عربات الكارو المحملة بمخلفات أعمال البناء تمهيداً لإلقائها على قارعة الطريق وعلى جانبي الكباري وأعلاها ,مشهد يتكرر يومياً حيث تسير هذه العربات بأعداد كبيرة تلقي مخلفاتها فى لمح البصر وفى الصباح الباكر تبدأ عربات الحي في تنظيف الشوارع وإزالة المخلفات ,ومع انتهاء النهار تبدأ دورة جديدة من إلقاء القمامة تتبعها أخرى للإزالة في غياب تام للمسئو لين عن تفعيل عقوبات رادعة حددها القانون لمرتكبي هذه الجرائم فقانون النظافة رقم 38 لسنة 1968 بشأن النظافة العامة والمعدل بقانون رقم 106 لسنة 2012 الذي كان الهدف من تعديله تشديد العقوبة بالحبس والغرامة التي لاتقل عن عشرين ألف جنية ولا تتجاوز المائة ألف لكل من ألقى أو وضع مخلفات أعمال البناء أو الهدم أو الحفر في الطريق العام أو الميادين أو الكباري والجسور…الخ جاءت هذه التعديلات المغلظة للحد من انتشارهذه الظاهرة التي باتت تشكل خطورة شديدة على البيئة والأفراد الذين تتعرض حياتهم لمخاطر صحية عديدة ,فضلاً عن افتقادنا للمظهر الجمالي والحضاري لبيئة نظيفة فمنذ صدور هذا القانون لم تضبط حالة تلبس واحدة تقضي بتطبيق العقوبة بالحبس أو الغرامة رغم إمكانية توقيف المخالفين عن طريق لجان أو دوريات ليلية تتواجد في الأماكن التي يتم فيها إلقاء هذه المخلفات كما هو الحال في أكمنة الشرطة لضبط الجناه على الفور وتطبيق القانون للقضاء على هذه الظاهرة المرضية التي أصابت المجتمع كله في مقتل . القائمون على تنفيذ القانون يكيلون دوماً بمكيالين حيث التراخي والتباطؤ في تفعيل قانون النظافة طالما أنه لايشكل خطورة مباشرة على المساس بالأمن العام للدولة وسياساتها المعلنة ,في الوقت نفسه يطبق قانون التظاهر بلا هوادة على شباب الثورة والمتظاهرين السلميين الذين رفعوا لافتات رافضة للقانون مطالبة بالإفراج عن النشطاء السياسيين والثوريين الذين لعبوا دوراً وطنياً مهماً أثناء وبعد الثورتين فبدلاً من تمكينهم والاحتفاء بهم ,تم التنكيل ببعضهم بالحبس سنوات تصل ل15 عاماً لمجرد أنهم تظاهروا دون استئذان, نحن مع سيادة القانون وتطبيقه بما يحمي حقوق الإنسان ويصون حريته التي يحاول استردادها بازلاً من أجلها الدماء والأرواح ,لكننا ضد الانتقام ممن يتصور البعض خطأً أنهم يشكلون خطراًعلى السلم العام ,وإذا كان بعضهم لم يلتزم قواعد التظاهر فإن هذا لايعني توقيع عقوبات قاسية تتبعها موجة من الاعتقالات طالت ما يقرب من 24 متظاهراً كل جريمتهم أنهم طالبوا بالحرية لرفاقهم ,وإذا كان الفصل الثالث من القانون غلظ عقوبة السجن المشدد مدة لاتقل عن سبع سنوات وغرامة لاتجاوز ثلاثمائة ألف جنيه ,للمتظاهرين الذين يحملون السلاح أو المفرقعات أو المواد الحارقة والنارية أثناء التظاهر أو داخل الاجتماعات ,فإن هذا يعني أن المدة المقررة طبقاً للقانون هى الحد الأقصى للعقوبة المغلظة للمتظاهرين غير السلميين,ومن ثم فإن الأحكام التي صدرت وإن كانت غيابية بالغت إلى حد كبير في ردع المتظاهرين السلميين الذين يكفل لهم القانون هذا الحق دون انتقاص. الكلمة والهتاف المسموع سلاح يرهب فقط الدولة الرخوة التي عشنا فيها سنوات طويلة والتي مازالت أياديها متجذرة في الدولة العميقة والتي نأمل أن تتطهر أجهزتها من دنس الأفكارالأمنية السطحية وهؤلاء الرجال الذين لايعنيهم فساد الضمير والأخلاق وخرق القوانين عياناً بياناً بما يهدد حياة المجتمع بأثره بقدر ما يعنيهم إحكام القبضة الأمنية فتظل هذه الأدبيات من قبيل المقبول والمسكوت عنه لحين إشعار آخر.