فعلاً.. لو لم أكن مصرياً.. لوددت أن أحصل على الجنسية المصرية.. فأكون مصرياً. وكما يقول الآن شباب فيس بوك العميل: إن مصطفى كامل مات فى الثلاثينات من عمره الذى قضى قدراً كبيراً منه فى فرنسا؛ وبالتالى لا يؤخذ على كلامه. ولكنى أؤكد أن ذلك دليل على أن هذا الشباب مغيب.. ولا يرون الخير الذين ينعمون به على أرض الوطن، وأحب أن أحذر هؤلاء الشباب.. أن هناك شعرة بين (السخط) و(الخيانة)… شعرة بين إنك تكون "ساخط" أو إنك "تتسخط". (الجنسية المصرية) هى أمل أغلب سكان العالم، بل هى أمل أغلب المصريين أنفسهم. وهنا نبارك للمصريين.. إنضمام المخرج محمد خان بحصوله على الجنسية المصرية إلى حوالى 94 مليون مصرى، ينعمون بحقوق مواطنة ممتازة وحقوق إنسان كاملة وحقوق مرأة مثالية (الحقوق هى اللى مثالية مش المرأة والعياذ بالله). كما نقول للمخرج محمد خان: مبروك الجنسية المصرية (تستحقها بعد أن أثبت ولاءك) خلال أكثر من 30 سنة فى صناعة سينما جادة تغوص بعمق الهم المصرى، سينما لم تبتذل.. لم تُشوِه، لم تسقط منها رسالتها تحت أى ضغط أو ظرف. لكن عليك سيدى أن تعرف أننا فى (مرحلة إنتقالية).. وستطول إلى جيل أو جيلين وربما ثلاثة؛ وسيكون عليك الكثير من الواجبات والتضحيات.. التى لن تضاهى بأى حال قيمة الحصول على أوراق الجنسية المصرية. لك كذلك كمواطن مصرى طناً من المميزات فى (مصر الجميلة)، ولكن تذكر دائماً إن (الجمال جمال الروح)، وأنك فى هذه المرحلة الإنتقالية عليك أن تتمسك (باللى هتديه لمصر؟) ولا تنتظر (ايه هتديك مصر؟!). من المميزات.. أن لك حق التقديم على (كارت التموين) وبما أنك تجاوزت سن الستين.. فإنه لم يعد لديك فرصة تقديم على البطاقة التموينية، فضلاً أن والدك غير مصرى ولم تكن معه بطاقة تموينية "ديجيتال" كانت أو ورقية؛ لتنبثق منها بطاقة مستقلة لك (دى مشكلتك يعنى). لكن لديك فرصة الحصول على (كارت البنزين).. وهو لن يوفر لك فى ثمن البنزين كما يعتقد أغلب المصريين، لكنه وسيلة لضبط سرقة البنزين من المحطات. سيكون لك حق الانتفاع المجانى كمواطن مصرى بعلاج اللواء الدكتور عبد العاطى لعلاج جميع الأمراض، من الإيدز إلى السعال الديكى. وبشكل عام سيكون لك حق العلاج المجانى أو المخفض بمستشفيات الدولة.. حق التعليم المجانى بمدارس الدولة.. حق طلوع رحلة الأقصر وأسوان المدعمة بمديرية الشباب والرياضة.. الخ. كما أن عليك مجموعة من الواجبات أو التضحيات التى يتحتم عليك تقبلها معنا فى الفترة القادمة. منها.. إحتمال حالة التوهان وفقدان الأمن، هذا الخليط اليومى بين الكوميديا والدم.. يجعلنا نشاهد الجميع من حولنا وكأننا لسنا معهم، حتى يباغت أحدنا نكتة أكثر إدهاشاً.. أو حادثة أكثر إجهازاً. عليك أن تتقبل أسوأ أنواع فهم الدين (مش مهم شويه يموتوا عشان الباقى يعيش) وأسوأ أنواع التعامل الأمنى (اللى عايز يجرب.. يقرب).. عليك أن تتقبل "الديمقراطية المصرية".. والتى تبدأ بتبادل الآراء فى السياسة والإقتصاد… وتنتهى بتبادل الآراء فى الأم والأب؛ كما يقول الراحل القدير جلال عامر. سيكون عليك أن تتحمل أخلاقيات الناس هذه الأيام ونفاذ أغلب رصيد السماحة فى صدر المواطن المصرى؛ مع إستمرار إستنزافه فى أعباء وأسعار يومية متزايدة. وأخلاقيات المصرى هذه الأيام بدورها "إنتقالية".. مؤقتة، فالمصرى أصيل ومتدين بفطرته، هو عليه فقط بعض التراب.. تراكم عبر عشرات سنوات.. ويبدو أن ذلك التراب مع الرطوبة خلال هذا الوقت الطويل "لصق". ونحن على أى حال فى إنتظار "الفارس المُجنَح" الذى سيزيح هذه الطبقة الترابية.. حتى نجد تحتها مواطناً رائعاً على فطرته الجميلة، كما ولدته أمه. من حقك أن تطالب بالاطلاع على نص القرار الجمهورى المكتوب بمنحك الجنسية.. وعليك التأكد من وجود توقيع (تأشيرة) الرئيس عدلى منصور.. نفسه.. فإذا كانت (التأشيرة) بالقلم الأزرق أو الأسود.. فستكون أيامك منتجعات سياحية وتمويل الدولة لأفلامك ومؤسساتها فى خدمتك وزبادى خلاط وعمر الشريف وسعاد حسنى.. أما لو كان توقيعه بالقلم الأحمر.. فستكون أيامك فى مصر تهميش لك وتجاهل لإبداعك وداخلية فى أذيتك وعربية فول وصفوت الشريف ومحمد حسنى. إننى أعلَم أنك لست بعيداً عن كل هذا.. فأنت مصرى فعلياً منذ سنين، لكن من باب التذكير.. أو المراجعة وليس أكثر. بعد التأكد من حصولك على الجنسية؛ عليك أن تتحمل طوابير إستخراج بطاقة رقم قومى وجواز سفر مصرى أو إستخراج رخصة قيادة، أو طابور العُرس الإنتخابى.. وهو طقس سنوى يتكرر أكثر من مرة فى السنة. الحقيقة إن (الطابور) فى مصر.. هو جزء من التراث المصرى، الذى لا يقل جاذبية عن أبو الهول. عليك سيدى أن تتعلم الإبداع (داخل الصندوق).. ففى مثل هذه المرحلة الحساسة قد يتم تفسير بعض العبارات الزائدة فى أعمالك السينمائية على إنها "شفرة" تستهدف القيام بعمليات إرهابية داخل الوطن. وسنضرب لك مثلاً من أعمالك السابقة.. ففى فيلم "الحريف" مثلاً، نجد العبارة المعروفة على لسان عادل إمام (خلاص.. زمن اللعب راح). وسيتم تفسير ذلك الآن ببساطة أن العمليات الإرهابية الماضية لم تكن أكثر من لعب، وأن القادم أكثر عنفاً. أما العبارة التى وردت فى فيلم "موعد على العشاء" على لسان سعاد حسنى (مصدقتش إنى بقيت حرة، وإنى حاقدر أعيش الحياة اللى أنا اختارها، زى ما يكون أتكتب عليا إنى هفضل طول العمر أسيرة ليك).. فهذه لا تحتاج إلى فك شيفرة.. وهى كفيلة وحدها بسحب أوراق الجنسية منك مرة أخرى وحبرها لم يجف بعد. إذا تكررت مثل هذه العبارات فى المستقبل، فلا فرصة حينها للنجاة من تحليلات أحمد سبايدر وعمرو مصطفى التى ستربط حتماً بين هذه الشفرات.. وبين لقبك (خان) لإثبات أنك جزء من المؤامرة الرهيبة على الوطن (كُلْ عيش). مبروك مرة أخرى الجنسية المصرية للمخرج محمد خان، ولا أعلم إن جاءت للرجل فى هذا العمر وكان لا يزال فى إنتظارها.. أو تمثل بالنسبة له فارقاً، لكنها بالتأكيد لفتة رائعة من رئيس الجمهورية.. نتمنى تكرار أمثالها مع مئات الجنود المجهولين المخلصين المقصيين عن الأضواء خلال عشرات السنوات، وسعادتنا هى أن الجنسية المصرية تذهب لرجل يُشرفها.. أكثر من مصريين كثيرين بالوراثة.