أزمة سد النهضة وحرب غزة تتصدران رسائل الرئيس السيسي الأسبوعية    الكشف على 3 آلاف مواطن ضمن بقافلة النقيب في الدقهلية    الكنيسة الكاثوليكية والروم الأرثوذكس تختتمان صوم العذراء    غير صالحة للاستهلاك .. ضبط 363 كجم لحوم ودواجن في حملة تموينية على المطاعم بمركز أبنوب بأسيوط    محافظ الدقهلية يتفقد عمل المخابز في المنصورة وشربين    نيكاي الياباني يقفز لأعلى مستوى على الإطلاق بدعم تراجع الين    مديرية الزراعة بسوهاج تتلقى طلبات المباني على الأرض الزراعية بدائرة المحافظة    «البترول» تتعاون مع شركة IRH الإماراتية في مجالات التمويل والتعدين    تراجع معدل البطالة في مصر إلى 6.1% خلال الربع الثاني من 2025    بالإنفوجراف.. طريقة التقديم على الإسكان البديل عن الإيجارات القديمة    قيادى فى حماس يعلق كلام بن غفير لمروان البرغوثى    الأمم المتحدة: خطة إسرائيل بالإخلاء القسري للفلسطينيين هي جريمة حرب    عودة أسود الأرض.. العلمين الجديدة وصلاح يزينان بوستر ليفربول بافتتاح بريميرليج    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات المفاجئة في باكستان والهند إلى أكثر من 200 قتيل    ترامب يؤيد دخول الصحفيين إلى قطاع غزة    مالي تعلن إحباط محاولة انقلاب وتوقيف متورطين بينهم مواطن فرنسي    إسرائيل تعلن دخول 310 شاحنات مساعدات إلى غزة    معلق مباراة الأهلي وفاركو في الدوري المصري    انطلاق معسكر فيفا بمشاركة 35 محكمة    ميلان يتعاقد مع نجم يونغ بويز    روما ينهى صفقة سانشو من مانشستر يونايتد    في ذروة الحرارة المرتفعة.. أعداد مهولة من المصطافين على شواطىء الإسكندرية    فيديو.. "الداخلية" تكشف تفاصيل ضبط سيدة نشرت محتوى خادشا للحياء عبر مواقع التواصل بالإسكندرية    متى تنتهي موجة الحر في مصر؟.. الأرصاد الجوية تجيب    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالفيوم    مصرع 4 أشخاص وإصابة أخر إثر تصادم سيارة برصيف واشتعالها بطريق "الإسكندرية- مطروح"    سلاف فواخرجي تشيد ببيان فناني مصر ضد التصريحات بشأن ما يسمى إسرائيل الكبرى    الليلة.. انطلاق الدورة 33 من مهرجان القلعة بتكريم 12 شخصية    قصف مكثف على غزة وخان يونس وعمليات نزوح متواصلة    الصور الاولى من كواليس فيلم سفاح التجمع ل أحمد الفيشاوي    117 مليون مشاهدة وتوب 7 على "يوتيوب"..نجاح كبير ل "ملكة جمال الكون"    رانيا فريد شوقي تحتفل بعيد ميلاد الفنانة هدى سلطان    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 47 مليونا خدمة طبية مجانية خلال 30 يوما    نائب وزير الصحة يتفقد المنشآت الطبية بمحافظة المنيا ويحدد مهلة 45 يوما لمعالجة السلبيا    وزيرا الزراعة والشئون النيابية يؤكدان أهمية التعاونيات الزراعية في النهوض بالمنظومة    «الطفولة والأمومة» يُحبط زواج طفلتين بمحافظتي البحيرة وأسيوط    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة بمسجد "التعمير" في قرية الخربة ببئر العبد في شمال سيناء (صور)    الكوكي: طوينا صفحة الطلائع.. ونحذر من الاسترخاء بعد الانتصارات    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد فاركو    ضبط مخزن كتب دراسية بدون ترخيص في القاهرة    شريف العريان: نسير بخطوات ثابتة نحو قمة العالم استعدادًا لأولمبياد 2028    نجاح جراحة دقيقة لطفلة تعاني من العظام الزجاجية وكسر بالفخذ بسوهاج    ياسر ريان: لا بد من احتواء غضب الشناوي ويجب على ريبييرو أن لا يخسر اللاعب    طريقة عمل الباتيه لإفطار خفيف ولذيذ    فوائد البصل، يحارب العدوى والسرطان والفيروسات والشيخوخة    «الصبر والمثابرة».. مفتاح تحقيق الأحلام وتجاوز العقبات    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    رئيس الأوبرا: نقل فعاليات مهرجان القلعة تليفزيونيا يبرز مكانته كأحد أهم المحافل الدولية    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا    أجمل رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف مكتوبة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين.. «إجازه مولد النبي كام يوم؟»    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    «هتستلمها في 24 ساعة».. أماكن استخراج بطاقة الرقم القومي 2025 من المولات (الشروط والخطوات)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النوبة.. حلم العودة إلى وطن مفقود
نشر في البديل يوم 25 - 06 - 2014

أكبر عملية جراحية جغرافية في التاريخ الحديث، تعرض لها أهل النوبة، بعد حرمانهم من أراضيهم الزراعية وتهجيرهم إلى جبال كوم امبو، ورغم التضحيات من أجل الوطن.. مازالوا يعانون، ومازلت أحلامهم مدفونة.
وقال الشيخ وحيد محمد يونس، الباحث فى الشئون النوبية والسودانية والإفريقية، بقرية غرب أسوان، إن أزمة أبناء النوبة تمثل جراحا تمتد زمنيا إلى القرن الماضي، وتحتاج إلى اعتراف من الدولة، بعدما أدت إلى هجرة النوبيين من منطقة أرض النوبة إلى أسوان حتى جزيرة "صاى" جنوب حلفا بمقدار 60 ألف كم، مشيرا إلى أن هذه الكتلة البشرية تأثرت بغرق قراهم وانتقلوا جنوبا إلى السودان وشمالا إلى القاهرة وتحدثوا النوبية على اختلاف لهجاتها (الدونقلاوية – الحلفاوية – الفاديجية).
يشير يونس، إلى أن النوبيين شعروا بالغبن والظلم من هذا النقل، وأنهم "زائدين عن الحاجة" ولديهم شعور "عزيز قوم ذل"، لأن من استفاد بخزان أسوان الذي دفع النوبيون أراضيهم وبيوتهم أسفله، فئة قليلة من الإقطاعيين مثلوا 1% من الشعب المصري فى القرن 20، وهم الذين زرعوا القطن والقصب، وهما المحصولان الاقتصاديان آنذاك، وصدروه إلى إنجلترا، فاغتنى هؤلاء الإقطاعيين على حساب الشعب المصري عامة والنوبة خصوصا.
أضاف يونس أن هذا الخزان ومراحله أدت إلى إفقار النوبيين نتيجة لفقدانهم أراضيهم الزراعية ومواشيهم، ونخيل البلح، أي انعزالهم عن بيئة زراعية كاملة كانت تكفل للنوبيين المعيشة فى رفاهية، مما اضطرهم للعمل في وظائف لا تدر عليهم إلا القليل مما ترتب عليه معيشتهم فى فقر مدقع على جوانب المدن المصرية الغنية، وفى أحياء بولاق أبو العلا وعابدين حول القصور الملكية والطبقات الثرية فى الزمالك، الأمر الذي أدى إلى تدهور أحوالهم المعيشية والعمل فى مهن خدمية يشعر فيها أبناء النوبة بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
ويرى يونس أن النوبة تحتاج إلى إعادة اعتبار معنوي لأهلها، مؤكدا أن لهم عدة مطالب من الرئيس الجديد لإعادة اعتبارهم بعد كل هذا الظلم والمعاناة في التهجير والنقل، على مر العصور وصولا لعهد مبارك الذي دفع بالمستثمرين إلى النوبة فنهبوا جميع ثرواتها وسرقوها، فلم يكن اهتمام مبارك بالنوبة من أجل النوبيين، ولكن من أجل سرقتها، وتملك آلاف الأفدنة، ونهب ثرواتها من الرخام والذهب والجرانيت والإسمنت لصالح الرأسمالية المتوحشة فى شمال الوادي.
ويشير سليم إلى أن كل قرية في مصر لها موقعها الجغرافي إلا قرى بلاد النوبة حيث انتقلت من موقعها الجغرافي والتاريخي الذي دفن فيه الأجداد، لافتا إلى أن قرى نصر النوبة طاردة للشباب نظرا لغياب فرص العمل، وغياب الاستثمارات.
ونفى سليم استبعاد النوبيين من تولى المناصب القيادية بالدولة، مؤكدا أن الأزمة تكمن فى استبعاد الشباب بشكل عام وسيطرة كبار السن على المصالح والهيئات الحكومية منذ غلق باب التعيين من الثمانينات، مطالبا بأهمية ضخ دماء جديدة فى هذه المؤسسات تحمل أفكار الشباب المبدعة.
بينما طالبت نجلاء أبو المجد، عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار، مسئول الملف النوبي بالحزب وعضو تنسيقية العمل الجماهيري لنساء مصر، بحق عودة النوبيين ل 44 قرية حول بحيرة السد العالي بنفس السمات والمعمار والطراز التراثى قبل التهجير.
وأشارت أبو المجد إلى مدة العودة التي أقرت في الدستور الجديد بعشر سنوات، مؤكدة على أهمية تفعيل المادة 236 من الدستور لتنمية الأماكن الحدودية بشكل عام كالنوبة وسيناء ومطروح.
أضافت أبو المجد أن من المطالب أيضا إنشاء مجلس أعلى للغات المحلية للحفاظ على اللغة النوبية من الاندثار، وكذلك اللغة الأمازيغية والقبطية والبيجاوية التى يتحدث بها أهل حلايب وشلاتين، مؤكدة أن هذا المطلب يتوافق مع نص المادة (50) الذي احترم التعددية الثقافية لمصر، وحماية هذه اللغات من الاندثار والطمس، مشيرة إلى أن معهد الدراسات الإفريقية يقوم بتدريس لغات السواحيلي والإريتري والهاوسا بالقاهرة، ولا نجد من يحافظ على لغة النوبة الأصلية.
وطالبت أبو المجد الرئيس الجديد بتعيين نائبين في البرلمان القادم من النوبيين أحدهما لقبائل الفاديجا والآخر للكنوز أسوة بالكوتة التى حصلت عليها المرأة والأقباط وذوى الاحتياجات الخاصة.
وأكدت نجلاء على أهمية القضاء على العنصرية والتمييز ضد النوبيين وأصحاب البشرة السمراء في الظهور كمقدمي برامج على شاشات التليفزيون المصري، قائلة "عايزة أشوف مذيعة سمراء على تليفزيون بلدى".
وترى نجلاءأن الخدمات الصحية منهارة فى نصر النوبة، مؤكدة على أهمية بناء مركز لعلاج السموم نظرا لانتشار حالات الوفاة نتيجة اللدغ من العقارب والثعابين، ووفاة الضحية أثناء السفر به من النوبة إلى الأقصر أو القاهرة.
وقال محمد عبده حسون، رئيس منطقة الفاديجا النوبية، إن أبرز مطالب النوبيين هو بناء بيوت المهجرين الذين وصل عدد منازلهم إلى 5200 منزل، فمع الهجرة الكبرى عام1963 بسبب بناء السد العالي تم تهجير النوبيين خارج بلادهم إلى هضبة كوم امبو على امتداد50 كيلو مترا بعد أن كانوا على امتداد600 كيلو متر، وقسمت الدولة النوبيين إلي فئتين: فئة المقيمين بالنوبة القديمة وأعطتهم بيوتا في القرى الجديدة وفئة أخرى هم المغتربون وأجلت بناء منازل لهم ولم تبن لهم غير50% فقط من مساكنهم، ومن ثم تتلخص مطالب النوبيين في سرعة بناء مساكن للمغتربين وتسليمها لهم خلال خطة خمسية.
ويرى حسون، ضرورة تخصيص دائرة انتخابية نوبية مستقلة كمثل التي كانت موجودة في الستينات لضمان وصول أصوات نوبية معبرة عن القضية فى مجلس النواب القادم، مشيرا إلى عدم دعوة النوبيين للحوار المجتمعي الخاص بإصدار قانون مجلس النواب وقانون مباشرة الحقوق السياسية، ولم يتم الاستماع إلى آرائهم ومطالبهم.
أضاف حسون أن الحكومة المصرية تساوم النوبيين الآن بين الحفاظ على أرواحهم وبين منحهم أموالا لإحلال وتجديد المنازل النوبية التى تم تهجيرهم منها بعد بناء السد، وعرفت بمنطقة "وادى الجن" وهى منطقة جبلية صحراوية تمتد من "بلانا وكلابشة إلى مركز كوم امبو"، ونظرا لغياب دراسات وتخطيط الدولة بطبيعة تربتها وجغرافية المنطقة، ظهرت التشققات بعد فترة على المبانى التى شيدتها الدولة للنوبيين، بسبب لغياب الصرف الصحى لفترات طويلة عن القرى وإدخاله منذ وقت قريب حيث تسربت مياه الصرف الصحي أسفل المنازل وأدت إلى تصدعها حتى أوشكت على الانهيار.
وطالب حسون بأن يكون مركز نصر النوبة مستقلا إداريا وماليا عن مركز كوم امبو، وأن يكون لها ميزانية خاصة بها تساهم فى تطوير المنطقة وإنشاء مصانع وشركات تستوعب البطالة بين أبنائها.
وتقول آيات عثمان، مؤسس منظمة "جنوبية حرة"، إن ضرب السياحة فى الفترة الأخيرة أدى إلى بطالة كبيرة بين الشباب النوبى الذي يعتمد على هذه المهنة، مما دفع كثير من النساء النوبيات إلى العمل بدلا من أزواجهن للإنفاق على أسرهن، وقيامهن بالمشغولات اليدوية التى تشتهر بها النوبة، ولكن تواجه تلك السيدات أزمة في ترويج هذه المنتجات وبيعها نظرا لغياب الوفود السياحية.
أضافت عثمان أن البطالة أثرت على الأسر النوبية، وزادت من حالات العنف ضد النساء نظرا للضغوط الاقتصادية الواقعة على الأزواج والتى تدفعهم إلى السفر للقاهرة للعمل بأي مهنة لسد احتياجات الأسرة، مشيرة أن الفتاة النوبية محرومة من استكمال التعليم الجامعي، واقتصار الأسرة على حصولها على شهادة متوسطة، نظرا لبعد الكليات ومحدوديتها فى عدة كليات بجامعة جنوب الوادى بأسوان، مشيرة إلى أن أغلب عمالة النساء النوبيات تتركز فى التدريس والتمريض بالوحدات الصحية بقرى النوبة.
وتساءلت عثمان عن دعم اليونسكو السنوى المقدم لمصر والمقدر بملايين الدولارت من أجل تعمير النوبة باعتبارها منطقة حضارية تراثية، فالنوبة تم تنيمتها على نفقة أهلها، ولم تنفق الحكومة جنيها واحدا لتعميرها، أو إقامة مشروعات تنموية بها منذ 50 عاما بعد التهجير.
أضافت أن قرى النوبة تخدمها مستشفى واحدة فقط هى " نصر النوبة العام" تعانى من إهمال وسوء الخدمات الصحية المقدمة بها كأغلب المستشفيات الحكومية، واغلب النوبيين يضطرون للسفر إلى أسيوط والقاهرة للعلاج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.