شهدت الحرب الكونية على سوريا تصعيدا جديدا من الجبهة الشمالية عبر العملية الواسعة التي نفذتها الجماعات التكفيرية بخليطها متعدد الجنسيات من الحدود التركية ولاسيما بعد تدخل الطيران التركي لإسقاط مقاتلة سورية دكت تجمعات المعتدين في منطقة كسب وما تبع ذلك من تصريحات لرجب طيب أردوغان وهو ما يطرح السؤال عن آفاق هذه العملية وأهدافها. أولاً: من الواضح أن حلف العدوان بقيادة الولاياتالمتحدة يقف وراء هذه المحاولة الجديدة بهدف صرف الأنظار عن الانهيارات المتلاحقة في صفوف الجماعات المسلحة المتناحرة على امتداد الأرض السورية ولاسيما بعد العمليات الناجحة والدقيقة التي نفذها الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني في القلمون وريف حمص الغربي وما يؤكد اجتماع جهود الدول المشاركة في العدوان هو انخراط خليط يضم الآلاف تم حشده من المسلحين السعوديين واللبنانيين والشياشانيين ومن 15 جنسية اخرى تم تجميعهم وتجهيزهم على الأراضي التركية ودفعوا من خلف الحدود نحو الأراضي السورية بدعم تركي مباشر وبغطاء ناري كثيف من مواقع الجيش التركي في اقليم اسكندرون المحتل. أراد المخططون إعطاء جرعة معنوية لفلول الجماعات المسلحة التي منيت بهزائم متلاحقة في الميدان ومحاولة تشتيت قدرات الجيش العربي السوري عبر جذب الاهتمام إلى المناطق الحدودية لاختبار فرص تخفيف الضغط عن بؤر الإرهاب والتمرد في الداخل والحد من اندفاع الجيش السوري وقوات الدفاع الوطني لاستعادة السيطرة على العديد من المناطق. ثانياً: للتوقيت والدوافع التركية الداخلية علاقة مباشرة بمأزق اردوغان السياسي الخانق بعد الفضائح التي زعزت شعبيته وفي ظل الصراع المفتوح مع تيار فتح الله غولين الذي يخلخل قاعدته الحزبية والشعبية الإسلامية ومع بروز مؤشرات سياسية وإعلامية على استقطاب واضح يتزايد فيه خصوم أردوغان والراغبون في التخلص من زعامته داخل حزب العدالة والتنمية وخصوصا بعد المؤشرات التي حملتها مواقف عبد الله غول الأخيرة في هذا المجال. على مسافة أيام من الانتخابات البلدية المفصلية يحاول أردوغان إبعاد ملامح مأزقه عن واجهة الاهتمام عبر تصنيع قضية جاذبة للرأي العام مجددا من خلال الدخول مباشرة على خط الاشتباك في العدوان على سوريا وهو يراهن بذلك أيضا على تقديم اوراق اعتماد تكرس صلاحيته عند المشغل الأميركي بالتوازي مع لعبه للورقة السورية في الانتخابات ومخاوف أردوغان من غولين وعلاقاته الراسخة بالمؤسسة الحاكمة الأميركية واللوبي الصهيوني تشكل حافزا مضاعفا لهذا السلوك ثالثاً: من الواضح ان القيادة السورية متنبهة لأهداف أردوغان ولما تريده قيادة العدوان الاستعماري من وراء العمليات في كسب ومحيطها وهي حشدت قواتها المسلحة ووحدات الدفاع الوطني واستخدمت وسائل الدفاع بفاعلية لسحق القوة الإرهابية مع جاهزية كاملة لردع اي عدوان تركي دون تقديم أي هدية انتخابية لأردوغان فاكتفت ببيانها التحذيري الشاجب بينما واصل الطيران السوري عملياته الحربية ضد تجمعات الإرهابيين على خط الحدود. الأكيد ان ردا سوريا ما سيظهر في الفترة المقبلة على عربدة أردوغان بالتوازي مع تقدم العمليات الميدانية لاحتواء الهجوم الإرهابي التكفيري وتبديده على محاور كسب وجوارها في ريف اللاذقية وكما فعلت سوريا وحلف المقاومة في التعامل برسائل رادعة مع العربدة الإسرائيلية سيكون ردع العربدة العثمانية وهو هدف مشترك يمكن بلوغه مع الشريكين الروسي والإيراني وتجتمع فيه الإنذارات السياسية مع حركة الأسطول الروسي من طرطوس إلى اللاذقية نحو الحدود التركية بالخطوات الميدانية السورية وغيرها من الأوراق المعروفة والمكتومة. عملية يائسة جديدة في زمن إفلاس العدوان وفشل الحرب الكونية وسيكون إسقاطها حلقة مهمة في مراكمة الانتصارت وتأصيل الحالة المعنوية المرتفعة للشعب والجيش والتي لاتزيدها التضحيات إلا ثباتا وقوة.