لا يزال بعض جنود المؤامرة التي تستهدف تقويض أركان الدول العربية وتقسيمها على أسس إثنية ومذهبية وطائفية خدمة للكيان الصهيوني والقوى الإستعمارية، يرددون عبر وسائل الإعلام التقليدية والحديثة وعلى رأسها مواقع التواصل الإجتماعي الأكاذيب بشأن طائفية الجيش العربي السوري، زاعمين أن ما يجري على أرض سوريا ليس سوى حربًا يشنها جيش نظامي طائفي ضد مواطنين ومعارضين على غير مذهب قادته الديني، منكرين حقيقة الدور الوطني الذي يقوم به بواسل الجيش السوري "العربي الأول" في إطار تصديهم لمؤامرة دولية رأس حربتها جماعات متطرفة تلقى دعمًا مباشر وغير مباشر من قوى دولية غربية وإقليمية خليجية، ودحضًا لمزاعمهم نعيد عرض جانبًا من بحث مقتضب عملنا عليه مع بداية إندلاع الأزمة السورية وتكاثر الضلالات بشأنها.. فنقول: أولا: الخدمة العسكرية إلزامية في سوريا – كما في مصر- لكل ذكر غير وحيد (له أشقاء ذكور من كلا الوالدين) تجاوز الثامنة عشر من عمره، مدة الخدمة الإلزامية سنة ونصف، وبحسب آخر الإحصائيات التقريبية – قبل أحداث ما جرى وصفه بالربيع العربي- عن التركيبة الدينية والمذهبية للشعب السوري نجد أن نحو 65% مسلمين سنّة، و9% مسيحيين، و11% علويين، والأكراد 10% معظمهم "سنّة"، والباقي دروز وغير ذلك، وهذا يحتّم أن تشكيلة الجيش – الذي ينضم إليه أفراده إلزاميًا – تتناسب طرديًا مع عدد أتباع كل مذهب، بمعنى أن السنّة بالجيش بالضرورة نسبتهم قريبة من ال75% (عرب وأكراد)، وتزيد النّسَب تارة وتقل تارة حسب حاجة القوات المسلحة لتجديد صفوفها ووفقًا لإختبارات القبول الطبية. ثانيًا: كنا نرى أن نشر نسبة أتباع المذهب السني بسوريا وإسقاط ذلك على الجيش كافيًا وحده للرد على أكذوبة الطائفية، ولكن دأب المشككون على القفز على الحقائق وتخطيها لإيجاد ثغرة جديدة يصبغون من خلالها مؤامرتهم بطابع ديني يثير عاطفة أبناء الدول العربية الأخرى والذين تُحجب عنهم الحقيقة كاملة وتتفنّن وسائل الإعلام في عرض النصف الذي يخدم مزاعمهم، فأشاعوا أن هذا التأصيل للتركيبة المذهبية للجيش السوري ينطبق على الجنود أو ضباط الصف "المساعدون والرقباء"، أما القادة فهم علويون ينتمون إلي مذهب الرئيس، ولا نجد ردًا على هذا الإفتراء خيرًا من ذكر أسماء وزراء الدفاع السوريين "ومذاهبهم الدينية" منذ عام 1974 وحتى اللحظة : أ- مصطفى طلاس 1974 – 2004 "سني" ب- حسن توركماني مايو 2004 – يونيو 2009 "سني" ج- علي حبيب يونيو 2009- أغسطس 2011 "علوي" ونشير هنا إلي أن حبيب "العلوي" هو الوحيد بين كبار القادة الذي تناقلت الفضائيات والصحف الغربية أخبار – غير مؤكدة – عن انشقاقه عن الجيش السوري بسبب معارضته لبشار لأسد، وبسبب إقالته التي قيل أنها بسبب معارضته دخول الجيش إلى مدينة حماه !!. د- داوود راجحة أغسطس 2011- يوليو 2012 "مسيحي" ه- فهد جاسم الفريج يوليو 2012 وحتى الآن "سني" ثالثًا: الأجهزة السيادية المسئولة بالأساس عن حامية الأمن القومي في أي دولة هي عصب النظام، وبعضها يتبع بشكل مباشر القوات المسلحة والباقي ينسق معها في إطار مؤسسة الدولة الأمنية التي تشمل الجيش والشرطة، وإن راجعنا السيرة الذاتية لمدير المخابرات العامة السورية "على مملوك" لوجدناه سنّي المذهب هاجرت أسرته من لواء اسكندرون إلى دمشق التي ولد بها، والحال ذاته يتكرر مع "رستم غزاله" السنّي الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية ثم رئيسًا للأمن السياسي بعد تفجير مبنى الأمن القومي السوري في يوليو 2012، ليحل مكان اللواء ديب زيتون "السنّي" الذي صار رئيسًا لأمن الدولة. - ندرك ونحن نعرض هذه الحقائق التي بنينا عليها موقفنا أن الآلة الإعلامية الصاخبة قد لوثت عقول الكثيرين، ولكن طمَعنا في أن نزيل بعضًا من هذا الزيف ونفتح بابًا ليعيد البعض من خلاله تقييم الموقف وأن يستند إلي المنطق والعقل قبل العاطفة – المحمودة بطبيعة الحال طالما وُظّفت في الإتجاه السليم -، وتأتي ثقتنا في زيادة وعي الشارع المصري بحقيقة المؤامرة على قلب العروبة والإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة "سوريا"، من منطلق إيماننا الذي لا يتخلله ريب بوعي الشعب الفطري وتمييزه العدو من الصديق واستنادًا إلي أن سيناريو الإرهاب يتكرر في مصر بعد إزاحة الإخوان عن الحكم وتتشابه فصوله في أشياء عديدة منها الدعم الأمريكي والتزييف الإعلامي.