الاعتداء على المستشفيات ظاهرة خطيرة ظهرت في الفترة الأخيرة كجزء من الانفلات الأمني العام ، الذي يعاقب به الشعب المصري على إنه تجرأ و قام بالثورة ، إذ أصبح واضحا للجميع أن قوات الأمن في أغلب الأحوال في حالة “إضراب غير معلن” !! تزايدت الظاهرة بشكل فظيع في الأسابيع الأخيرة .. و أصبحنا نلهث خلف الأحداث المتفجرة في المستشفيات بشكل سريع و متتالي.. قصر العيني.. و الحسين.. و العياط ..و كفر الشيخ ..و أسيوط ..و الشرقية.. و سوهاج.. و المنصورة .. بعض هذه الاعتداءات وقعت للأسف تحت سمع و بصر أفراد الأمن –مثل ماحدث بمستشفى المبرة بأسيوط- دون أن يحاولوا التدخل .. أما الأفظع فهو التعديات التي قام بها أفراد الأمن بأنفسهم ..مثل التعدي على مستشفى كفر الشيخ لأن الطبيب يصر على أن يقوم بالإجراءات الرسمية الضرورية قبل تحرير شهادة الوفاة لفرد أمن مصاب بطلق ناري ، أيضا التعدي على مستشفى سوهاج عند إعلان وفاة فرد أمن جاء للمستشفى مصابا بعدة طلقات نارية في الصدر و البطن !!! النتيجة التي نخلص لها أن جزء أساسي من تفاقم ظاهرة الاعتداء على المستسقيات هو “امتناع” أفراد الأمن عن القيام بواجبهم في تأمين المستشفيات حتى في حال وجودهم في مكان الاعتداءات .. بل و قيامهم أحيانا بالمشاركة في الاعتداء بأنفسهم .. من الأسباب الهامة الأخرى للمشاكل بالمستشفيات عدم توافر الإمكانيات الأساسية لتقديم العلاج ، و دخول المريض للمستشفى مع عدد ضخم من المرافقين يصل أحيانا لعشرين و ثلاثين مرافق ، مما حول المستشفيات من أماكن قادرة بفضل توافر الإمكانيات على تقديم العلاج المطلوب ، لأماكن مزدحمة .. تحكمها الفوضى .. و من السهل أن تتحول في دقائق لساحات معارك . هذا هو ما يحدث على امتداد الشهور الماضية ..أما المتوقع أيام الانتخابات فهو أخطر .. حيث من الطبيعي أن يلجأ كل المصابين نتيجة التناحرات الانتخابية للمستشفيات ، سواء للعلاج أو لعمل تقارير بإصاباتهم، وبذلك ستجتمع بالمستشفى الواحد مجاميع من أنصار مرشحين متنافسين ، مما يعطي احتمال عالي وسط سخونة الأجواء الانتخابية بتجدد الاشتباكات بينهم مرة أخرى داخل المستشفى .. مما ينذر بمخاطر عالية جدا على المستشفيات و أطقم العمل بها و المرضى و المصابين أنفسهم ، لذلك و لأن المستشفيات يفترض بها أن تكون دائما و أبدا أماكن هادئة و أمنة حتى أثناء الحروب ، فنحن نرى الضرورة القصوى لتنفيذ خطة جادة و عملية لتأمين المستشفيات عموما و “خصوصا” أثناء الانتخابات .. و قد وضعنا بالفعل تصور عن خطة عملية و بسيطة ، جزء منها يقع على عاتق وزارة الصحة ، و جزء أخر على عاتق وزارة الداخلية .. و هي خطة كفيلة بضمان تأمين حقيقي للمستشفيات لو تم التعامل معها بجدية أول نقطة في هذه الخطة هي توفير كل احتياجات أقسام الطوارئ بالمستشفيات ، خصوصا في أيام الانتخابات . ثاني نقطة : توفير قوة أمن ثابتة ، من 4 أفراد أمن مسلحين تسليح ناري ،على كل مدخل من مداخل المستشفى، على أن تكون للقوة صلاحية التعامل المتدرج مع أي محاولة اعتداء عند اللزوم ، و تقوم هذه القوة بالتعاون مع العاملين بالمستشفى بعدم السماح بدخول المستشفى إلا للمريض مع مرافق واحد ، حتى تنتهي ظاهرة “اجتياح” المستشفيات بعشرات من المرافقين اللذين قد يحولوا المستشفى لساحة قتال. ثالث نقطة : هي وجود جدول معلن لمناوبات أو نوبتجيات أفراد قوة الأمن ، على أن يكون هناك إشراف مزدوج على هذه القوة من مدير المستشفى مع مأمور القسم ، و ذلك لمنع أي تخاذل أو تقصير من قبل القوة الموجودة في القيام بدورها أن تكون هناك وسيلة محددة لمحاسبة أفراد الشرطة عند عدم قيامهم بواجبهم .. الفكرة هنا أن قيام الشرطة بواجبها هو التزام ضروري و عمل يتقاضي أفراد الأمن رواتبهم مقابله و ليس عملا تطوعيا ، و أنه يجب محاسبة أي فرد شرطة لا يقوم بعمله و واجبه الضروري ، إذا أردنا أن يعود الانضباط للمستشفيات ، و خصوصا في فترة الانتخابات الحرجة .