الجدول النهائي لبقية مراحل انتخابات مجلس النواب 2025    قومي حقوق الإنسان يستقبل الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي لبحث آفاق التعاون المستقبلي    جولة ميدانية لمدير تعليم القاهرة بروض الفرج وتفقد مشروعات رأس المال    مصر توافق على بروتوكول إنشاء محطة طاقة نووية بالتعاون مع روسيا    وزيرة التخطيط تستعرض مؤشرات نمو الناتج المحلي خلال المؤتمر الصحفي لرئيس مجلس الوزراء    نكتة واشنطن الدبلوماسية.. من يدير وزارة الخارجية؟    أحمد الشرع: رفضت عرض انفصال إدلب عن سوريا حتى يبقى البلد موحدا    بعثة منتخب سيدات اليد تسافر إلى هولندا للمشاركة في كأس العالم    الجيش الملكي يحفز لاعبيه ماليا لتخطي عقبة الأهلي في دوري الأبطال    أمين لجنة الرياضة بمجلس الشيوخ: مراكز الشباب ركائز أساسية للتنمية ودعم الاقتصاد القومي    أنباء سارة لجماهير برشلونة.. بيدري يشارك مع المجموعة    ضبط 145 ألف مخالفة مرورية و80 سائقًا متعاطيًا للمخدرات خلال 24 ساعة    "صحة الإسماعيلية" تَوَاصُل حملات الرقابة على المنشآت الغذائية بالمحافظة    البريد يطلق خدمة التصديق القنصلي بالتعاون مع وزارة الخارجية    يا مدرستى.. يا مدرستى    بعد ترشيح معزوفة اليوم السابع لجائزة الشيخ زايد.. جلال برجس ل الشروق: سعيد بالتواجد وسط كتاب مبدعين    خالد الجندي: الخشوع جوهر الصلاة وروحها ويُحذر من هذه الأمور(فيديو)    «المستشفيات التعليمية» توقع بروتوكولًا استراتيجيًا لتدريب الفرق الطبية ب«الرعاية الصحية»    علا الشافعي: لجنة الدراما بالمجلس الأعلى لم تعقد منذ فترة ولا توجد قرارات ملزمة    ارتفاع عدد ضحايا حريق المبنى السكنى فى هونج كونج إلى 75 قتيلًا    " قفلوا عليها المدرسة ".. سقوط طالبة من الدور الثاني فى الغربية    مدبولي: المصريون سيبدأون جني ثمار الإصلاح الاقتصادي هذا العام    مفتي الجمهورية ومدير مكتبة الإسكندرية يبحثان توسيع التعاون في التوثيق والتراث والبحث العلمي    محافظ الأقصر يشهد انطلاق فعاليات أسبوع الخير أولى.. صور    مدبولي: نتابع يوميًا تداعيات زيادة منسوب المياه    «فاكسيرا» تضع خارطة طريق لمواجهة فصل الشتاء    انخفاض الحرارة غدا.. وأمطار على بعض المناطق والصغرى بالقاهرة 16 درجة    توزيع جوائز الفائزين بمسابقة أجمل صوت فى تلاوة القرآن الكريم بالوادى الجديد    الناشرين المصريين يلتقى بأمين مجمع البحوث الإسلامية لنشر المصحف الشريف    أحمد عبد القادر يغيب عن الأهلي 3 أسابيع بسبب شد الخلفية    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    رئيس جامعة بنها : اعتماد 11 برنامجا أكاديميا من هيئة ضمان جودة التعليم    مقتل سيدة بطلقات نارية في قنا    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    أسوان تحصد جائزتين بالملتقى الدولى للرعاية الصحية    أوقاف الغربية تنظّم ندوة علمية بالمدارس بعنوان «حُسن الجوار في الإسلام»    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    روسيا تصدر أحكاما بالسجن مدى الحياة بحق 8 أشخاص بشأن الهجوم على جسر رئيسي في القرم    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    الهلال الأحمر المصري يرسل القافلة ال82 إلى غزة محملة ب260 ألف سلة غذائية و50 ألف بطانية    وزير الري يعرض المسودة النهائية لهيكلة روابط مستخدمي المياه    الليلة: نادى الفيوم يعرض فيلم "فيها ايه يعنى" ضمن مهرجان المحافظة السينمائى    كأس مصر| البنك الأهلي في اختبار حاسم أمام بور فؤاد بحثًا عن عبور آمن لدور ال16    عادل فتحي نائبا.. عمومية المقاولون العرب تنتخب مجلس إدارة جديد برئاسة محسن صلاح    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب7 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    ارتفاع حصيلة الفيضانات وانزلاقات التربة في إندونيسيا إلى 19 قتيلا    بعد مرور عام على تنفيذه.. نعيد نشر بنود اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان    3 قرارات جديدة لإزالة تعديات على أملاك بنك ناصر الاجتماعى    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    «امرأة بلا أقنعة».. كتاب جديد يكشف أسرار رحلة إلهام شاهين الفنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشرف موسى: فى ظل عدالة " محمد عبده " !
نشر في البديل يوم 10 - 05 - 2014

حاكم متسلط بالجودة؛ يحكم بالعدل والسُنة وتذوب مصلحته الشخصية فى مصلحة العدالة وتحت حاكمية القوانين التى هى بالأساس المعبر الأحكم لتسييس مصالح الناس، لا ديكتاتور يحكم بأهوائه ويقود الناس لما فى عزته ومصلحته هو..
حاكم يربى ويعلم المجتمع الفضيلة ويعيد أفراده ومتسلطيه إلى الرشد والصلاح، ذاك المجتمع الممتلئ عن آخره أمراض نفسية؛ واعوجاج فكرى وعقلى وتشوه إنساني جراء تعاقب المستبدين عليه وتكالب الفاسدين على ثرواته وانتزاع الطغاه لأسس كرامته.
خمس عشرة عاما، كما قدرها محمد عبده، أو عشرين مثلما يرى أفلاطون قديما؛ هى أعوام كافية ليفرز المجتمع نخبا علمية وفكرية وأخلاقية حقيقية تقود الأمّة بعد ذلك إلى الفضيلة وتوفر لها البيئة المناسبة للترقى والإصلاح.
أعوام عديدة يتعلم النشء فيها، فى أكاديمية أفلاطون، فنون الفلسفة والحكمة والطبيعيات ومختلف الفنون والقتال والأخلاق؛ فيصير النابغة منهم حكيما فيلسوفا ينضم إلى مصاف أقرانه ممن يقودون الباقيين إلى كمالهم ويوجهون باقى أفراد المجتمع إلى سبل الخير وما فيه صالح المجتمع.. وسنين طويلة يربى " المستبد العادل " أفراد مجتمعه على الفضائل ويقوّم اعوجاجهم كما أوضح الإمام محمد عبده، وقد أفرد ابن رشد طرقا ثلاثا تمكّن الحاكم " الحكيم " من التعامل مع فئات المجتمع " المدينة " بغرض غرز القيم الأخلاقية بداخله، قال عنها ابن رشد فى كتابه تلخيص السياسة " إن أفلاطون قد تطرق عند حديثه عن فضيلة الشجاعة، وعن كيفية ترسيخ وغرس الفضائل فى نفوس أهل المدينة، إلى أفضل الوسائل لفهمها وكيفية اكتسابها والحفاظ عليها من قبل أهلها، وإلى الطرق الأكثر كمالا، التى هى بالنسبة لنا البحث فى الغرض والغاية من معالجة مثل هذه الفضائل فى المدينة".
وهى ثلاثة مستويات لإقناع الناس بالفضيلة وأهميتها وتفعيل التزام الناس بها:
الطريقة الأولى: التعليم بالمعارف النظرية القائمة على البرهان والدليل العقلى، ويقول عنها ابن رشد "غير أن طريقة تعلم العلوم النظرية التأملية إنما هى للخواص، وهو المنهج الصحيح والقويم كما سنبين ذلك فيما بعد".
الطريقة الثانية: وهى طريقة الإقناع بما يخاطب عقلية العامة وذلك عبر "غرس الإقناع فى نفوسهم من خلال الأقاويل الخطابية والشعرية. وهذا جزء من العلوم النظرية التأملية الخاصة بخطاب الجمهور" كما يقول ابن رشد، حيث يبين مدى استعداد الناس لتلقى ذلك النمط من الإقناع بقوله "فإن إيمانهم أو اعتقادهم بمعرفة المبدأ الأول والغاية النهائية التى يجاهدون للإيمان بها على قدر استعدادهم الطبيعى، نافع فى تهيئتهم للفضائل الخلقية الأخرى للسلوك العملى".
الطريقة الثالثة: وهى عند تعذر الإقناع بطريقتى "التعليم بالبرهان" أو "الإقناع بالخطابة والمواعظ" وهى المسماة "الإقناع بالقسر أو الإكراه" وتستخدم لمن لايؤمنون بالحق فى ذاته، ومن يرفضون انتهاج العقل والحجة أو القيم الإنسانية العامة كقنوات طبيعية للتواصل، وإنما لايفهمون سوى لغة القوة ولايقتنعون إلا بالإكراه، وهؤلاء لايمكن مخاطبتهم إلا بما يفهمون – أى بالقوة – وذلك ليس من دافع انتقامى أو رغبة فى العقوبة فى ذاتها، بل هو نفس المبدأ الثابت المتمثل فى الإصلاح والهداية والتربية الروحية والنفسية لبسط العدل ودفع المظالم عن المجتمع ومعالجة آثار التشوه الأخلاقى والفكرى.
وقد فسر ابن رشد تلك الطريقة ووصف مصاديقها بدقة بقوله "وتدعى بطريقة القسر والإكراه باستعمال العقاب الجسدى". ومن المؤكد أن هذه الطريقة لا يُلجأ إليها بين أهل المدينة الفاضلة. وحتى لو كانت هذه الطريقة قد استخدمت ضرورة، فليس للإكراه المطبق على الأمم الضالة، لكن هذه الطريقة للتعليم بالإكراه نادرة الوقوع فى المدينة التى وصفناها فى هذه المقالة- أى المدينة الفاضلة- أما فى الأمم الأخرى فإن هذا الأمر مقبول نوعا ما. وفى شريعتنا، فإن ما يصدق على الدساتير التى تتبع نموذج الدساتير الإنسانية يصدق عليها، لأن الطرق التى تعود إلى سبيل الله إنما تشابه هاتين الطريقتين، أى الإقناع والإكراه.
نعود إلى السؤال الأهم: ثم ماذا بعد أعوام "التحوّل" الخمسة عشر؟
يجيب مولانا الإمام محمد عبده قائلا "حتى إذا عرفت الأفكار مجاريها بالتعريف، وانصرفت إلى ما أعدت له بالتصريف، وصح الشعور بالتعليل، واستقامت الأهواء بالتعديل، أباح لهم- أى الحاكم- من غذاء الحرية مايستطيع ضعيف السن قضمه، والناقه من المرض هضمه، وأول مايكون ذلك بتشكيل المجالس البلدية، ثم بعد سنين تأتى مجالس الإدارة، لا على أن تكون آلات تدار، بل على أن تكون مصادر للآراء والأفكار، ثم تتبعها بعد ذلك المجالس النيابية. نعم ربما لايتيسر لرجل واحد أن يشهد هذا الأمر من بدايته إلى نهايته، ولكن الخطوة الأولى هى التى لها مابعدها، ويكفى لمدها خمس عشرة سنة، وما هى بكثير فى تربية أمَه، فضلا عن أمّة".
بذلك يأخذ شكل الحكومة منحى قائما على "المشاركة" وتعود حرية إرادة الشعوب مرة أخرى لتأخذ دورا فعالا فى المساهمة بالقرارات، ويحتال النظام من حاكمية "المستبد العادل" إلى "الديمقراطى العادل"، وهذا ماسنتعرض إليه بالتفصيل فى مقالنا القادم إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.