يرى الدكتور مختار غباشي، رئيس المركز العربي لدراسات السياسية والاستراتيجية، والحاصل على دكتوراه الدولة في القانون الجنائي، أن الثورة لن تنجح إلا بشيئين احترام دولة القانون، واحترام المعارضة العملية، كما يرى أن انقسام القوى الثورية في الوقت الحالي هو أمر طبيعي وسط الزخم السياسي المتواجد، مؤكدًا أن الرئيس المقبل لن ينجح إلا إذا كان له ظهير شعبي حقيقي قادر على مساندته بشكل فعلي.. كما تطرق "غباشي" للحديث عن الوضع السياسي الحالي في مصر في حواره مع "البديل". * في البداية، كيف ترى مسار خارطة الطريق في ظل تقديم الانتخابات الرئاسية؟ منذ 25 يناير وحتى هذا التاريخ هناك عدد من المشاكل التي واجهت مصر وحالة من الاستقطاب السياسي التي حدثت وسط صراع بين النخبة السياسية وصراع على كرسي الحكم بين عدد من المرشحين أكثر منه صراع على مصلحة مصر وهموم المواطنين، حتى انتهينا إلى ما وصلنا إليه في 30 يونيو. فما حدث في خارطة الطريق وتعديلها حدث وفقًا للاعتبارات الحالية التي تحتم الانتخابات الرئاسية بدلًا من البرلمانية لتكون في البداية؛ وذلك بسبب ما يحدث من مواجهة حالية بين النخبة والمرشحين، وما بين الحكومة وجماعة الإخوان وتيار الإسلام السياسي من ناحية أخرى. فكنت أتمنى أن يكون الاستحقاق البرلماني قبل الرئاسي، فمصر كانت في أمس الحاجة إلى برلمان منتحب يستطيع أن يشرع ويراقب الحكومة، وأن يعدل التشريعات لتوافق على الدستور الجديد، خاصة أن الدستور في أمس الحاجة إلى 3500 تشريع يتم تعديله؛ ليتوافق مع تلك النصوص الدستورية. * كيف ترى ترشح السيسي لرئاسة منذ بداية دعمه من قبل المواطنين؟ في ظل خفوت عدد كبير من المرشحين المتواجدين وفي ظل إيمان الناس بوجود إنسان ملهم رأوه في المشير السيسي بموجب موقفه القاطع بعد 30 يونيو، فعدد كبير يراه رجل المرحلة، ومن هنا حدث زخم حول المشير السيسي، وهو صاحب الحظ الأوفر إذا ما لم يقدم نفسه كمرشح رئاسي، ولكن كل الأدلة تسير ناحية ترشحه. * كيف ترى خوض المشير السيسي الانتخابات الرئاسية، وهل سيكون هناك منافسة مع مرشحين آخرين؟ المسألة محسومة بشأن ترشح المشير السيسي للرئاسة؛ فكل الشواهد الحالية تؤكد أن هناك حالة من الإجماع على أن يكون هو الرئيس المقبل. وأي مرشح أمامه سيحصل على أصوات قليلة جدًّا؛ وذلك لرؤية عدد كبير من الشعب ومن رؤساء الأحزاب والإعلاميين للسيسي بأنه رجل قادر على إدارة المرحلة، واستطاع أن يخلص المصريين من الإخوان ولديه خبرة عسكرية واسعة. * هناك عدد كبير من القوى الثورية والحركات السياسية تدعم ترشح حمدين صباحي للرئاسة وتؤيده، كيف ترى ذلك؟ النخب السياسية والقوى الثورية لم تستطع حسم أي انتخابات، وأبرز دليل على ذلك ما حدث من القوى الثورية في الاستفتاء على الدستور الأخير ومقاطعتهم له، وهذا لم يؤثر على نسبة التصويت ب "نعم". فأولاً وأخيرًا من يحسم المسألة هو المواطنون المتواجدون في المحافظات والنجوع والذين يكونون بعدين كل البعد عما يحدث في مصر من حالة الصراع السياسي. فهناك في مصر 86 حزبًا سياسيًّا، وعدد أعضائها 2 مليون مواطن، وهذا يساوي 4 % من صوت المواطنين في الانتخابات؛ لذلك فلن يؤثر دعم القوى الثورية لصباحي على السيسي. * وما هي أبرز مواصفات البرنامج الانتخابي التى لا بد وأن تتواجد في المرشح الرئاسي القادم لتحقيق أهداف الثورة؟ على الرئيس القادم أن يسعى إلى تطبيق دولة القانون واحترام الديمقراطية، وأن يحقق مطالب الشعب، وأن يتناغم مع مطالب الشعب، وأن يمتلك الرؤية والحلم، وعلى الرئيس القادم أيًّا كان أن يؤسس لنفسه ظهيرًا شعبيًّا؛ حتى لا يسقط. * هل ترى أن القوى الثورية في الوقت الحالي ما زالت قادرة على تقديم المزيد من الثورة والاحتجاجات والنضال من أجل مصر في ظل القمع الذي يمارس عليهم؟ القوى الثورية هي عماد الثورة، ومن دونها ما وصل هؤلاء الذين يقمعونهم إلى مناصبهم، فشباب الثورة هم عمود الأمة وهم بالفعل قادرون على تقديم المزيد بالإصرار على الحرية والعدل. * وكيف ترى تعامل الحكومة الحالية مع شباب الثورة والنشطاء؟ الحكومة أدخلت نفسها في مرحلة عداء مع شباب الثورة، فبدلًا من أن يستغلوا طاقاتهم الثورية في صالح الدولة وقفوا كالعدو أمامها. وحديث مؤسسة الرئاسة عن مفوضية الشباب وتمكينهم أمر غير صحيح، فكان لا بد من احتواء الشباب وتمكينهم بشكل صحيح وليس بالعشوائية التى تحدث في الوقت الحالي. * وماذا عن انقسام شباب الثورة في الوقت الحالي بين المرشحين الرئاسيين؟ المسألة الطبيعية في ظل حالة الزخم السياسي الحالي أن يسير كل شخص وفقًا لما يراه، فما حدث من انقسام في حركة تمرد بحكم الانتماء وما حدث في 30 يونيو، فلديهم انتماء للمشير السيسي، والكل يتوافق حسب آرائه ومعتقداته. وهذا يرجع إلى عدم وجود إيدلوجيات واضحة للكيانات السياسية أو الحزبية، فجبهة الإنقاذ كان من المفترض أن تدعم "صباحي"؛ لأنه أحد كوادرها، ولكنها فضلت السيسي. * ما رأيك في دعوات المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين التى ينادى بها عدد من أساتذة العلوم السياسية وآخرهم حسن نافعة؟ على الحكومة الحالية أن تقدر أي طرح سياسي يطرح بشأن المصالحة، بشرط الوصول إلى حالة من التهدئة والحفاظ على هيبة الدولة، وأن تسير العملية السياسية في مسارها الطبيعي. فالحل الأمني في مصر لن يصل إلى أي حل قاطع، خاصة أن هناك مواجهة بين الحكومة والتيار الليبرالي والإسلامي، ولا بد من الوصول لنقطة من أجل السير في مصلحة الوطن وليس الأهواء الشخصية. فالثورة لن تنجح إلا بشيئن: احترام دولة القانون، واحترام المعارضة العملية السياسية. * وماذا عن أداء حكومة الببلاوي والمطالب التى تنادي برحيلها؟ بالطبع حكومة الببلاوي أثبتت فشلها في إدارة المرحلة الحالية، فعلى الحكومة جميعها أن ترحل وتأتي حكومة جديدة. القضية في الحكومات التى تتولى وتفشل في مصر أن كل وزير لا يعرف متطلبات حقيبته الوزارية، ولا يعرف ما هي المطالب التى من المفترض أن يقدمها ولا الحلول التى يجب أن يقدمها بشكل جذري وسريع؛ من أجل المواطنين، وما الأداء الذى يجب أن يسير عليه. * وبالنسبة للوضع الخارجي المصري، كيف ترى تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي ورأيه حول الاستقرار والديمقراطية في مصر، وكذلك قطر؟ بالطبع التدخل في الشئون الداخلية المصرية أمر مرفوض تمامًا، ولكن على وزير الخارجية أن يعي تمامًا أن مصالح الدول الخارجية تسير وفقًا لما تحتاجه وليس وفقًا لتيار سياسي معين أو رئيس بعينه. * ماذا عن علاقة الولاياتالمتحدة بمصر في الوقت الحالي بعد رحيل مرسي وجماعته؟ علاقة الدول بالدول مبنية على أسس استراتيجية، فالولاياتالمتحدةالأمريكية تبني علاقتها بمصر على أسس بغض النظر عمن يحكم مصر، وأكبر دليل على ذلك قطع علاقتهم مع مبارك وتركه في السجون، ولكنها تتماشى وفق لمصالحها. فالولاياتالمتحدة معنية بعلاقة مع مصر دون أن يهمها من يحكم مصر. فمصر تحتاج إلى الولاياتالمتحدة؛ لأن 85% من السلاح المصري يعتمد على الولاياتالمتحدة، وهناك نظم للتدفق النقدي بين مصر وأمريكا. * وكيف ترى التقارب التركي الإسرائيلي في الوقت الحالي؟ العرب هم من سيدفع فاتورة هذا التقارب، فالعرب لم يكنوا قادرين منذ البداية على استغلال هذا القطب في صفهم، ولكن الموقف اتخذ وضع "الندية" في التعامل.