تضاربت آراء الخبراء السياسيين حول قانون الانتخابات البرلمانية، فقال بعضهم إن اعتراض عدد من الكيانات والأحزاب السياسية على قانون الانتخابات البرلمانية يرجع إلى عجزهم عن التواصل مع الجمهور في الشارع المصري واكتساب قاعدة شعبية، وفشلهم في استثمار السنوات الثلاث الماضية في بناء أحزاب قوية، واصفين اعتراض تلك الأحزاب على نظام الانتخابات وعلى النسب بين القائمة والفردي ب «حجج العاجز». فيما ذهب خبراء آخرون إلى أن القانون في مجمله سيء ويتعارض مع المصلحة العامة، ويضيق الحصار على الأحزاب. يقول الدكتور أيمن عبد الوهاب – الخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، إن تحفظات الأحزاب حول قانون الانتخابات البرلمانية، يمكن فهمها في إطار شعور هذه الأحزاب بالضعف، وعدم قدرتها على التواصل مع الشارع المصري، لكن هناك إشكالية أخرى هي أن تقدم الأحزاب حلا بديلا حول كيفية تمثيل 8 شرائح من المجتمع في البرلمان كما نص الدستور بنسب ملائمة. وأضاف «عبد الوهاب» أن ما يعالج تلك الإشكالية بشكل أفضل هو نظام القائمة المطلقة، لأن القائمة النسبية لكي توفر ذلك، فإنها تستوجب أن تضمن الأحزاب تحقيق ترتيب قائمتها لتضم هذه الشرائح مجتمعة. وأشار إلى أن القائمة النسبية تثير إشكالية أخرى، لأننا نعلم أنه يفوز خلالها ثلاث مقاعد فقط بحد أقصى، ومحاولة إرضاء الأطراف المشاركة في العملية الانتخابية خطأ كبير لأن الأحزاب السياسية ليست الطرف الوحيد المشارك، فهناك فئة الشباب والمرأة والمسيحيين. وأوضح أن الفكرة هنا أننا نعيد بناء نظام سياسي، ودور الأحزاب مهم في البناء السياسي الحقيقي، ولكن على الأحزاب الاعتراف بأنها لم تحسن اسثمار فرصة الثلاث سنوات الماضية بأن تبني أحزابا حقيقية ذات قواعد شعبية قوية. والسؤال الآن: هل تستطيع الأحزاب وضع قوائم تمثل كل شرائح المجتمع؟ بالطبع لا، لأن الأحزاب تهتم في المقام الأول بوضع قياداتها على رأس القوائم حتى تضمن قواعد في البرلمان. وناشد «عبد الوهاب» الأحزاب بالبحث عن حلول تكمن في تكوين تحالفات انتخابية كبيرة تحقق التوازن وتعبر عن درجة التمثيل المجتمعي داخل البرلمان وترشيح قوائم فعالة قادرة على التواصل مع الجماهير، مشددا على أن أي حديث عن المقاطعة هو استمرار لفكرة الابتزاز السياسي. وقال الدكتور مختار غباشي – الخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، إن قانون الانتخابات أصبح ملزما للجميع، وتغييره ليس في مصلجة جهات كثيرة، مشيرا إلى أن القانون يعزز وجود المستقلين داخل البرلمان، الأمر الذي يصب في مصلحة المشير عبد الفتاح السيسي، لأنه بدرجة أو بأخرى أتى إلى الحكم دون ظهير حزبي، وفي خطابه الأخير أشار إلى عدم رغبته واعتراضه على جهة موازية تدير الحكم معه، والجهة والوحيدة التي تستطيع حكم مصر معه هي البرلمان. وأضاف «غباشي» أن اعتراض البعض على إتاحة القانون الحالي الفرصة لعودة الحزب الوطني والإخوان اعتراض غير وجيه، لكن الاعتراض المقنع أن القانون يسمح بوجود حزبي داخل البرلمان أم لا؟ وطلب الأحزاب بأن تبحث عن كوادر قوية تمثلها في الانتخابات البرلمانية "قائمة وفردي"، مشيرا إلى أن التذرع بأنها ليس بوسعها المنافسة في الفردي، وبأن القائمة مغلقة ومحددة، هو من قبيل الحجج التي يسوقها العاجز. فيما يرى الدكتور وحيد عبد المجيد – أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن القانون ليست مشكلته مع الأحزاب فقط، لكنه في مجمله يتعارض مع المصلحة العامة ويغلب المصالح الخاصة، فهو قانون «سيئ» يؤدي إلى خلق مجلس رقابي ضعيف، وينتج برلمانا مكدسا بالأعضاء. وأضاف أن من مساوئ القانون أيضا أنه يزيد الحصار حول الحياة الحزبية، وهو الحصار الذي سوف يمتد عدة سنوات، نتيجة إغلاق الطريق أمام الأحزاب للحصول على تمثيل معقول في البرلمان من ناحية، والأحزاب في الشارع من ناحية أخرى، مما يؤدي إلى نجاح شبكات المصالح لخلق حالة تؤدي لانحسار الحياة الحزبية في الفترة المقبلة.