «بركة ملكيّة» تتيح له لقاء الملك السعودي، ورغم ذلك، فإنه يحرص على الحفاظ على العلاقة كما هي الآن، على أمل تطويرها مستقبلاً. بري: حائط مسدود من جهة أخرى، اعتبر رئيس المجلس النيابي نبيه بري تعليقا على الاستحقاق الرئاسي «أننا أمام الحائط المسدود». وتوقع أمام زواره مساء أمس أن تكون الجلسة الثامنة لانتخاب الرئيس على غرار سابقاتها، وقال: «لا شيء جديداً، وسيكون مصير هذه الجلسة كسابقاتها. نحن أمام الحائط المسدود ومقبلون على استحقاق الانتخابات النيابية، والوضع يبدو مغلقاً تماماً، لذلك أفكر في إجراء مشاورات جانبية مع رؤساء الكتل والنواب المستقلين لمعرفة كيفية مواجهة الاستحقاقين الداهمين، الانتخابات الرئاسية والنيابية». وأضاف: «لا يمكن البقاء مكتوفي الأيدي أمام الاستحقاق الرئاسي ولا تجاوزه إلى الاستحقاق النيابي كي لا يقال إننا نهمل الأول. سأمنح نفسي 48 ساعة للتفكير في ما يجب القيام به والتشاور». لا أفكار مسبقة لديّ، لكن لا جدوى من إجراء حوار وطني حالياً لأسباب أمنية، لأن القادة لا يستطيعون الوصول، وثانياً: لغموض الموقف. سأستعيض عن الحوار بالتشاور، لأننا في وضع حساس. ليست هناك تقريباً حكومة ولا مجلس نيابي يجتمع وليس لدينا رئيس للجمهورية، لكنني أؤكد أن الأولوية تبقى لانتخاب الرئيس». وسئل بري عن الانتخابات النيابية فأكد أنه مع إجرائها وفق القانون النافذ في حال لم يتم التوصل إلى قانون جديد، ولم يستبعد في الوقت المتبقي من ولاية المجلس الاتفاق على قانون جديد «إذا كانوا يريدون ذلك». بري: لا يمكن عدم الاهتمام بمبادرة عون وهدفها سياسي أكثر منه دستوريا وسئل عن مبادرة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لتعديل الدستور فقال رئيس المجلس: «لا أعتقد أن العماد عون قالها كي تنفذ الآن، أولاً لأن مجلس النواب ليس في انعقاد عادي وأن الدورة العادية في تشرين الأول وبذلك نكون تجاوزنا موعد الانتخابات النيابية»، وقيل لبري ماذا لو فعلت ذلك حكومة الرئيس تمام سلام؟ فأجاب:«هل تفعل؟». ولاحظ بري «أن مبادرة عون لا يمكن النظر إليها بعدم اهتمام، أولاً لأن الرجل ذو حيثية مسيحية وسياسية ورئيس كتلة نيابية كبيرة، وهو يعتبر نفسه أقوى الزعماء المسيحيين، ومن حقه أن يقدم نفسه للرئاسة، لكن المبادرة كما قال إيلي الفرزلي هي حجر كبير رمي في مياه راكدة». ولم يشأ بري الخوض في تفاصيل المبادرة، معتبراً أن هدفها سياسي أكثر منه دستورياً. من جهته، رأى رئيس الحكومة تمام سلام أنه «في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية، الوضع لا يشجع على إجراء الانتخابات النيابية»، سائلاً «كيف يمكن للصراع السياسي حول الانتخابات الرئاسية أن يؤمن انتخابات نيابية؟». وعشية الجلسة، وجه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رسالة مفتوحة إلى النواب المقاطعين، رأى فيها أنّ «مقاطعة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وصولاً إلى تعطيل الانتخابات وإيصال البلاد إلى الفراغ الدستوري»، ليس من حقهم «لا بل يتعارض جوهرياً مع الوكالة الممنوحة لكم». وناشدهم النزول إلى مجلس النواب «بدلاً من إضاعة الوقت بطروحات وهمية، وتحكيم ضميركم الوطني وانتخاب رئيس وفقاً لقناعتكم السياسية كي لا تضيع فرصة لبننة الاستحقاق الرئاسي ونصبح ورقة في مهب العواصف التي تضرب المنطقة». وليس بعيداً، لاقى المجمع الإنطاكي الأرثوذكسي البطريركية المارونية في إلحاحها على انتخاب رئيس جمهورية في أسرع وقت. ودعا البطريرك يوحنا العاشر يازجي، في مؤتمر صحافي لمناسبة انطلاق أعمال المجمع في البلمند بمشاركة بطاركة الشرق المسؤولين في لبنان، الى «المحافظة على قيم الديموقراطية والحرية وتداول السلطة التي يقوم عليها البلد من خلال التعالي على المصالح الشخصية والآنية والمسارعة إلى انتخاب رئيس جمهورية يسهر على وحدة الوطن ويعيد للمؤسسات الدستورية انتظام عملها». ووسط هذه الأجواء، تلقت الحكومة مزيداً من الدعم الدولي، وفي هذا السياق أكد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي»دعم أعضاء مجموعة الدعم الدولية للرئيس سلام، والتضامن مع لبنان في ضوء التهديد الإرهابي»، مهنئاً سلام بنجاحات قوى الأمن الأخيرة. ورحّب بعد لقاء عقده مع سلام وأعضاء مجموعة الدعم الدولية ب«التفاهم الذي توصل إليه مجلس الوزراء لتسهيل عمل الحكومة»، معرباً عن قلق مجموعة الدعم من العجز المستمر لمجلس النواب عن انتخاب رئيس للجمهورية، مشدداً على «أهمية التحرك من قبل القيادات اللبنانية لضمان حصول الانتخابات في أسرع وقت ممكن».